انسابت في هذه الأيام إلى مجتمعاتنا بعض الظواهر الغريبة، ناشئة مما تبثه وسائل الإعلام، حتى يصل إلى أصغر لبنة من لبنات المجتمع (الأسرة)، والمراقب للأوضاع، يرى الانغماس وراء الملذات بشتى صورها، والصرعات المختلفة من هنا وهناك، قد ظهرت بين الفينة والأخرى، حتى أصبحت عادةً متبعة.
نسلط الضوء في هذا المقال على ظاهرة التعري والانسلاخ من الحجاب الذي تقف خلفه أفكار مشوهة، كتلك التي تتخذ من شعار حقوق المرأة ذريعة للتحلل وللتسلل إلى مجتمعنا الصغير الموالي لأهل البيت عليهم السلام.
بدأت هذه الظاهرة تأخذ شكلاً من اللامبالاة، رغم خطرها الشديد، إذ بدأت منذ سنوات خلت بتعدد في أشكال وألوان العباءة، وبعض الزخارف التي تطرز على الأكمام والأطراف، ثم ما لبثت أن اتسع نطاقها إلى تغييرها من الفضفاضة إلى أن أصبحت شبه مجسمة لجسم المرأة، ثم ما لبثت شيئاً قليلاً حتى ورد علينا ما يسمى بعباءة الكتف، كل ذلك كان ولم تأت التوعية بالمخاطر المحدقة بهذا المجتمع قوية لامن الآباء، ولا حتى الملتزمين الذين يرزحون تحت رغبات نسائهم، فنجدهم يلتزمون بالحجاب في البلاد، ولكن ما إن تخرج من حدود البلدة حتى نراها بشكل آخر، دون أن ينبس زوجها ببنت شفه، وربما داعبها ببعض الكلمات التي تشجعها على هذا العمل، وقد قام بعض الخطباء والمثقفين بإبداء الامتعاض من تسرب مثل هذه الظواهر ضمن توجيهات منبرية في المراقد المقدسة لأهل البيت عليهم السلام والحسينيات والجوامع والاحتفالات المختلفة، ولكن الأثر لم يكن فاعلاً فهو يحتاج إلى أكثر من ذلك بكثير.
السؤال ماذا بعد كل هذا؟
إن ظهور بعض ملامح هذا الانسلاخ أدى إلى تفشي كثير من المشكلات الأخلاقية، فما بالك بالانسلاخ الكامل، الظاهرة التي نحن بصددها الآن، وهي امتداد للظواهر السابقة، أن تخرج فتاتان متعارفتان أصلاً ومتفقتان بالباطن إلى السوق، وقد ارتدت كل منهما أفضل أزيائها، وتفننت في وضع المساحيق على وجهها، حتى إذا ما وصلتا السوق تعانقتا، لجذب أنظار المارة إليهما، ماذا سيفعل الآباء حيال بناتهم وأولادهم؟ هل ينتظرون الوقوع في فخ الفضيحة؟ هذا هو فعلاً ما يحدث.
للحد من أخطار هذه المشكلات:
1. يجب أن يقوم كل فرد بدوره: الأب، الأم، الأخ، الأخت، الخطباء، المثقفون.
2. العودة إلى تعاليم الدين والنصوص الواردة في الحجاب وشكله.
3. تقديم المثل العليا، ونحن لا نجد مثالاً ابلغ من السيدة الزهراء وابنتها السيدة زينب عليهما السلام في الحفاظ على الستر والحجاب.
4. عدم كبت الفتيات نفسياً، ومراعاة حقوقهن، وعدم وضع الفروقات بين البنات والبنيين.
5. مراقبة الفتيات أثناء خروجهن، وعدم تركهن يذهبن للأسواق بمفردهن.
6. مراعاة الصحبة وأثرها.
وأخيراً نقدم النصح ببناء الأسرة بالإطار الإسلامي الصحيح، والحفاظ عليها لأنها اللبنة الأساس في صلاح المجتمع، آملين أن يستجيب الآباء والامهات، ويجعلوا شيئاً من أوقاتهم لأبنائهم، وألا تنصب همومهم في الملذات الدنيوية، كما نقدم همسة صغيرة في أذن مدعي الالتزام، فنقول مقال أمير المؤمنين علي عليه السلام: "من لم يكن له رادع من نفسه فلا رادع يردعه".