لماذا يحاربون زيارة الاربعين؟


زيارات:3108
مشاركة
A+ A A-

لا يخفى على احد في عالمنا اليوم ما تشهده الساحة الدولية من موجات إرهاب حولت حياة العديد من الشعوب الى جحيم، بما عكفت عليه المنظمات الارهابية من تجسيد لصور مهولة من القتل والعنف والذبح الذي لا يفرق بين رجل وامرأة وطفل، ومما يؤسف له ان هذه المنظمات انطلقت في مشروعها الارهابي بجلباب الدين الإسلامي، فحملت الاسلام شعارا وجعلت من فقهه واحكامه ومنهجه مادة لفتاوي القتل والعدوان وأساسا لمتبناها الفكري ومشروعها السياسي في إقامة دولة اسلامية تنفذ ـ حسب زعمهم ـ حكم الله على الأرض، وقد نمّ عن هذه المنظمات ـ بطبيعة الحال ـ وما قامت به من اعمال اجرامية بشعة استياء الملايين من بني البشر، كما أمتد ذلك الاستياء الى الاسلام نفسه عند الكثيرين في العالم بعد أن تعرفوا على الاسلام من خلال هذا النشاط الإرهابي، وتأكد لهم أن آيات الجهاد الموجودة في القرآن وما يحمله الفكر الاسلامي من مفاهيم كمطلقية الله وحاكمية الخطاب الديني على الناس، هي أسباب فعلية للقتل وإلغاء الاخر وعدم التسامح. 

\\

ولما كانت هذه الموجات الارهابية قد نبعت  بما بات أوضح من الشمس في رابعة النهارـ من جهات وقوى عالمية ذات أغراض سياسية تستهدف الاسلام وشعوبه. لم تعد للذابّين عن الدين الاسلامي والمدافعين عنه من وسيلة للدفاع سوى الاعتماد على حقيقة ان هذا الخط الارهابي بكل ما يحمل من فتاوى ومبان فكرية لا يمثل غير انحراف كبير عن الخط الاسلامي الحق.

ولهذا كان الحسين عليه السلام وشعائره في المقدمة عند متبني الارهاب ومموليه من حيث العداء والعمل على القضاء عليه, لأن ثورة الحسين عليه السلام مشروع عملاق لتأكيد الانحراف عن الخط الاسلامي

ويأتي تأكيد الثورة الحسينية على الانحراف من خلال عدة نقاط:

1- تأكيد الامامة المنصوص عليها من قبل السماء على أنها الاساس في قيادة الأمة, وان الخلافة المزعومة لاتمثل غير انحراف في المشروع الرسالي الهادف الى اصلاح البشرية, حيث أعلن الحسين عليه السلام في احدى أدوار ثورته عن ذلك بقوله ( إنا أهل بيت النبوَّة ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة ومهبط الوحي، بنا فتح الله، وبنا يختم، ويزيد رجل فاسق شارب للخمر قاتل للنفس المحترمة ومثلي لا يبايع مثله).

2- التأكيد على كون الاصلاح هو الغاية من ثورته وذلك بقوله (ماخرجت أشرا ولابطرا وإنما خرجت طلبا للاصلاح في أمة جدي) ولاشك أن الاصلاح مقترن بعملية الانحراف

3- الاشارة الى حقيقة أنه عليه السلام لايثور ضد انحراف محدد بشخص يزيد بن معاوية وحكومته بل إن ثورته على واقع منحرف صنعته الخلافات السابقة على خلافة يزيد حيث يقول الامام الحسين عليه السلام ( ألا ترون أن الحق لا يعمل به وأن الباطل لا يتناهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء الله محقا، فإني لا أرى الموت إلا سعادة ولا الحياة مع الظالمين إلا برما. إن الناس عبيد الدنيا والدين لعق على ألسنتهم يحوطونه ما درت معائشهم فإذا محصوا بالبلاء  قل الديانون) .

4- مما دار في عرصة كربلاء من مشاهد الارهاب حين تعرض الحسين عليه السلام واهل بيته واصحابه من رجال واطفال للقتل والذبح والتمثيل بجثثهم, وحيث أن هؤلاء هم حملة دعوى الاصلاح ضد الانحراف من خلال رفضهم البطولي لمظاهر الفساد واللاانسانية, سننتهي الى أن  ثورة الحسين عليه السلام قد عكست مشهدا مهما له دلالته في أن المدافعين عن الاسلام الحق كانوا ضحية الارهاب والعنف.

\\

 

وهنا نصل الى حقيقة مفادها:

1- إن السبب في سعي الجهات المسؤولة عن الارهاب والتي تهدف لإظهار العنف والقتل على انه جزء من حقيقة الاسلام  لطمس معالم ذكر الحسين عليه السلام هو كي تمحو كل ما يوضح حقيقة الاسلام البعيد عن العنف والقتل.

2- إن السبب في محاربة النواصب للشعائر الحسينية سيما المسيرة الاربعينية كون هذه الشعائر الوسيلة الفعالة في التذكير بما جرى من أمر ابن رسول الله (صلى الله عليه واله) حين رفض المسار المنحرف عن الاسلام الحق واستشهد في سبيل اصلاحه.

3- المسيرة الاربعينية على وجه الخصوص لها دورها الاعلامي الفعال في نقل صورة نابضة بالمحبة والسلام، فهي ـ كما هو واضح للعيان ـ مسيرة سلمية يشارك فيها الملايين من محبي آل البيت عليهم السلام، ليحكوا عن الامام الحسين عليه السلام الذي وقف في ساحة المعركة ولسان حاله يقول ( اذا كان دين محمد لايستقيم إلا بقتلي فياسيوف خذيني), وليحكوا عن الامام الحسين عليه السلام الذي أحاطت به فرقة صغيرة من العسكر قادر هو على التغلب عليها وهذه الفرقة تريد أن تحمله الى جيش لايطيق مواجهته، فاقترح عليه نفر من أصحابه أن يقاتلوا الفرقة الصغيرة فاجابهم عليه السلام قائلا ( ماكنت لأبدأهم بقتال), ويحكوا عنه عليه السلام حين حمل رضيعه لأعدائه، من جنود الخلافة المنحرفة، طالبا له منهم شربة ماء فكان جوابهم ان ذبحوه في حضنه. 

4- وعليه فهي همسة في إذن الذين لاينفكون عن تسليط الضوء على ما تشهده المسيرة الاربعينية من بعض المشاهد السلبية والصور الخاطئة من المشاركين. إن المشاركة المحضة من الناس لها تأثيرها الفعال في التحشيد لهذه المسيرة وبالتالي تعزيز الدور الاعلامي الذي بينته للمسيرة، فيجب العمل على معالجة هذه المظاهر الخاطئة ونشر الثقافة الكفيلة بذلك، بدل التنكيل بمثل هذه المشروع الاسلامي العملاق.      

 

مواضيع مختارة