كتب السيد عبد الحسين شرف الدين الموسوي
وقف الناس منذ الأزل وسيقفون إلى الأبد بين ضدين كانا يصطرعان منذ الأزل وسيظلان في صراعهما ذاك إلى الأبد.
هذا «معنى» يدعو وتلك مادة تغري، والناس بينهما كثرة ساحقة يبهرها خداع الإغراء، وقلة معدودة يجتذبها شعاع الدعاء ومهما اختلف أفانين القول، وسمت ضروب الإجادة في وصف الخليقة التي تعشو بالكثرة عن شعاع الدعاء، وتميل بها إلى خداع الإغراء فليست ببالغة بعض ما بلغته كلمة الحسين (عليه السلام) في أدبه الصادق المصور الخارج من أعماق الحياة وسريرة الخلق بأوضح ملامح الناس في مثل هذا المأزق الشاق العسير.
قال (عليه السلام):
«الناس عبيد الدنيا، والدين لعق على ألسنتهم يحوطونه مادرت معائشهم فإذا محصوا بالبلاء قل الديانون»
هذه قولة لم أجد لها عدلا غير وقفة للحسين، وهي وقفته تلك التي تدعوك وتدعو الملايين في كل جيل إلى تمجيد الحسين مجمع البطولات وباعث الثورات التحريرية بنظم الإرهاب والظلم والاستئثار.
وقفة الحسين عليه السلام وحدها تعدل كلمته في تصوير هذه الخليقة التي تنحرف بالناس عن أمجاد مثلهم، وتضغط على مجاري دمائهم فإذا هم عصب ضعيف. موهون رخو تترادفان في مر صدى الحسين من الأزل إلى الأبد وهما القول والعمل اللذان يشبهان الحسين أتم الشبه في جميع ما قال وجميع ما عمل، ويلقيان أن يكونا مفتاح شخصيته التي اجتمعت لها ما تفرق من البطولات مع أبطال هذه الأرض.
وستظل قولته تلك، ووقفته هذه تدینان هذا الوجود الشره البطر بخزي يضع الكثرة ويمجد يرفع القلة مهما اختلفت المقاييس.
فعلى أبي عبد الله تحية من ربه وسلام).
المصدر: مجلة الغري – النجف – العدد – ۹، ۱۰ – السنة الثامنة – ۱۹٤۷/ص٢٥.