منذ التغيير السياسي الكبير الذي حدث في العراق بعد أحداث عام 2003 وحتى هذه اللحظة، لايزال مجتمعنا عرضة لدخول كل ما هو غريب عن ثقافته ومتبناه الأخلاقي، وكثيراً ما يلعب الشغف دوراً هائلاً في دفع الناس إلى اقتناء كل ما كان غريباً عنهم، فقد ملئت الأسواق وأمكنة التبضع المختلفة بالصالح والرديئ من السلع، وما ذلك إلا لفقدان وغياب أجهزة السيطرة، في تحديد شكل البضائع التي يسمح لها بإجتياز الحدود، ومنع الأخرى التي قد تسبب الأضرار المادية والمعنوية للفرد والمجتمع.
ولم يقف الحد عند البضائع والسلع، بل للتكنلوجيا كان نصيب مماثل، حيث أخذت مأخذها بين أفراد المجتمع الراقي، ففي هذه الأيام أصبح ـ على سبيل المثال ـ من السهل جداً على كل فرد اقتناء ما يعرف بالأجهزة الذكية، والتي يسهل ربطها بمواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعي.
وقد أصبح لهذه المواقع والتطبيقات دور كبير في الحياة اليومية، حتى لم يعد بالإمكان الإستغناء عنها. وللوقوف على معرفة منافع ومضار إستخدام هذه الشبكات نذكر جملة من النقاط:
النقطة الأولى: يقصد بمواقع التواصل الاجتماعي: مجموعة البرامج والمواقع المختلفة على الشبكة العنكبوتية، والتي يمكن من خلالها التواصل بين مختلف الأفراد، وشكل هذا التواصل قد يكون بواسطة الرسائل الألكترونية، أو الإتصال المسموع والمرئي، وقد يكون الهدف من هذا التواصل، التعرف على أصدقاء جدد أو الإطلاع على ثقافة معينة لبلد ما، أو تكوين بعض الأفراد لمجموعات تحمل صفة معينة أو مهنة مشتركة.
النقطة الثانية : إن لهذه الشبكات نقاط إيجابية كثيرة جداً، فهي تتيح لمستخدميها إنشاء عالم افتراضي، يمكنهم من خلاله التواصل ومعرفة بعضهم البعض، لأن الإنسان يميل بطبيعته الى الأنس بأفراد نوعه، وهذا ما توفره هذه الشبكة، أضف الى ذلك أنها توفر ما عجزت عن توفيره السياسة حيث أن الحدود الجغرافية مفقودة بين المتواصلين.
النقطة الثالثة: إن هذه الشبكات سيف ذو حدين فبالإمكان أن تستخدم في التطور والرقي، فكم من المكاتب والكتب والأبحاث متوفرة ويسهل على المتلقي الحصول عليها بسلاسة ويسر، ويمكن أن تكون أداةً لتدمير الفرد والمجتمع أخلاقياً وفكرياً، فكم من المواقع التي تبث سمومها عبر مشاهد فاضحة تخدش الحياء، وتنتهك العفة، وهناك مواقع كانت الواجهة الأساسية لإستقطاب المتطرفين وتجنيدهم وزجه في التنظيمات الإرهابية التي أهلكت الحرث والنسل.
ترشيد الاستخدام
رغم إن هذه الشبكات كان لها دور مهم في الحياة اليومية، إلا إننا نرى الكثير من المستخدمين يصرف جل وقته في إستخدامها، والسواد الأعظم من هؤلاء يكون استخدامه لمجرد إضاعة الوقت، فعلى سبيل المثال لو أخذنا موقع (الفيسبوك) لوجدنا أن كثيراً من منشورات صفحاته، يقوم أصحابها بنشر ما لا لون و لا طعم ولا رائحة له، فما هي الجدوى من نشر شخص معين وقوفه بجنب حائط أو نشر صورته وهو يتأمل؟!
والأدهى والأمر من ذلك التعليقات التي تنهال عليه من كل حدب وصوب (منور، مضوي، علم، الخ ..) .
الآثار السلبية لوسائل التواصل على العلاقة الزوجية
إن العلاقات الزوجية قد تأخذ في بعض الأحيان شكل الخمول والفتور بين الطرفين، ولذا قد يلجأ كل طرف منهما الى البحث عن البديل، ومن أسهل تلك الوسائل هي الولوج الى العالم الرقمي الإفتراضي، الذي يتيح لكل منهما ملئ الفراغ العاطفي والنفسي الذي يخلفه ضعف العلاقة.
وهذا الأمر كان لها الأثر البالغ حول إرتفاع مستوى حالات الطلاق حول العالم، حيث أشارت بعض الإحصائيات الى عدد المستخدمين لبرنامج الفيسبوك قد إرتفع بشكل ملحوظ في هذه الفترة حيث بلغ عدد المستخدمين أكثر بنسبة20% عن الماضي لكن في المقابل كان لظاهرة الطلاق نصيبها من الإرتفاع، حيث زادت بنسبة 2.18%.
فعلى سبيل المثال سجلت المحاكم العراقية 4402 حالة طلاق في تشرين الأول المنصرم، وأكد باحثون اجتماعيون أن شبكة التواصل كانت من أبرز الأسباب التي أدت الى ذلك.
وأما في مصر فقد قام الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء وهو الجهاز الرسمي للإحصاء في مصر حيث يقوم بجمع ومعالجة وتحليل ونشر كل البيانات الاحصائية والتعداد السكاني.
فقد اشار هذا الجهاز إلى حصول 40،000 حالة طلاق في عام 2016 كانت بسبب وسائل التواصل الاجتماعي وبالأخص برنامج الفيس بوك وتويتر حيث ينشغل الأزواج عن بعضهما البعض.
أما الدول الغربية فليست بمنأى عن هذه الظاهرة، حيث أكدت بعض التقارير أن ما نسبته 33% من حالات الطلاق لعام 2011 في بريطانيا كانت بسبب الفيسبوك.
وأما في إيطاليا فقد كانت النسبة أكبر، حيث ذكرت صحيفة (الإندبندنت) أن 40% من حالات الطلاق كانت بسبب وسائل التواصل.
وأما في فرنسا فقد قام أحد المواقع المعنية بدراسة هذه الظاهرة حيث كشف عن إحصائية مرعبة مفادها أن من بين كل ثلاث حالات زواج تنتهي واحدة بالطلاق بسبب (الفيس بوك).