ما هي ’الثقافة’.. ما الذي تضيفه لنا؟

الشيخ صلاح الخاقاني
زيارات:1197
مشاركة
A+ A A-

الثقافة

هي ما يكتسبه الفرد من علوم ومعارف أو هي حالة الفرد من إلمامه بالعلوم والمعارف، وقد يضاف اليها الموسيقى والفنون، وتطلق ايضا بصورة تتجاوز الفرد الى الجماعة، فنقول عن مجموعة العلوم والمعارف والفنون التي يتعاطاها أو ينتجها أبناء المجتمع على الصعيد المحلي أو الأممي، ثقافة وطنية.

اشترك في قناتنا ليصلك كل جديد

بالإضافة الى الثقافة الشعبية، وتعني السلوكيات والتقاليد التي درج عليها أبناء المجتمع لا من حيث العلوم والمعارف بل ما درجوا عليه في حياتهم اليومية. وقد كانت تطلق بمعنى الاعتناء بالأرض وتهذيبها فانتقلت عن طريق المجاز الى العقل، فصار معناها الاعتناء بالعقل وتزويده بالمعرفة.

وأصلها في العربية صناعة شيء من مادة خام سيما في السلاح، مثل تحويل العود الى سهم فنقول ثقف العود ومنها أطلقت كلمة مثقف للسيف.

ظهر مصطلح الثقافة في اللغة الفرنسية في عصر الأنوار ومن ثم تسلل الى اللغة الانكليزية والألمانية منقولا من أصله اللاتيني الذي يعني رعاية الارض والماشية. 

في نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر في أوروبا؛ ارتبط مفهوم الثقافة بالتربية لأجل تطوير وتحسين مهارات الإنسان النافعة وخلال القرن التاسع عشر، حظي مفهوم الثقافة بمجال واسع من محاولات التعريف سيما في علم الإنسان (الانثروبولوجيا) وقد انتهت تلك التعريفات الى نهاية واحدة تقريبا تدور في محور المعرفة والمعتقدات والأخلاق والقانون والعادات والإمكانيات الاجتماعية وأية طبائع اكتسبها الفرد من المجتمع. غير أنه في القرن العشرين توسع مفهومه بشكل كبير في الكتابات الأدبية والفكرية. 

وأما في العالم العربي فيعتبر الأديب المصري سلامة هو أول من استخدم هذا المصطلح في عشرينات القرن العشرين للدلالة على النشاط الفكري والإبداعي.

ويمكننا القول عن مفهوم الثقافة في أنه يعني كل ازدياد معرفي يذكر عن الصفر المعرفي لدى الانسان، فمثلا تحديده لطريقة معينة في إشعال النار في فجره الاول يعتبر مؤشرا ثقافيا.

وربما كانت النقطة الأهم في موضوع الثقافة هو دورها الإيجابي في حياة الإنسان، والذي يحدده علماء الاجتماع بـ:

1- تنمية النواحي الفكرية والجمالية والروحية.

2- التعبير عن طريقة معيشة الشعوب أو المجموعات خلال فترة من الفترات.

3 - تطور جميع الأعمال والممارسات الخاصة بالنشاط الفني والفكري.

وهذا يقودنا الى الحديث عن النخبة المثقفة، التي تسعى للاستفادة من الثقافة العامة في عملية التطوير، وما عليه أن يكون لتلك النخبة من حضور إيجابي خلاق.

إن الفلاسفة العدميين مثلاً هم أناس في الخط الأول من الإلمام المعرفي والقدرة على صياغة الفكر في قوالب تحتوي بدورها على ثقافة المجتمع، ولكنها خارجة عن النخبوية الإيجابية التي تحقق منفعة المجتمع. وهذه الإيجابية تتأتى من خلال نقاط منها: 

1ـ الضمير الحي: إن السياسات العالمية التي تسعاها للهيمنة على الشعوب واستغلالها تسرع الى بث ثقافات فاسدة مضرة، فتنهض لمهمة بثها نخب مثقفة ولكنها معدومة الضمير او ما يمكن تسميته بالأقلام المغرضة المأجورة، كتلك التي تقوم ببث الأفكار الداعية للإنحلال الخلقي والرذيلة، سواء في الغرب أو بلداننا الاسلامية.

2ـ الانطلاق من معرفة وعلوم حقيقيين، وليس من تجربة معينة مثل فلاسفة الغرب الذي حاربوا الدين بشكل تام نتيجة معايشتهم لحكم الكنيسة.  

3ـ الحرص على نفع المجتمع. حيث أن الكثير من النخب المثقفة قد مارست دورها برغبة منها في البروز، وهذا ما يؤدي بالمثقف الى جملة من المزالق مثل حرصه على تقديم عطاءه الفكري بمعزل عن قيمة ذلك العطاء الإيجابية.

ومما لا شك فيه في موضوع الثقافة ودورها الاجتماعي، أن وسائل التثقف لها المجال الرحب في الطرق والآليات، فربما بلغ الفرد مستوى عالياً في الإلمام المعرفي والفكري بجهود ذاتية، ولكن هذا النمط لا يعد عملياً في بناء مجتمع متطور راق. لهذا فإن المدارس والمعاهد الدراسية تبقى آلية أكثر جدوى في خلق الكوادر المثقفة.       

مواضيع مختارة