إن الاختلاط بشكل عام هو أرض خصبة لها قابلية للوقوع في الكثير من الانحرافات السلوكية والنفسية، التي قد تستدرج الإنسان على هذين المستويين ليجد نفسه في لحظة ما قد فقد كل الدفاعات النفسية التي تقف في وجه وسوسات الشيطان والنفس الأمارة بالسوء.
من هنا كان للاختلاط خطورته الخاصة التي تحتم معرفة الحدود الشرعية التي تمنع الإنسان من الوقوع في شرك إبليس وجنوده.
ما معنى الاختلاط؟
المقصود من الاختلاط هو اجتماع الرجال والنساء في مكان واحد، سواء في بيت أو سوق أو طريق وقد يكون في وقتنا الحاضر عبر الانترنت فكل لقاء لأحد الجنسين مع الاخر هو نوع من أنواع الاختلاط.
والاختلاط إذا فسرناه بهذا المعنى الواسع إذا أمكن اجتنابه لشخص أو شخصين فهو بالتأكيد متعسر بالنسبة للمجتمع عموماً، لأن الإنسان يعيش عادة في مجتمع مختلط ولأفراده حاجات متبادلة يتعسر معها فرض عزلة الرجال عن النساء بشكل كامل، بل نجد الاختلاط موجوداً حتى في بعض الأمور الشرعية الأساسية كالحج، وكذلك الجهاد كما يستفاد من سيرة النبي الأعظم صلى الله عليه وآله حيث كان يخرج معه النساء لمداواة الجرحى ولسقي الماء ونحو ذلك.
الخلوة المحرمة
حرمت الشريعة المقدسة نوعاً من الاختلاط وهو الاختلاط الذي يصل إلى حدّ الخلوة بين الرجل والمرأة الأجنبيين، ويقول الفقهاء إنه إذا اجتمع الرجل والمرأة في محلة خلوة، بحيث لم يوجد أحد هناك، ولا يتمكن الغير من الدخول، فإن كانا يخافان الوقوع في الحرام فيجب أن يتركا المكان.
ويكفي أن يكون الحرام بمقدار النظرة المحرمة، فمثل هذه الخلوة محرمة بنفسها، وفي الرواية عن الامام امير المؤمنين (عليه السلام ) : "لا يخلو بامرأة رجل، فما من رجل خلا بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما" .
ضوابط الاختلاط الحلال
إذا لم تحصل الخلوة، فالاختلاط ليس محرماً بنفسه ولكن هذا لا يعني عدم وجود حواجز شرعية.
وهناك العديد من الحدود التي يجب أو ينبغي الالتفات إليها ومراعاتها عند اختلاط الرجل بالمرأة نشير إلى بعضها:
1- التبرج والزينة: إن التبرج والزينة من الأمور التي يحرم على المرأة إظهارها للرجل الأجنبي، وفي حديث المناهي عن النبي صلى الله عليه وآله :
"ونهى أن تتزين لغير زوجها فإن فعلت كان حقا على الله أن يحرقها بالنار".
2- الرائحة والطيب: إن الطيب والرائحة هي شبيهة بالتبرج أيضاً ولكن التبرج تدركه حاسة البصر وأما الطيب فتدركه حاسة الشم، لذلك فمع وجود المفسدة يحرم الخروج بالطيب والاختلاط فيه، وعن جابر بن يزيد قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام يقول: " ولا يجوز لها أن تتطيب إذا خرجت من بيتها".