كتب: مات ماغراث
أظهرت دراسة جديدة أن نسبة سكان العالم المعرضين لخطر الفيضانات ارتفعت بنحو الربع منذ عام 2000.
واستخدمت صور الأقمار الصناعية لتوثيق الارتفاع، وهو أكبر بكثير مما توقعته نماذج الكمبيوتر.
وأظهرت الدراسة أن سبب الارتفاع السريع في نسبة السكان المعرضين، يعود إلى الهجرة، وإلى زيادة الفيضانات المسجلة في العالم.
وبحلول عام 2030، سيواجه ملايين آخرون فيضانات متزايدة بسبب تغير المناخ والتغير الديموغرافي، كما يقول معدو الدراسة.
وتردد صدى هذا الرأي في جميع أنحاء العالم في الأسابيع الأخيرة، بعد فيضانات ضخمة أتت على الأرواح والممتلكات.
في ألمانيا والصين، لم تتمكن أنظمة الوقاية من الفيضان من حماية البلاد من الأمطار الغزيرة التي تسببت بخسائر ضخمة، ما أحدث جدلاً كبيراً حول مستويات الاستعداد لكوارث مماثلة.
ووفقاً للباحثين، فإن أحد تحديات الفيضانات هو أن معظم الخرائط للمناطق التي يمكن أن تغزوها المياه، تستند إلى نماذج محاكاة.
تحاكي تلك النماذج الفيضانات بناءً على معلومات مثل الارتفاع والأمطار والبيانات من أجهزة الاستشعار الأرضية، ولكنها تعاني من أوجه قصور كبيرة، إذ أنها لا تراعي التغيرات السكانية أو البنية التحتية كما أنها غير قادرة على التنبؤ بأحداث عشوائية مثل خروقات السدود.
لذلك عندما ضرب إعصار هارفي تكساس في عام 2017، غمرت المياه حوالي 80 ألف منزل لم تكن موجودة على الخرائط الحكومية المعدّة لتوقّع المخاطر.
وفي الدراسة الجديدة، راجع الباحثون صور الأقمار الصناعية اليومية لتقدير مدى الفيضانات الجغرافي وعدد الأشخاص المعرضين لأكثر من 900 فيضان كبير بين عامي 2000 و2018.
وخلص الباحثون إلى أن ما بين 255 و290 مليون شخصاً قد تأثروا بشكل مباشر، بين عامي 2000 و2015، وقد زاد عدد سكان المواقع التي غمرتها الفيضانات بمقدار 58-86 مليوناً.
ويمثل هذا زيادة بنسبة 20-24 بالمئة في نسبة سكان العالم المعرضين للفيضانات، وهي أعلى بنحو 10 أضعاف من التقديرات السابقة.
ولم تكن الزيادة موزعة بالتساوي في جميع أنحاء العالم. وكانت البلدان التي تعرضت بشكل متزايد للفيضانات في آسيا وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.
وفي دول أوروبا وأمريكا الشمالية، كان الخطر مستقراً أو في تناقص.
وكان حوالي 90 بالمئة من الفيضانات التي لاحظها العلماء في جنوب وجنوب شرق آسيا، حول أحواض الأنهار الكبرى بما في ذلك نهر السند، والغانج-براهمابوترا، ونهر ميكونغ.
أوضحت الدكتورة بيث تيلمان من جامعة أريزونا، الباحثة الرئيسية في الدراسة "لقد تمكنا من التقاط الكثير من الفيضانات في جنوب شرق آسيا أكثر من الأماكن الأخرى، لأنها بطيئة جداً وبالتالي تتحرك الغيوم، ويمكننا الحصول على صورة واضحة حقاً للفيضان".
وقالت تيلمان: "كان هناك أيضاً فيضانات شديدة التأثير في جنوب آسيا وجنوب شرق آسيا. وهناك أيضاً عدد كبير من السكان الذين استقروا بالقرب من الأنهار لأسباب مهمة حقاً مثل الزراعة، ولكن ذلك يعرض الناس للأسف للمزيد من (المخاطر)".
وأحد الجوانب المحيرة في البحث هو سبب انتقال الناس في العديد من البلدان إلى المناطق المعرضة للفيضانات بدلاً من الابتعاد عنها.
وفي حين نما عدد سكان العالم بأكثر من 18 بالمئة بين عامي 2000 و2015 في مناطق الفيضانات المرصودة، زاد عدد السكان بنسبة 34 بالمئة.
وتقول تيلمان إن أحد جوانب هذا النمو مرتبط بتغير المناخ، وهو تغيير مواقع السهول الفيضية لتشمل المزيد من الناس.
لكن الاقتصاد يلعب أيضاً دوراً مهماً. وقالت تيلمان: "الأماكن التي غمرتها الفيضانات غالباً ما تكون أراضٍ رخيصة الثمن للتنمية غير الرسمية، لذلك في غواهاتي بالهند ودكا في بنغلاديش، نرى الناس ينتقلون، ومن ثم تصبح المناطق التي غمرتها المياه مناطق لاستقرار السكان".
وأضافت: "قد لا يكون اختيار الناس للعيش في تلك المناطق لأنهم لا يملكون الكثير من الموارد. إذا كانت هناك بالفعل برامج إسكان عامة جيدة أو خيارات أخرى، أعتقد أن الناس لن يختاروا الاستقرار في منطقة خطرة."
ويقول المؤلفون إن أسباب الفيضانات الرئيسي هي هطول الأمطار الغزيرة والعواصف المدارية أو العواصف والثلوج وذوبان الجليد.
يمثل تحطم السدود أقل من 2 بالمئة من أسباب الفيضان ولكنها سجلت أعلى نسبة زيادة من حيث عدد السكان المعرضين للفيضان.
ويقول معدو الدراسة إنهم يتوقعون استمرار ارتفاع أعداد المعرضين لخطر الفيضانات.
ويقدرون أنه بحلول عام 2030، ستشهد 25 دولة أخرى زيادة في الفيضانات إضافة إلى 32 دولة تتأثر في الوقت الحالي.
وقالت تيلمان: "نقدر أن 179.2 مليون شخص آخرين سيتعرضون للفيضانات بحلول عام 2030 على مدى المئة عام القادمين، ويعزى معظم ذلك إلى التغيير الديموغرافي".
وأضافت "حوالي 50 مليون شخص إضافي سيتعرضون للفيضان، كما نعتقد، بسبب تغير المناخ بشكل صريح."
المصدر: BBC