لكيلا نفشل: الزوج ليس ’ملاكاً’ والأسرة ليست كـ’معسكرات الجيش’!

موقع الأئمة الاثني عشر
زيارات:1065
مشاركة
A+ A A-

الطموحات اللامحدودة

كتب علي القائمي:

في غفلة عن الحسابات الواقعية للزواج وتأثير البعض وإيحائهم أحيانا تنطلق في نفس الرجل أو المرأة طموحات لا حد لها، إذ يتصور أحدهما أن سيحقق في ظل الزواج جميع طموحاته دون حساب، وأن الحياة ستكون مفروشة بالرياحين غافلاً عن أن الدنيا لها حسابها الذي يختلف عن حساباته.

اشترك في قناتنا ليصلك كل جديد

هناك بعض الطموحات المعقولة والمحسوبة، وهذه مسألة منطقية لا يعترض عليها أحد، لكن هناك من الطموحات ما لا يمكن أبدأ تحققه على ارض الواقع وإذن فينبغي الكف عنها.

الطموحات اللّا معقولة

لا يمكن استقراء جميع الطموحات الخيالية، وسيكون عدها مسألة في غاية الصعوبة، وسنكتفي في هذا البحث بالإشارة إلى أهمها كظاهرة عامة:

1. الملائكية: ربما تثير هذه المسألة الضحك عندما يطمع الرجل أو المرأة وخاصة في أوساط الشباب أن يكون الزوج ملاكاً بعيداً عن كل أشكال الخطأ، ولهذا فهو معرض للحساب واللوم دائماً .

إن تصور الزوج أو الزوجة ملاكاً قادماً من السماء لأمر غير منطقي تماما، نحن نعيش في عالم البشر لا في عالم الملائكة، ومن يعيش في هذا العالم لا بد أن يخطئ أو يصيب، الإنسان مزيج من صفات متعددة، ومن أجل خصاله الطبيعية ينبغي أن نغفر له أخطاءه او نغض الطرف عنها.

2. المستوى العلمي: وهذه ظاهرة نشاهدها لدى الكثير، حيث نجد فرقاً بين المستوى العلمي للرجل والمرأة، وربما ظن بعضهم أن الحياة فصل من فصول المدرسة يجلس فيه الزوجان للبحث والمناقشة والجدل، وقد يتصور أحدهما أن السعادة تكمن في ظلال شهادة الدبلوم أو الدكتوراه. وفي هذه الحالة كان من الواجب على أولئك أن يفكروا في ذلك من قبل، أو أن يهيئ أحد الطرفين الظروف المناسبة لتقدم زوجه في هذا المضمار

 3. النظام الدقيق جداً: نشاهد لدى البعض من الأزواج نوعا من الوسواس - إذا صح التعبير- في النظام، وإصرارهم على أن يكون كل شيء في مكانه، ولذا قد ينشب النزاع حول بعض التفاصيل اليومية كعدم وجود القلم - مثلا - فوق المنضدة وهلم جرا.

صحيح أن الحياة تحتاج إلى قدر من النظام والبرمجة، غير أن هناك فرقاً بين الأسرة ومعسكرات الجيش. 4. الاستسلام الكامل: ينظر البعض ومع الأسف إلى أزواجهم على أنهم عبيد وأرقاء، وعليه فإنهم مطالبون بتنفيذ ما يصدر إليهم من أوامر دون نقاش، وهذه النظرة بالطبع تفتقد إلى الحس الإنساني ولا ينبغي أن يشعر الإنسان بالسعادة إذا تمكن من تحقيق ذلك. ما الفائدة التي يمكن أن يجنيها الزوج إذا حوّل زوجته إلى مجرد جارية، وما هو النفع الذي تجنيه الزوجة إذا تحول زوجها إلى عبد؟ أليس هذا نسفاً لمعنى الحياة؟!

5. التشديد في السيطرة: إن معاني الحياة تكمن في الحرية، وبالرغم من طموح الإنسان لأن يعيش حراً فإنه يعمد إلى محاولة استعباد الآخرين كما يفعل ذلك بعض الأفراد بعد زواجهم، إذ يحاولون وبإصرار مراقبة كل شيء بدقة ضبّاط.

6. الإغراق في الاحترام: الاحترام المتبادل بين الزوجين مطلوب ولا يحتاج إلى نقاش، ولكن لكل شيء حدوده الطبيعية، فإذا تعداها فقد معناه وفائدته، كما أن الحياة الزوجية حياة تنبض بالعفوية والمحبة ولا تتناسب مع الرسميات والتشريفات التي يمكن تحملها ساعة أو ساعتين، أما الحياة المشتركة التي تمتد بامتداد العمر وتتسع لتشمل الحياة كلها فلا تنسجم مع الرسميات التي تتناقض مع الحب والعلاقة الحميمة المشتركة. 7. العمل والسعي الفائقان :هناك بعض النسوة اللائي ما إن يصل أزواجهن من العمل حتی يجرجرنهم إلى عمل آخر، فمثلا تلقي المرأة طفلها الرضيع في أحضانه للقيام على راحته وشؤونه، غافلةً عن أن زوجها قد وصل تواً من عمل مرهق، وأنه يحتاج إلى قدر من الراحة.

او نشاهد بعض الأزواج ما أن يضعوا أقدامهم في البيت حتى يطلبوا من نسائهم توفير جميع وسائل الراحة غافلين عن هذه الحقيقة وهي أن الزوجة كانت تعمل منذ الصباح في إدارة المنزل ورعاية الصغار.

8. وأخيرا فإن هناك بعض الأفراد الذين يتمنون نوعاً من السعادة قد رسموها في أذهانهم ويطلبون من الآخرين ممن يشاركونهم حياتهم أن يكونوا لهم خدم في ذلك، فهم ينشدون حياة تطفح بالنجاح الكامل والدائم بناءً على نظرياتهم الخاصة، وعندما يحدث قصور في ذلك فإنهم يحملون الآخرين مسؤولية الفشل في ذلك، ومن ثم تبدأ حياة النزاع.

مقتطف من كتاب الأسرة وقضايا الزواج

مواضيع مختارة