أنا في ورطة: ولدي يشاهد الأفلام ’الإباحية’.. كيف أتصرف؟!

موقع الأئمة الاثني عشر
زيارات:1739
مشاركة
A+ A A-

تنويه: المعلومات والآراء الواردة في هذا المحتوى تمثل رأي مؤلفها ولا تعكس بالضرورة رأي أو سياسة «الأئمة الاثنا عشر»

صُعق أب عندما وجد ابنه ذي الأعوام الستة يشاهد مقاطع إباحية ظهرت له ضمن الفيديوهات المقترحة بشكل تلقائي على يوتيوب.

اشترك في قناتنا ليصلك كل جديد

موقف آخر تحكيه إحدى الأمهات في مجموعة على فيسبوك، عندما دخلت مصادفة غرفة ابنها المراهق، فوجدته في حالة يرثى لها، وهو يشاهد مقطعا غير لائق على حاسوبه، فلم تملك نفسها من الغضب، يطرح آباء وأمهات هذا السؤال مرارا وتكرارا في مواقع التواصل، يبحثون عن أدوات يحصنون بها أبناءهم من مخاطر الإنترنت.

تتباين ردود أفعال الوالدين عند اكتشاف إساءة استخدام أبنائهم للأجهزة “الذكية” التي وفروها لهم من أجل الترفيه والتعلم.. فما هو رد الفعل التربوي الأمثل؟

الفراغ الكبير

في البداية تشير الباحثة هدى حمدان عضو الجمعية الأمريكية لعلم النفس إلى الأسباب التي تدفع الأطفال والمراهقين إلى مشاهدة المحتوى الإباحي، أهمها: عدم تفرغ الوالدين وغيابهم عن أبنائهم، والفراغ لدى الأبناء وعدم انخراطهم في أنشطة رياضية أو علمية أو هوايات تستوعبهم، وترك الأطفال أمام الأجهزة دون رقابة، وأخيرا التأثير السلبي للأصدقاء.

وتوضح الباحثة الأضرار النفسية والجسدية لمشاهدة الطفل والمراهق للمواد الإباحية قائلة “تعرض الطفل لهذا المحتوى يضر بنمو وتطور الفص الأيمن من الدماغ، وهو الجزء المسؤول عن الإبداع والخيال والوعي والبصيرة، كما يرتبط بانخفاض النشاط في الفص الأيسر للدماغ، وهو المسؤول عن المنطق والفكر والتحليل واللغة والعلوم والرياضيات، إضافة إلى ارتباطه بانخفاض التواصل مع قشرة الدماغ الأمامية”.

وتضيف “المحتوى الإباحي يؤثر على الصحة العقلية للطفل، ويضعف من قدرته على الارتباط بمحيطه، ويؤدي به إلى الانطواء والعزلة الاجتماعية، وظهور أعراض الاكتئاب عند المراهقين”.

وقد تتأثر الحياة الجنسية في الكبر بما شاهده الأطفال في صغرهم من محتوى غير مناسب لأعمارهم، ولا يستطيعون إدراكه.
وتشير هدى حمدان إلى تأثير تعرض الأطفال في سن صغيرة للمحتوى غير اللائق على إقبالهم على تعاطي المخدرات والكحول والخوض في تجارب جنسية عديدة في الكبر، أو ما يعرف باضطراب العلاقات الحميمية.

الرقابة الحقيقية

تؤكد الخبيرة التربوية نادية الدبشة أن التربية السليمة ترتكز على وجود قناعة لدى الأبناء بأن الرقابة الحقيقة تكمن في الرقابة الذاتية، وينبغي على الوالدين منح الأبناء الثقة “غير المطلقة” وإعطائهم مساحة لتصفح الإنترنت وعدم منعهم تماما، وفق مساحات حوارية للاتفاق على عدد ساعات الاستخدام وآدابه، وتنبيهم إلى أهمية الدخول إلى مواقع بناءة، ومخاطر دخول المواقع الإباحية.

وتنصح نادية الدبشة الآباء بالتحدث إلى أبنائهم، وتوضيح مخاطر المواقع الإباحية، وتحمل أسئلتهم في هذه المساحة الشائكة، وتقريب المشهد إليهم بحسب مستوى العمر، وتشغيل بعض برامج المراقبة والمتابعة، كي ينتبه ولي الأمر إلى سلوكيات أبنائهم مبكرا.

