قال وكيل المرجعية العليا، السيد أحمد الصافي، الخميس، 17 حزيران، 2021، إن الاستجابة للفتوى حدثت من جماهير الناس من الشعب، وتساءل في كلمة له في افتتاح فعّالياتِ النسخة الخامسة من مؤتمر فتوى الدّفاع الكفائيّ عن الأسباب التي "أوقعت العراق في الفخ".
وأضاف سماحته: إن "الاستجابة للفتوى حدثت من جماهير الناس من الشعب، (...) واليوم نحن نعيش حالة استذكار الفتوى والنصر الذي تحقّق في نفس الوقت، لكن الجماهير هي التي ساعدت واستجابت وسارعت، بمجرّد أن صدرت الفتوى الجماهير زحفت إلى مواقع التهيئة للقتال، مَنْ هؤلاء الذين قاتلوا؟ أعمارهم متباينة ومختلفة وقد ذكرناها في أكثر من مناسبة، أقول هؤلاء الآن الاستحقاقات التي لهم مَن المتكفّلُ بها؟!!".
ولفت السيد الصافي إلى أن "هؤلاء عشقوا البلد ونزفت دماؤهم على أرضه، ولم يفرّقوا بين مدينتهم ومدينةٍ أخرى تبعد أكثر من 400 كليومتر عنهم، فالعراق كلّه بلدهم ونزفت دماؤهم هناك، كيف نتعامل مع هؤلاء؟! كشهداء من جهةٍ وكجرحى أحياء من جهةٍ أخرى، وكطليعةٍ مؤمنةٍ من أبناء البلد ما زالت تحمل البندقيّة على كتفها، كيف نتعامل مع هؤلاء؟!!".
وأكمل سماحته بالقول: "الشهداء كيف نجزيهم بما قالوا وفعلوا؟! في إحدى الخطب التي ذكرها سماحةُ السيّد المرجع الأعلى اكتفى بالآية الشريفة (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا)، قال: هذه الآية تعطي الجزاء، فنحن ما نقول فيهم ونتعامل به معهم قطعاً سيكون أقلّ من هذا الجزاء".
وأشار وكيل المرجعية إلى أن "هناك جهاتٌ رسميّة عليها أن لا تكتفي بالآية، بل عليها أن تتعامل مع هؤلاء كما يليق بهم، فهم صنعوا تاريخاً بدمائهم وهم مفخرة، عندما نريد أن نفتخر بالعراق نذكر الشهداء، نقول: هؤلاء أوقفوا هذا الزحف الداعشيّ، فالجهات الرسميّة ماذا تفعل لهم؟".
وقال سماحته إن "الجرحى هم شبابٌ بعمر الورد منهم مَنْ فقَدَ بعضَ أعضائه، الدولة والجهات الرسميّة ماذا تفعل لهؤلاء".
وتابع: "أنا لا أقول شعارات أنا صريح في هذه الأمور، فالشعارُ لا يُغني، لكن عمليّاً ماذا فعلنا؟!!المقاتلون الأعزّة الذين ما زالوا في جبهات القتال، وعيونهم ساهرةٌ وهم يحملون بنادقهم على أكتافهم ما هو المفروض أن يُهيّأ لهم؟ مع مناقشة أسباب المشكلة التي حدثت، كيف عالجنا المشكلة في وقتها حتّى لا يتكرّر المشهد أو بعضه، ما هي الخطوات العمليّة؟".
وشدد سماحته على أن "على المسؤولين أن يستفيدوا كثيراً من التجربة التي حصلت، وأكرّر سؤالي الأوّل (لولا الفتوى ما كان سيحدث؟)، فإذن عندما نتعاون لابُدّ أن نهيّئ الأرضيّة الطيّبة لسرعة الانتصار، فالانتصار يحتاج إلى أدوات، لابُدّ أن نهيّئ الأرضيّة الطيّبة الصلبة القويّة لسرعة الانتصار، ولا نسمح بتكرار بعض المشهد فهذا لا يُمكن، يجب أن نكون كالبنيان المرصوص الذي لا يُمكن أن يُخترق".
وأكمل وكيل المرجعية بالقول: "هذه ليست مسؤوليّة الناس فقط إنّما مسؤوليّة الجهات الرسميّة، التي عليها استحقاق، ما دام هو في مرتبةٍ متقدّمة فعليه استحقاقات، أن يحفظ البلاد ويحافظ عليها، أن يقرأ المشكلة كيف حدثت، ثمّ تبدأ المعالجات الحقيقيّة والجادّة في ذلك، فالفساد أمرٌ خطير وهو معركة، كما في خطبة النصر التي عبّر عنها سماحة المرجع الدينيّ الأعلى أنّنا سنبدأ معركةً جديدة، وهذه المعركة قد تكون أخطر من المعركة السابقة، التي كانت تحتاج إلى قوّة وتحتاج إلى همّة رجال، والعدوّ مشخّص والحمد لله، وبعد ثلاث سنواتٍ من القتال الضاري استطاع العراقيّون أن يعيدوا خارطة العراق إلى ما كانت عليه، والعلم العراقيّ بقي ناصعاً ولم يلوّثه ملوّث".
ولفت سماحته إلى أن "المعركة الأخطر هي معركة الفساد الذي هو كحشرة الإرضة عندما يأتي على بنيانٍ سرعان ما يهدّه، وإذا ضرب الفسادُ كلّ مفاصل الدولة فستنهار، فلابُدّ من إجراءاتٍ حقيقيّة وواقعيّة، فنحن نسلتذّ بما حصل من الاستجابة الكبيرة لكن هذا يحتاج إلى أن تستمرّ، ونقول إنّ العراق قد تعافى واستفاد من التجربة استفادةً جمّة، وأُعِيد بناءُ جميع المؤسّسات التي كانت تعاني من بناءٍ معوجّ".