أحيت العشائر العراقية، الاحد 22، آب (13 محرم، 1443هـ) مراسيم ذكرى دفن الأجساد الطاهرة للإمام الحسين واهل بيته وأصحابه (عليهم السلام) بعد 3 ايام من استشهادهم في واقعة الطف عام 61 للهجرة.
وشهدت كربلاء دخول مواكب عزاء ضخمة نظمتها العشائر العربية تقدمتها عشيرة بني أسد الى المرقدين الطاهرين للأمام الحسين واخيه ابي الفضل العباس عليهما السلام لإحياء الذكرى.
وشاركت أعداد كبيرة جداً من النساء في احياء ذكرى دفن الاجساد الطاهرة لشهداء الطف (عليهم السلام) تأسياً بما فعلته نساء بني اسد في ذلك اليوم، ومواساة للسيدة زينب عليها السلام في إحياء عزاء اخوتها وبنيها (عليهم السلام).
ويعود إحياء الذكرى الى مجيء الإمام علي بن الحسين السجاد (عليه السلام) من الكوفة في اليوم الثالث عشر من محرم الحرام لدفن الاجساد الطاهرة لشهداء الطف ولقائه بقبيلة بني أسد التي كانت تروم دفن اجساد الشهداء (عليهم السلام).
قصة دفن الاجساد .. لقاء الامام السجاد (عليه السلام) وبني أسد
ويذكر السيد عبد الرزاق المقرم صاحب كتاب مقتل الامام الحسين (عليه السلام)، (ولمّا أقبل الإمام السجّاد (عليه السلام) وجد بني أسد مجتمعين عند القتلى متحيرين لا يدرون ما يصنعون، ولم يهتدوا إلى معرفتهم، وقد فرق القوم بين رؤوسهم وأبدانهم، وربما يسألون من أهلهم وعشيرتهم!، فأخبرهم (عليه السلام) عمّا جاء إليه من مواراة هذه الجسوم الطاهرة، وأوقفهم على أسمائهم، كما عرّفهم بالهاشميين من الأصحاب فارتفع البكاء والعويل، وسالت الدموع منهم كل مسيل، ونشرت الأسديات الشعور ولطمن الخدود).
ويروي صاحب المقتل ايضا، (ثم مشى الإمام زين العابدين (عليه السلام) إلى جسد أبيه واعتنقه وبكى بكاءً عالياً، وأتى إلى موضع القبر ورفع قليلاً من التراب فبان قبر محفور وضريح مشقوق، فبسط كفّيه تحت ظهره وقال: (بسم الله وفي سبيل الله وعلى ملّة رسول الله، صدق الله ورسوله، ما شاء الله لا حوّل ولا قوّة إلاّ بالله العظيم)، وأنزله وحده لم يشاركه بنو أسد فيه، وقال لهم: (إنّ معي من يعينني)، ولمّا أقرّه في لحده وضع خدّه على منحره الشريف قائلاً:
(طوبى لأرض تضمّنت جسدك الطاهر، فإنّ الدنيا بعدك مظلمة، والآخرة بنورك مشرقة، أمّا الليل فمسهّد، والحزن سرمد، أو يختار الله لأهل بيتك دارك التي فيها أنت مقيم، وعليك منّي السلام يا ابن رسول الله ورحمة الله وبركاته).
وكتب على القبر: (هذا قبر الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، الذي قتلوه عطشاناً غريباً).
ثم مشى إلى عمّه العباس (عليه السلام) فرآه بتلك الحالة التي أدهشت الملائكة بين أطباق السماء، وأبكت الحور في غرف الجنان، ووقع عليه يلثم نحره المقدّس قائلاً: (على الدنيا بعدك العفا يا قمر بني هاشم، وعليك منّي السلام من شهيد محتسب ورحمة الله وبركاته).
وشق له ضريحاً وأنزله وحده كما فعل بأبيه الشهيد، وقال لبني أسد: (إنّ معي من يعينني)! نعم ترك مساغاً لبني أسد بمشاركته في مواراة الشهداء، وعيّن لهم موضعين وأمرهم أن يحفروا حفرتين، ووضع في الأُولى بني هاشم، وفي الثانية الأصحاب وأمّا الحر الرياحي فأبعدته عشيرته إلى حيث مرقده الآن).
وبعدما أكمل الإمام (عليه السلام) دفن الأجساد الطاهرة، عاد إلى الكوفة والتحق بركب السبايا.
احياء مراسيم الدفن
ويقول الكاتب والمؤرخ الكربلائي سعيد رشيد زميزم في حديث صحفي تابعه "الائمة الاثنا عشر"، ان تاريخ اقامة مواكب العزاء الخاص بيوم الدفن يعود الى مطلع القرن العشرين، إذ بادر السيد جودة القزويني وهو احد اعيان مدينة كربلاء وقبره معروف في المدينة، بالتأسيس لهذه المراسيم، حيث قام بجمع العشائر الموجودة في كربلاء للذهاب الى قبر الامام الحسين واخيه العباس عليهما السلام على شكل مواكب تتقدمها عشيرة بني اسد.
ويضيف زميزم، استمرت هذه المراسيم حتى عام 1970 حيث بدأ التضييق عليها من قبل النظام البائد، وانتهت بشكل كامل".
ويشير الى ان، "بعد سقوط النظام الصدامي عام 2003 عادت هذه المواكب لتحيي مراسيم يوم 13 من محرم ولكن بشكل اكبر وبمشاركة جميع العشائر العراقية".
استعدادات امنية وخدمية
وفي وقت سابق، أعلن قسم الشعائر والمواكب الحسينية في العراق والعالم الإسلامي التابع للعتبتين المقدستين الحسينية والعباسية، عن استكمال كافة الاستعدادات لاستقبال موكب عزاء بني اسد.
وقال رئيس القسم رياض نعمة السلمان في تصريح تابعه "الأئمة الاثنا عشر"، "بعد الإنتهاء من العشرة الأولى من شهر محرم الحرام، تم التحضير والاستعداد لاستقبال المعزين بذكرى دفن الأجساد الطاهرة في ثالث الامام الحسين عليه السلام، والذي يشارك في هذا العزاء عدد كبير من العشائر والقبائل، حيث سيتقدمهم موكب عزاء بني أسد".
وأضاف السلمان، إن "عدد المشاركين والمسجلين لدى القسم بلغ أكثر من (90) موكبا بأسماء قبائل وعشائر العراق، حيث ستشارك اليوم الأحد الثالث عشر من شهر محرم الحرام الموافق (22/8/2021)".
وأوضح، أن "مواكب العشائر والقبائل المعزية ستنطلق في الساعة الواحدة ظهرا حتى الساعة السادسة مساءً، ليكون مرورهم من خلال الصحن الحسيني الشريف ومن ثم منطقة ما بين الحرمين الشريفين، ويكون ختام المعزين في مرقد أبي الفضل العباس (عليه السلام)".
وتابع "سيتقدم هذه المواكب نعش يجسد الجثمان الطاهر للإمام الحسين وأخيه العباس (عليهما السلام)، فيما تم التنسيق والعمل مع بقية الأقسام في العتبتين المقدستين في تقديم الخدمات الصحية والطبية وغيرها تنفيذا للتوجيهات الصحية بضرورة إلزام أصحاب المواكب الحسينية المشاركة في هذه المناسبة بالتعفير المستمر، وارتداء الكمامات، والكفوف، خلال هذه المراسيم والعمل على التباعد الاجتماعي فيما بينهم للحد من انتشار فيروس (كورونا)".