وتبين ريما محسن – باحثة تربوية ومهتمة بقضايا التحفيز الذاتي- ضرورة إقرار أولياء الأمور بأنهم لم تعد لديهم سيطرة حقيقية على الإنترنت، وما يطلع عليه الأبناء، فقبل سنوات كانت الأمور أسهل إذ كان الأمر مقتصرًا على جهاز الحاسوب العادي الذي تتشاركه الأسرة، وغالبًا ما يحرص الوالدان المهتمان على وجوده في مكان مشترك كغرفة الجلوس مثلا، وبالتالي يشعر الأبناء بالمراقبة الدائمة أو لربما الخجل من الوصول إلى المواقع ذات المحتويات الإباحية، أما الآن، فإن الهواتف الذكية خلقت تحديا جديدا أمام أولياء الأمور لأنها أصبحت في متناول الجميع.

وتضيف “التحدي الأكبر الذي نواجهه اليوم كأولياء أمور، لم يعد مقتصرًا على وضع القوانين في البيت ومراقبة تطبيقها واتباعها أم لا.. إنما هو قدرتنا على المحافظة على الحوار والتواصل الدائم اليومي مع الأبناء حول حياتهم وأنشطتهم اليومية سواء داخل البيت أم خارجه، في الأمور البسيطة العادية قبل الأمور الكبيرة”.

رد فعل الوالدين

ولكن.. ماذا إذا اكتشف أحد الأبوين وقوع ابنه في المحظور؟ وما رد الفعل التربوي المناسب؟

تلفت ريما محسن إلى نقطة هامة في تعامل ولي الأمر مع الخطأ، فأحيانا تكون ردة فعله ناتجة عن مشاعر الخوف والحرص على الأبناء، لكن في أوقات أخرى يتمحور ولي الأمر حول ذاته، ويغضب لنفسه وليس خوفا على ابنه، ويكون تركيزه على صورته الذاتية ومكانته في المجتمع وكيف ستتأثر بسلوك الابن، ويكون رد الفعل عنيفا جدا وغير منطقي بالنسبة للابن، وغير مفيد في النهاية.

وتحذر الخبيرة التربوية نادية الدبشة الآباء من معايرة الابن وتكرار تذكيره بما فعل، وتضيف “في حالة اكتشاف وقوع هذا الأمر.. فيجب التسليم بأن ما حدث قد حدث، والحل ليس بالضرب، ولكن باحتضان الابن والمراهق، والإقرار بأن كل إنسان يخطئ، ومهم أن يشعر الابن بقرب الأب والأم أكثر، ويجب محاولة علاج هذا الخطأ من خلال توضيح علمي للمعلومات التي شاهدها بشكل مبسط (...) والأهم إشغال وقت الابن بشيء مفيد ورياضة وصحبة صالحة حتى لا يظل منشغلا بما رأى، وهذا يساعد الابن على طوي الصفحة”.

العنف ليس علاجا تربويا

وتوضح ريما محسن أن اللجوء للعنف ومصادرة الهاتف ليس العقاب المناسب؛ فبعد أيام سوف تهدأ مشاعر ولي الأمر، ويعتقد أن ابنه لن يعود إلى فعلته، وبالطبع تسيطر عليه فكرة ضرورة وجود هاتف مع الابن لغايات التواصل في الحياة اليومية، ومن ثم يحصل الابن على هاتفه من جديد، وهكذا يدور الأمر في حلقة مفرغة، ودورة عقاب مؤقت لا طائل منه.

وتوصي هدى ولي الأمر بأن يتفهم الطبيعة الفضولية لدى الطفل، وفي حال اكتشف أن ابنه يدخل إلى هذه المواقع عمدا أو صدفة، فإن عليه فتح الحوار الآمن الذي يجعله يتواصل ويتعلم بدون الإحساس بالحرج والخزي، ويشرح له خطورة هذه المواقع وعدم واقعيتها لأنها عبارة عن مشاهد يقوم بتمثيلها ممثلون مقابل المال.  

وتطرح ريما السؤال الصعب: هل سيتقبل الابن الاستماع لوالديه والأخذ بآرائهم، حتى وإن تظاهر بالاستماع لهم.. فهل هناك منطق مشترك بينه وبينهم في الحوار يحفزه على السماع والاقتناع بما يقولون ومن ثم تغيير السلوك؟!

وتضيف “هذا هو التحدي الأكبر.. عندما تكون قنوات الحوار مفتوحة أصلا مع الأبناء في كل يوم وعن كل شيء، فإن المهمة تصبح أسهل بكثير.. لكن عندما ينقطع التواصل في البيت، ويقتصر على إعطاء الأوامر وسن القوانين فقط يصبح من الصعب جدا تقبل الأبناء للحوار مع والديهم، وبخاصة في الأمور الحساسة المرتبطة بإشباع مشاعر معينة داخل نفوسهم”.

الجزيرة

مواضيع مختارة