ذعر وضحايا: لماذا يودع العراقيون موتاهم بالرصاص؟!

موقع الأئمة الاثني عشر
زيارات:1121
مشاركة
A+ A A-

تنويه: المعلومات والآراء الواردة في هذا المحتوى تمثل رأي مؤلفها ولا تعكس بالضرورة رأي أو سياسة «الأئمة الاثنا عشر»

مواقع التواصل تعج بفيديوهات لمشيعي جنائز وهم يطلقون الرصاص الحي بشكل مكثف وتبدو المراسم وكأنها "ساحة حرب" أو "معركة بين جيشين"

كتب جبار الكناني:

 أمام جمع غفير من المشيعين أوقف علي كريم (20 عاما) جنازة والده شيخ العشيرة الذي غيبه الموت نتيجة مضاعفات كورونا قبل شهر من الآن، وبحضور الجميع ألقى الشاب المفجوع قصائد وأهازيج يرثي فيها والده، وسط بكاء المشيعين وقبل أن يوارى الثرى في مقبرة وادي السلام بمحافظة النجف (جنوب بغداد).

اشترك في قناتنا ليصلك كل جديد

لكن هذا المشهد أقل حدة من مشهد توديع الجنائز بإطلاق العيارات النارية في الهواء الطلق المنتشرة في بعض مناطق بغداد والمحافظات الأخرى، حيث يشاهد رواد مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات لمشيعي جنائز وهم يطلقون الرصاص الحي بشكل مكثف وتبدو وكأنها "ساحة حرب" أو "معركة قتالية".

في هذا التقرير، نحاول الإجابة عن الاستفسارات حول هذا الموضوع وأسبابه وتاريخه ونشوئه.

ظاهرة قديمة

يقول الشيخ أحمد عبيد (54 عاما) -وهو أحد وجهاء إحدى العشائر المعروفة في العراق- إن ظاهرة إطلاق الأهازيج والقصائد الحزينة واستخدام العيارات النارية عند حصول الوفيات أو عند التشييع -ولا سيما للشخصيات المعروفة اجتماعيا في البلد أو في مناطقها- ليست جديدة عند العراق والعراقيين، بل هي قديمة ومضى عليها قرن من الزمن أو أكثر.

وهو ما يتفق معه الباحث الاجتماعي علاء وليد بالقول إن ظاهرة توديع الموتى بالقصائد والأهازيج والرمي (الرصاص) العشوائي في الهواء الطلق قديمة جدا، ولا يمكن تحديد هذه الظاهرة -التي انتشرت في العقود الأخيرة بشكل مكثف ومن دون رادع أمني يذكر من السلطات المحلية- بفترة زمنية معينة.

وتسبب إطلاق العيارات النارية في الجنائز والمناسبات الاجتماعية في قتل وإصابة مشيعين وعدد من سكان المناطق المجاورة نتيجة "الرمي العشوائي"، إضافة إلى الذعر الذي تسببه هذه الظاهرة.

وأكد وليد أن إلقاء القصائد والأهازيج في تشييع الموتى والمناسبات الدينية والاجتماعية أصبح مصدر رزق للبعض.

غياب الاتصالات

ويعتقد الشيخ عبيد أنه في السابق عندما كان يموت شخص ما في قرية فإن ذويه أو أقاربه يطلقون عيارات نارية عدة باتجاه القرى المجاورة كنوع من الإخبار عن الوفاة، وهذا الأمر يعود إلى غياب الاتصالات في ذلك الزمن.

وأشار إلى أنه "رغم وجود الاتصالات الحديثة التي جعلت العالم قرية صغيرة فإن تلك الظاهرة ازدادت بشكل غريب جدا في السنوات السابقة وازدهرت الآن، إذ بات تشييع بعض الشخصيات أشبه بالحرب المفتوحة بين بلدين بسبب كثرة الرمي فيها، فضلا عن تنوع الأسلحة (الخفيفة والمتوسطة)، وفي بعض الأحيان وصل الجهل أو الاستهتار بالبعض إلى استخدام القاذفات".

وأوضح أنه "رغم منع هذه الظاهرة من قبل زعماء القبائل وكذلك رجال الدين والجهات الحكومية فإنها تزداد، وهذه الزيادة جاءت نتيجة وجود السلاح المنفلت، وكذلك عدم قيام الجهات الأمنية بتفعيل القوانين الرادعة لمثل هذه التصرفات".

الموقف القانوني

بدوره، يرى الخبير القانوني علي التميمي أن قانون حظر الألعاب النارية رقم 2 لسنة 2012 منع استيراد أو تصنيع أو تداول أو بيع الألعاب المحرضة على العنف، أي الألعاب النارية، ويعاقب من يفعل ذلك بالحبس 3 سنوات والغرامة 10 ملايين دينار (ما يقارب 7 آلاف دولار).

وأشار التميمي إلى أن "قانون الأسلحة رقم 51 لسنة 2017 عاقب في المادة 24 منه على حمل السلاح بدون رخصة بالحبس والغرامات، وهو يحتاج إلى التطبيق، أيضا عاقب القانون 570 لسنة 1982 بالحبس 3 سنوات كل من يطلق العيارات النارية في المناسبات".

ولفت إلى أن "ظاهرة العيارات النارية انتشرت بشكل كبير، وهي تحتاج إلى حلول كما في بلدان العالم".

من جهته، يرى الخبير الأمني علي البيدر أن ظاهرة إلقاء الأهازيج والقصائد وإطلاق النار العشوائي تعود إلى العرف الاجتماعي، وهو موروث عشائري قبلي لا يمكن للدولة السيطرة عليه، وقد تسبب بوقوع الكثير من الضحايا.

واعتبر البيدر أن "الدولة اليوم منشغلة بالكثير من الأزمات الأمنية، وحين تستطيع السيطرة عليها يمكنها حينها أن تحجم ذلك عبر القيام بحملة كبرى لجمع السلاح غير المرخص في البلاد، وبعدها فرض قانون حازم يعاقب بالسجن والغرامة المالية على من يقوم بذلك".

وطالب بإطلاق حملة تثقيفية كبيرة للترويج ضد هذه الظاهرة بمشاركة جميع مؤسسات الدولة، بما في ذلك المؤسسات التربوية والتعليمية ووسائل الإعلام.

المصدر: الجزيرة

مواضيع مختارة