هل تقع الأربعين في التاسع عشر من صفر؟!
بعد أن نشرتُ مقالاً حول زيارة الأربعين سألني أحد المؤمنين سؤالاً وجيهاً يتعلّق بتحديد يومها وتعيين وقتها في شهر صفر، فهل تصادف الأربعين يوم التاسع عشر أم العشرين من صفر؟
فبالرغم من أنّ المعروف من أنّها تقع في العشرين من شهر صفر، وأنّ ذلك هو علّة تسميتها بالأربعين، كما يقول الكفعمي(ت905هـ): إنّما سميت بزيارة الأربعين لأن وقتها يوم العشرين من صفر؛ وذلك لأربعين يوماً من مقتل الحسين..(عنه: بحار الأنوار ج : 98 ص : 334).. إلا أنّ إعمال العد، وإجراء الحسبة يفضي إلى أنّ عدد الأيام التي مرّتْ على الشهادة من عاشر محرّم إلى العشرين من صفر؛ هي واحد وأربعون يوماً!
وأوّل من طرح هذا السؤال الاشكالي هو ابن طاووس (ت664هـ)، فكتب يقول: "كيف يكون يوم العشرين من صفر يوم الأربعين، إذا كان قتل الحسين صلوات الله عليه يوم عاشر من محرم، فيكون يوم العاشر من جملة الأربعين، فيصير أحدا وأربعين؟".(اقبال الأعمال،ج3،ص100)، ثمّ بعده بمدة مديدة جاء الشيخ البهائي(ت1030هـ) متبنياً الإشكال، ومسلّماً به قائلاً عن يوم: التاسع عشر من صفر فيه زيارة الاربعين لابي عبد الله الحسين (عليه السلام) وهى مروية عن الصادق ووقتها عند ارتفاع النهار وفى هذا اليوم وهو يوم الاربعين من شهادته عليه السلام..(انظر-توضيح المقاصد،ص7).
إلا أنّ السيد صاحب الإقبال قد عقّب السؤال وعالج الاشكال بإحدى معالجتين، فقال: لعله قد كان شهر محرم الذي قتل فيه) صلوات الله عليه) ناقصاً، وكان يوم عشرين من صفر تمام أربعين يوماً، فإنّه حيث ضبط يوم الأربعين بالعشرين من صفر، فأمّا أن يكون الشهر- كما قلنا- ناقصاً، أو يكون تاماً ويكون يوم قتله (صلوات الله عليه) غير محسوب من عدد الأربعين؛ لأنّ قتله كان في أواخر نهاره، فلم يحصل ذلك اليوم كله في العدد، وهذا تأويل كاف للعارفين، وهم اعرف بأسرار رب العالمين في تعيين أوقات الزيارة للطاهرين.(المصدر السابق).
وما ذكره رحمه الله في الجواب الأول لا دليل عليه، وإن كان محتملاً، ومن ثمّ فالعمدة في الجواب هو أنّ مبدأ الحساب هو اليوم التالي ليوم العاشر، والوجه في ذلك هوما أشار إليه آنفاً من أنّ الاستشهاد كان في آخر النهار فلا يحسب، وعليه يكون يوم العشرين من صفر هو تمام الأربعين، وهذا هو السبب في إدراج القدماء طراً زيارة الأربعين ضمن أعمال العشرين من صفر.