الحقيقة التي لا تقبل الشك، هي أن الله تبارك وتعالى عندما يربط الرجل بالمرأة عبر ميثاق الزواج، فإنه ينثر عليهما \المودة\ و \الرحمة\ معاً في واحدة من أجلى صور آيات العظمة في القدرة على الخلق، وقد صرح بذلك في قوله: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (الروم: 21).
غير أن ما يحدث بعد ذلك هو تراجع هذين العاملين المهمين بسبب دوامة المشاكل والتحديات التي تواجه الزوجين، ومن هنا ينبغي السعي مجدداً لإعادة ضبط توازن هذه العلاقة الفريدة بين الرجل والمرأة التي جعلها الله رحمة لهما.
وفي هذا المقال، سأبين جملة من العوامل التي ننصح من خلالها الزوجين باتباعها على أمل تحقيق الرحمة بينمها لينعما بحياة هانئة ويحققان بيئة صحية لتنشئة أسرة فاضلة.
تتحقق الرحمة بين الزوجين من خلال الامور التالية :
1- التغافل والتسامح
ينبغي على الزوجين عدم الوقوف احدهما عند هفوات الاخر والتدقيق فيها والإفراط في المحاسبة على أساسها, فإن هذا الامر يعكر صفو الحياة الزوجية وينغصها, فمن اراد السعادة الزوجية فعليه أن يتقن التغافل عن الأخطاء اليسيرة ويتبنى مبدأ التسامح، وعن الامام علي (عليه السلام) \من لم يتغافل ويغض عن كثير من الامور تنغصت عيشته\.
(الريشهري , محمد , ميزان الحكمة , ج3, ص2217).
2- الاعانة والخدمة
ان تدبير المنزل، نظافةً وترتيباً وتحضيراً للطعام وما شاكل، ليس من مسؤوليات المرأة الإلزامية، والظاهر لنا من النصوص المأثورة، أن الله تعالى اراد للزوجة في حياتها ان تنطلق في ذلك من العطاء الذاتي لا من قانون ملزم, لذا بين الله تعالى الثواب الجزيل للزوجة التي تعمل في اطار تدبير المنزل, وهذا ما نلاحظه في الاحاديث التالية:
عن الرسول الاكرم محمد (صلى الله عليه واله وسلم): \ايما امرأة خدمت زوجها سبعة ايام, غلق الله عنها سبعة ابواب النار, وفتح لها ثمانية ابواب جنة , تدخل من ايها شاءت\ (الحر العاملي , محمد حسن , وسائل الشيعة ,ج20 , ص172).
وعن الامام الصادق ( عليه السلام ): \ان رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم ) قال: ايما امرأة رفعت من بيت زوجها شيئا من موضع الى موضع تريد به صلاحا نظر الله عز وجل اليها , ومن نظر الله اليه لم يعذبه\. (المجلسي , محمد باقر , بحار الانوار , ج 100, ص251).
وعن النبي (صلى الله عليه واله وسلم ) \ما من امرأة تسقي زوجها شربة ماء الا كان خيرا لها من سنة صيام نهارها, وقيام ليلها ويبني الله لها بكل شربة تسقي زوجها مدينة في الجنة, وغفر لها ستين خطيئة\. (الحر العاملي , محمد حسن , وسائل الشيعة , ج 20 , ص172).
ليس ما في هذه الروايات الشريفة آنفة الذكر ما يلزم أو يجبرها بأداء واجبات البيت لوحدها، نعم، هناك حث على ذلك، لكن جملة من الروايات تبين أن رسول الله كان يكون في خدمة زوجاته، كما أنه كان يحث الرجال على خدمة الزوجة والعيال ومنها الاحاديث النبوية التالية:
\ان الرجل اذا سقى امرأته من الماء اجر\ (ابن حنبل , احمد , مسند احمد , (لا , ط) , دار صادر , بيروت , ج4, ص128).
\يا علي, لا يخدم العيال الا صديق او شهيد, او رجل يريد الله به خير الدنيا والاخرة \ (المجلسي , محمد باقر , بحار الانوار , ج 101, ص132).
3- الاهتمام والاكرام
حث النبي ( صلى الله عليه واله وسلم ) واهل بيته ( عليهم السلام ) في ما ورد عنهم من روايات على ابراز اهتمام كل من الزوجين بالآخر واكرامه فعن النبي محمد ( صلى الله عليه واله وسلم ) \من اتخذ زوجة فليكرمها\ (البروجردي , حسين , جامع احاديث الشيعة , ج20 , ص 250).
ومن مصاديق هذا الاهتمام جلوس الزوج مع زوجته وباقي افراد الاسرة وهذا ما دعا اليه الرسول الاكرم ( صلى الله عليه واله وسلم ) بقوله \جلوس المرء عند عياله احب الى الله تعالى من اعتكاف في مسجدي هذا\. (الريشهري , محمد , ميزان الحكمة , ج 2, ص 1186).
*مركز الإرشاد الأسري