نُشر شريط فيديو على اليوتيوب، متبنى من قبل جهة سلفية، حيث نكون فيه امام تعليق صوتي يدين الفلم الاسلامي الرسالة للمخرج العالمي مصطفى العقاد، واصفا إياه بأنه خدعة شيعية خبيثة، ومبرهنا على زعمه بملاحظات، تصحب التعليق الصوتي، بعض المشاهد الصورية ـ من الفلم ـ والتي تعد شواهد لما ذكره من نقاط.
ومن هذه النقاط:
1ـ إغفال الفلم لدور ابي بكر وعمر وهما من هما في مسيرة الإسلام.
2ـ ما جاء على لسان ابي سفيان من الله في بيته وفي الطائف وفي كل مكان.. وهذه فكرة شيعية حيث ان الفكرة الحقة هي ما تقول به اهل السنة والجماعة من الله على العرش استوى.
3ـ اتهام هند بالفرية الباطلة في حقها رضي الله عنها وهي استخدام وحشي لقتل حمزة رضوان الله عليه ومن ثم اكله كبده
4ـ اظهار ابي طالب رضوان الله عليه وكأنه كان مسلما في حين انه لم يسلم.
لن اناقش هذه النقاط في محتواها الفلسفي والتاريخي حيث انه حوار قائم لن أغنى فيه شيئا كتبت ما كتبت.. ولكني سأناقشه من البعد الفني... وعلى وجه الخصوص عبارة خدعة شيعية خبيثة.
1ـ الشخص الاول في الفلم وأعني المخرج مصطفى العقاد الذي تبنى الفلم من اوله الى اخره.. سني سوري قضى حياته في هوليود.. فما علاقة شخص كهذا بالتشيع؟!
2ـ كتّاب الفلم.. توفيق الحكيم وعبد الحميد جودة السحار وعبد الرحمن الشرقاوي ومحمد علي ماهر .. مصريون سنة لا علاقة لهم بالتشيع وقد كتبوا الفلم اعتمادا على مصادر سنية.
3ـ الفلم كان بمتابعة واشراف الازهر في مصر.. وقد عرض على المجلس الشيعي الاسلامي الاعلى في لبنان لبيان رايه فيما يمكن ان يعترض عليه.. اي ان المجلس لم يكن مقررا لما جاء في الفلم.
4ـ انتاج الفلم عام 73ـ 74 ويومها لم يكن للتشيع جهة سلطوية يمكن ان تتبنى فكرة انتاج ضخم كفلم الرسالة لتمرير افكارها.
5ـ المفروض بهذه الجهة ان تتولى مهمة تمويل الفلم.. والحال ان التمويل جاء من دول ثلاث لا علاقة لها بالتشيع وهي الكويت وليبيا والمغرب.
6ـ المفروض بهذه الجهة ان تكرس الفلم لافكارها ومتبناها العقائدي.. والحال ان الفلم يوازن في استعراض دور الصحابة الخلفاء بشكل متساو.. فهناك مشهدان فقط لابي بكر.. يستعرض المشهد الاول ما كان يقوم به ابو بكر من شراء للعبيد المؤمنين واطلاق سراحهم عن طريق شراءه لبلال وهو يعذب ثم تقول هند (ابو بكر هذا يعني محمد)، والاخرى في مصاحبة ابي بكر للنبي ص في الغار. وهذا نفسه بالنسبة للإمام علي (ع) حيث يقتصر ما ظهر فيه على مشهدين، نومه في فراش النبي (ص) وقول ابي سفيان (هذا الفتى يفتديه ابي سفيان اي اناس تحارب). اضافة الى الاشارة لدوره البطولي في حماية الاسلام حيث يقول حمزة في مشهد من الفلم سيف علي اول سيف في الاسلام.
7ـ الفتاوى الدينية في ذلك الوقت بمنع ظهور هذه الشخصيات هو ما جعل التوسع بدورها غير ممكن.. وليس الاغفال المتعمد لدور الصحابة.. فقد تمت المعالجة الدرامية من خلال اظهار الشخصيات المسموح بظهورها كحمزة وعمار وبلال وجعفر.
8ـ عشرات الاعمال الدرامية من افلام ومسلسلات.. مصرية وغير مصرية، تناولت قصة الاسلام والنبي الاكرم (ص) وقد ذكرت نفس النقاط حيث اظهرت دور ابي طالب في حماية الاسلام والنبي ص وقتل هند لحمزة رضوان الله عليه.. فهل كل هذه الاعمال كانت خطة شيعية خبيثة؟!
9ـ لقد كان فلم الرسالة اول خطاب اعلامي ضخم يوصل قصة الاسلام الى الغرب، وقد تعمد المخرج مصطفى العقاد ان يشير بشكل مكثف الى دلائل السلام والانسانية في المحتوى الاسلامي، من خلال معالجات منها:
ـ قول جعفر بن ابي طالب (رض) لملك الحبشة (كنا اهل جاهلية يأكل القوي منا الضعيف.... حتى بعث الله لنا) وفي في تلك المقالة بيان شامل لما جاء به الاسلام من ارساء لمكارم الاخلاق ومكانة المرأة وقوانين حضارية ترقى بالمجتمع.
ـ قول ملك الحبشة له (الحق الحق اقول لكم ان ما بين ديننا (المسيحي) ودينكم ليس أكثر من هذا الخط).
ـ ظهور بلال الاسود واقفا على اكتاف عمار الابيض الحر في بناء المسجد، للدلالة على ان البناء الاسلامي يقوم على رفض التمييز العنصري والعرقي.
ـ إظهار مسألة تمسك النبي (ص) بالسلام؛ حيث انه استمر في رفض القتال رغم ما واجهه به حمزة (رض) من طلب للقتال، وحين وافق على خوض معركة بدر كان البيان القراني المعلل لها هي قوله الذي صرح به زيد بن حارثة في الفلم (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُوا رَبُّنَا)
إن هذه المعالجات هي بالضبط ما أغاظ الجهة السلفية التي طالما تبنت التطرف الديني ومشاريع الإرهاب.