ما حكم ’الحب’ في فترة الخطوبة؟

تعريف الحب

الحُب هو انجذاب القلب بصورة غير إرادية نحو المحبوب من الجنس الآخر لأسباب قد تختلف من شخص لآخر، وقد يرافق الحب أنواعاً من التمنيات والآمال والتصورات، كأن يتمنى الحبيب أن تصبح حبيبته شريكة حياته.

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

الحكم الشرعي للحب

إن الإسلام لا يخالف الحُب و لا يُحرِّمَه بصورة مطلقة، بل يُقدِّسَه و يحترمه و يُثيب عليه إن كان حباً صادقاً متصفاً بالصفات الشرعية التي دعت الشريعة الإسلامية إليه، وذلك لأن الحُب في واقعه أمر غريزي وفطري وآية من آيات الله المهمة، جعله الله عزَّ و جلَّ بين الجنسين سبباً لاستمرار النسل البشري واستقراره وراحته وسدِّ حاجته، ورفع النقص والحرمان عن الجنسين بواسطة انشداد كل منهما إلى الآخر لكن بالطرق المشروعة وضمن الأطر الشرعية، قال الله عزَّ و جلَّ: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾.

فإذا كان الحب صادقاً منبثقاً من القلب وبأهداف سليمة وشرعية، بُغية الوصول إلى زواج شرعي، فهذا النوع من الحب جائز لا إشكال فيه إن توقف عند هذا الحد، ما لم يتعدى إلى النظر أو اللمس المُحرَّم، أو المحادثات المحرَّمة.

ولعل الصحيح أن هذا النوع من الحُب ـ البريء من الحرام ـ ليس له مصداق في الواقع الخارجي ـ قبل عقد الزواج ـ إلا نادراً، ذلك لأن أغلب ما يجري بين الجنسين في العصر الحاضر ليس من هذا القبيل، بل هو علاقة جنسية شبه متكاملة ملؤها الافتتان والإثارة والشهوة المحرمة التي تكون عاقبتها الانزلاق إلى مهاوي الرذيلة والفساد، ومن الواضح أن هذا النوع من الحب حرام يجب الابتعاد عنه.

الحب المشروع

أما الحُب المشروع الذي دعا إليه الإسلام هو الحب الصادق والطاهر الذي لا بُدَّ أن يكون بين الزوجين، والذي إن حصل سيحول العش الزوجي إلى جنة تملؤها السعادة والهناء.

حب النساء

رُوِيَ عَنْ الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السَّلام) أنه قَالَ: "مِنْ أَخْلَاقِ الْأَنْبِيَاءِ حُبُّ النِّسَاءِ ".

وَعَنْ الإمام الصادق (عليه السَّلام) أيضاً أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله): "قَوْلُ الرَّجُلِ لِلْمَرْأَةِ إِنِّي أُحِبُّكِ لَا يَذْهَبُ مِنْ قَلْبِهَا أَبَداً ".

حكم الحب المتبادل خلال فترة الخطوبة

ما يجري من الحديث بين الخطيب وخطيبته خلال فترة الخطوبة ـ قبل أن يتم العقد الشرعي للزواج يجب أن لا يخرج عن حدود التخاطب الجائز بين الرجل و المرأة غير المحرمين، حيث أن الخطيبين ما لم يتم إجراء عقد الزواج الشرعي بينهما حكمها من الناحية الشرعية حكم ما قبل الخطوبة، و الخطوبة لا تحدث شيئاً، فعليهما تجنب الكلام المثير للشهوة كالمغازلة و كلمات الحب.

ثم ما المانع من أن يتم عقد القَران الشرعي والرسمي بين الخطيبين منذ الساعات الأولى من الاتفاق على الخطوبة ـ ويؤخر الزواج بالتوافق بينهما حتى يتم التحضير له ـ وذلك حتى لا يقع الشباب والفتيات في الحرام.

حكم الحديث المتبادل بين الجنسين

التحادث عبر الهاتف بين الجنسين غير المَحارم جائز فيما لو كان الحديث المتبادل بينهما حديثاً عادياً خالياً عن المغازلة والغرام والجنس، فتجوز المحادثات العلمية أو التجارية أو المَعرفيَّة الخالية عن الغرام والجنس ما لم يخش الإنسان على نفسه من الانجرار إلى المحادثات الغرامية المُحرَّمة.

*الشيخ صالح الكرباسي