كتبت مريم الخفاجي:
عزيزتي المؤمنة بوركتِ من قاصدةٍ نحو سفينةِ النّجاة في زيارة الأربعين، وأنت أهلٌ أن تركبي السَّفينة بسُرعةِ وأمانِ، فلنقف جزاكِ الله خیراً وقفة بسيطة، لنتزود جميعاً من ألطاف الحُسين [عليه السلام]
حتماً ياعزيزة الزّهراء وشريكتها بالعزاء، أنَّك تعلمين أن ماسنذكره إنما هو لأجل أن نتسلح بالعلم لتزداد قلوبنا قوة في الله، و انكساراً لمصاب أهل بيت رسول الله [صلى الله عليه وآله]، فتنزف ألماً لشدّة هول الفجیعة، لذا ما أجمل أن نجعل من أولويات منهاجنا بالمواساة مايلي:
-تجدید العهد بالوَلاء و البقاء علی خُطی سیّد الشُّهداء، والإستمرار في إحياء شعائر الله فهي من تقوى القلوب.
-عدم الاكتفاء بالحُزن الذي يضجّ في صدورنا، وعلينا حثُّ السَّير في السّعي لإظهاره بشتى الطّرق المُمكنة والمقبولة شرعاً، فنحن في طريقٍ محفوفٍ بالأحزان، مشوب بذكريات الوجع والظلم على رسالة السّماء.
-فضلاً عن أداء الصّلاة الواجبة في وقتها و التي تعد من علامات المؤمن، فالإجتهاد في إقامة النوافل مع المستحبات المؤكدة والممارسات المقبولة التي تعبّر عن الحزن والرثاء كاللّطم، والنُّدبة، و حضور مجالس العزاء أو إقامتها هي من لوازم هذه الأيام الشريفة، فإنّ حجم الإنفعال يُبَيّن عَظَمَة الفجيعة.
-الزيادة في طلب التعجيل بالفرج للإمام صاحب الزمان [عجل الله تعالی فرجه الشریف] فإن فرجنا بفرجه.
-تجسيد الإيثار الحسيني، ومحاولة إيصاله للأُمَم التي هي بحاجة لأن تستشعر نهضة وقيم الإمام الحسين [عليه السلام].
-العمل على تزكية النّفوس من خلال البُكاء و بيان الجزع على المقتول بأرض الطفّ، فهو مُحِطّ للذنوب، رافع للدرجات، بل هو من الوصايا المتكررة للأئمة المعصومين [عليهم السلام].
-السّعي لتحصيل الخشوع، و زيادة رقّة القلب من خلال التَّفَجُّع على أوجاع بيت الرّسالة.
-إشراك المؤمنين بالأعمال لاسيّما الشهداء الأبرار والصُّلحاء، فهم إمتداد تلك النهضة العظيمة.
-طوبى لكِ يا فراشة السّلام فنور الحسين [علیه السلام] بانتظارنا، أما أن نكون ممن يستحق عنوان "زائرة الحسين" فهي نظرة أُوليَت لنا من صاحبة العزاء الأولى مولاتنا الزهراء [عليها السلام]، فما أجمل أن نهدي إليها أداء حقّ هذه النّظرة، بأن نقدّم لها قلوباً طاهرةً من ضوضاء الشُّبُهات، خالصة النيّة، جادّة في إعادة الرّوح نحو بوصلة الحياة الحقيقيّة، فنحن لازلنا في فرصة من صنف النَّجاة.
-ياشريكة زينب بالعزاء، هنيئاً لكِ فنحن في مهمة مُشَرِّفة أرادتها لنا سيدتنا زينب الحوراء [عليها السلام] لنساعدها في نقل صوتها المحمديّ الحسينيّ إلى العقول فتنيرها، فهي مازالت تصرخ بوجه مَن زَيَّفَ الدّين لتظهر حقيقته جلية ونسأل الله أن نكون جديرات بذلك بأن نكون خير عون على طاعة الله.
-وأعلمي أختي، أننا في سفرٍ في أيام الله، و جدير أن يكون العبد فيها سائراً نحو الكمال، یطلب رضا مولاه وما أنتِ فيه من عفّةٍ وحجاب ومواساة لأهل البيت [عليهم السلام] في مصابهم يدعو إلى الفخر والإعتزاز، حماكِ الله ممن يريد النيل من طهارتكِ التي باتت مضرباً للأمثال، فلنكن يداً واحدة وسدّاً منيعاً أمام من لاينظر بنور الله ويسعى لتدنيس هذه الصورة ولنُحارب أضدادها بسلاح العفة الزينبية.
-عزيزتنا العفيفة، مشينا نحو كربلاء إحياء للحِجاب والعفاف، فعلى عاتقنا اليوم مسؤولية تهاجمها القوى الإستكبارية، فهم يحاولون محو أثر زينب المرأة العالمة، فعلينا أن نوصل للعالم صوت الحسين أرواحنا فداه الذي مابرح يوصي نساءه وبناته بأن لايرى منهن الأعداء ما يجلب الشّماتَة، فاعلمي حماكِ الله :
أن لباسنا المحتشم الفضفاض وعباءتنا الزینبیة، البعيدة عن الضِّيق والشَّفافِية هو إنتصار كربلائي.
أن مشيتنا البعیدة عن الرِّجال، والإبتعاد عن الأماكن التي تُعرِّضنا للإختلاط المذموم هو إنتصار كربلائي.
أن صمتنا الحَيِيّ الذي إعتدنا عليه في بيوتنا المحبة للحسين [علیه السلام] لهو خنجر في قلب العدوّ، وإنتصار كربلائي.
إن وجوهنا التي مابرح الإمام الصادق [علیه السلام] يدعو لها بالرّحمة، مابرحت تحسب إنتصاراً كربلائياً.
أن نصائحنا التي يملؤها الرفق والتي أصبحنا نُعرف بسيماها، وإعانتنا على الخَير والصّلاح لبعضنا هو تجسيد لأمر الحسين بالمعروف ونهيه عن المنكر، وهي إنتصار كربلائي.
أختي الحسينية، تفقهنا بأمورنا و انتباهنا لكل جوانب أفعالنا شَرعاً، وسؤالنا إذا ما ألمّت بنا مسألة، وحذرنا من أن نجتهد إجتهاداً شخصیاً هو تبرئة للذمّة، و إذا ما واجهنا أختا بحاجة لجواب سؤالها الشرعي فيمكننا ارشادها لما یلي:
1. إن أغلب المواكب المباركة يوجد فيها نساء مؤمنات من أهل العلم والفضيلة بإمكانها الرجوع لهنّ.
2. إذا لم تظفر الزائرة بمبلغة، فيمكنها الإستنجاد بأحد من محارمها لیسأل بدلاً عنها أحد طلبة العلم الأفاضل المنتشرين على الطريق.
3. وإذا تقطعت بها السُّبل، فیمکنها الإستعانة بإحدى الأخوات من أصحاب العلم الموثوقات، تكون قد هيأت رقماً لها مُسبَقا قبل بدئها بالمَسير نحو أبي عبد الله [علیه السلام] لتكون لها عوناً في حالاتِ الحَرج.
هذا ونسأل الله أن يكون سفرنا سفراً إلهيّاً مُبارکاً، ندخل به السّرور علی قلوب موالینا الأطهار [علیهم السلام]، ونفقَأ به أعين الشّامتين، ونرد به السّهام الموجِعة عن قلب صاحب الأمر المنتظر [أرواحنا له الفداء]، ونساعد في تعجيل ظهوره المقدس بوعينا، والتزامنا وحفظنا حدود الله.