الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن آراء أو وجهات النظر أو السياسات الرسمية لـ «موقع الأئمة الاثني عشر».
بات كسر الحظر سواء كان شاملاً أو مناطقياً أمراً معتاداً في العراق، وغدت قرارات خلية الأزمة تصطدم بعقبات عدم التنفيذ لاسيما في المناطق الشعبية بل إنَّ تهديد المخالفين ووعيدهم بفرض عقوبات وغرامات لم يعدّ يجدي نفعاً.
ولعلَّ أهم الأسباب كسر الحظر الصحي المفروض لمواجهة وباء كورونا، هي: اقتصادية ويكاد يكون العامل الاقتصادي هو الدافع الرئيسي لكسر الحظر، ويعدّ الكسبة وأصحاب الدخل المحدود هم المتضررين في الدرجة الأولى، وكان يمكن وضع آليات لمساعدتهم مالياً، وبالتأكيد لن نطالب بتخصيص أرقام هواتف للمحتاجين يسعفون طلباتهم ويهرعون لمساعدتهم كبعض الدول، ولن نقول بضرورة توزيع سلال غذائية حكومية للمحتاجين أو توضع عند أبوابهم كالصين، بل طالبنا بالمعقول كالمنحة التي وُعدوا بها بعد التسجيل عليها وعلى الرغم من قلة مبلغها إلا أنها لم تسلم إليهم، ولغاية تاريخ كتابة هذه السطور 30/5/2020.
أما الموظفون والمتقاعدون ومستلمو رواتب الرعاية الاجتماعية فإن وضعهم بات مقلقاً، فالرواتب شرعت بالتأخير بالتزامن مع تصريحات من هنا وهناك بخفضها أو باستقطاعات قد تطالها، وشهد شهر نيسان تأخير في رواتب المتقاعدين، فيما أخرت مستحقات جميع الموظفين في شهر أيار، وكانت في السابق توزع قبل أيام العيد. أما فئة المحالين إلى التقاعد حديثاً وعدم استلام مستحقاتهم حتى الآن؛ فتلك مشكلة أخرى والله يكون في عونهم!
ولم يعدّ خافياً أنَّ تأزم الوضع الاقتصادي في العراق يأتي بعد انهيار أسعار النفط بسبب جائحة كورونا والكساد العالمي وقلة الطلب عليه، وأصبح الشغل الشاغل للجميع هو ترقب أسعار النفط، داعين المولى في سرّهم وعلنهم أن يرتفع سعر برميله باعتباره المنقذ الوحيد لنا من أزمتنا الاقتصادية والمرتكز الأوحد لرواتبنا!.
أما السبب الأخر لكسر الحظر هو عدم الوعي بخطورة الوضع والاستهانة بالتعليمات الصحية؛ لذا يجب توجيه الدعوة للرموز الدينية والشخصيات العشائرية والرياضية والفنية والثقافية لتقوم بمهامها في التوعية بخطورة هذا الوباء عبر توجيه رسائل صوتية أو فيديوية تحث على البقاء في البيوت. ولعلَّ من أسباب كسر الحظر لاسيما في المناطق الشعبية: مساحة البيوت الصغيرة مقارنة بعدد سكانها، على سبيل المثال مساحة بعض بيوت مدينة الصدر لا تتجاوز ال 70 متراً مربعاً، وقد يقطنها ما لا يقل عن عشرة أشخاص، فبقاء هذا العدد في هذه البقعة لمدة أيام أمر شبه مستحيل!
أما الدافع الآخر لكسر الحجر الصحي والمكوث الإجباري في المنازل فهو الملل والضجر دون معرفة استثمار هذه الأوقات من العزلة الاجبارية بشكل سليم ومخطط له، كما أدى توقف الدراسة لمختلف الفئات العمرية إلى دفع التلاميذ والطلبة لقضاء جلّ أوقاتهم أمام الأجهزة الذكية. ويمكن أن تعالج هذه المشكلة بعدّة خيارات، منها: تصفح مواقع المكتبات الالكترونية: التي تسهم بتزويد القراء بمختلف الكتب، كما فعلت معظم الدول أو قيام الوزارات والمؤسسات الحكومية بإعداد دورات الكترونية لتطوير مختلف المهارات، وكذلك اعداد برامج رياضية الكترونية وتدريب الأطفال والهواة والفتية مع إعداد برامج لتعليم فن الطبخ والخياطة ومختلف الحرف للنساء تهدف لتطوير المهارات الشخصية وزيادة الدخل عند رفع الحظر فضلاً عن عقد محاضرات الكترونية تثقيفية عن كيفية استثمار الوقت وإدارة الأزمات وتقديم مقترحات للعوائل بهذا الشأن، بل محاضرات صحية واقتصادية تبث عبر تطبيقات الواتساب أو زوم أو fcc)) أو أي منصة من منصات مواقع التواصل الاجتماعي،.
كذلك تلك الخاصة بالعنف الأسري وتوجيه دعوات للمتخصصين في القانون وعلم النفس للوقوف على هذه المشكلة والحدّ منها، كما يمكن تنظيم مسابقات الكترونية للصغار والفتية والشباب بمختلف الاختصاصات لتنمية قدراتهم واكتشاف مواهبهم، تكون معدّة من الوزارات ومؤسسات الدولة أو الاتحادات والنقابات ذات الشأن، وفي ظل هذه الظروف لا يجب أن ننس دور الجيش الأبيض في التصدي لفايروس كوفيد 19 لذا تُنظم مبادرات كتحية لهم الكترونيا أو نشر بوستات وشعارات تهدى لهم.
وقبل الختام أنَّ "جائحة كورونا" سببت أزمات جمّة لأغلب بلدان العالم، وشكلت تهديداً للبشرية لم يسبق لها مثيل، وبدت بلدان متقدمة تقنياً وصحياً واقتصادياً مترنحة متهاوية متهالكة من ضربات هذا الكائن غير المرئي، فكيف الأمر ببلدٍ لا يجيد إدارة الأزمات وملفات الفساد تثقل كاهله؟!، ويبقى الصبر وضبط النفس والإرادة مفاتيح في غاية الأهمية للتغلب على الصعاب.