لماذا يكره بعض الأبناء آباءهم؟!

موقع الأئمة الاثني عشر
زيارات:2802
مشاركة
A+ A A-

تنويه: المعلومات والآراء الواردة في هذا المحتوى تمثل رأي مؤلفها ولا تعكس بالضرورة رأي أو سياسة «الأئمة الاثنا عشر»

"أكره أبي".. أسباب كُره الأبناء لآبائهم

في تحليل كره الأبناء لوالديهم وتحديداً الأب سنجد العديد من العوامل والأسباب التي تخلق هذه المشاعر عند الأبناء، قد يكون تقدير الأبناء لبعضها مبالغاً به أو غير صحيح، لكنها بالمجمل تحرك كره الأب لدى الأبناء ذكوراً وإناثاً، ونذكر من أبرز أسباب كره الأبناء لوالدهم:

اشترك في قناتنا ليصلك كل جديد

1-  قسوة الأب وسوء معاملته لأبنائه: ليس من الغريب أن تكون قسوة الأب سبباً رئيسياً لتوليد مشاعر الكره والبغض عند الأبناء، خاصّةً عندما تكون هذه القسوة مستمرة وتعبر عن نفسها من خلال الإساءات الجسدية واللفظية، والتي تتراكم لتخلق شعوراً بالكره وربما الحقد والرغبة بالانتقام من الأب.

2- الإهمال العاطفي للأبناء: لا يكفي أن يمتنع الأب عن الضرب أو الإساءة اللفظية لأبنائه؛ فالإهمال العاطفي حتى وإن لم يترافق مع معاملة سيئة سيكون سبباً وجيهاً لمشاعر كره الأب.

3- غياب الأب وانشغاله: يشعر الكثير من الأطفال بأنهم منفصلون تمامًا عن آبائهم، في بعض الأحيان، تتجذر المشكلة لأن الأب يعطي الكثير من وقته وطاقته لمهنته، وقد يكون بمثابة الحاضر الغائب، إلا أن الأبناء بحاجة إليه للاضطلاع بدور الأب، ما يجعلهم يشعرون بالخيبة لانشغاله أو غيابه عنهم.

4- تخلي الأب عن مسؤولياته: ليس غريباً أيضاً أن نسمع قصصاً عن الآباء الذين يرحلون فجأة تاركين وراءهم أطفالهم، أو الآباء الذين يستلقون في البيت يشاهدون التلفاز دون أن يتحملوا أي جزء من المسؤولية المنوطة بهم، هذا النوع من الآباء سيكون جديراً بالكره.

5- تعامل الأب مع فترة المراهقة: التغيرات الكبيرة التي تطرأ على سلوك الأبناء وطريقة تفكيرهم في مرحلة المراهقة قد تنعكس أيضاً على استجابة الآباء، وإساءة إدارة مرحلة ما حول البلوغ تعتبر عاملاً حاسماً في العلاقة المستقبلية بين الأبناء والآباء.

6- السخرية والاستهزاء من الأبناء: سخرية الأب من ابنه واستهزائه بقدراته وإمكانياته، وإهانته أمام الآخرين خاصة أمام من هم في نفس سنه وإطلاق الألقاب السيئة عليه...إلخ، تتسبب يوماً بعد يوم بتراكم مشاعر الكره والبغضاء عند الطفل أو المراهق، هذه المشاعر التي قد ترافقه مدى الحياة!

7- جرح والدك شخصاً تحبه: قد لا يدرك بعض الآباء أن طريقة تعاملهم مع أفراد الأسرة تنعكس على مشاعر الجميع تجاه الأب ورب البيت، فالأب الذي يهين زوجته وأم أطفاله قد يحصد نتيجة ذلك كرهاً وضغينة من أبنائه.

8- الأخلاق والسلوكيات السيئة: يكره الابن أباه عندما يشاهده في حالات الانحراف السلوكي مثل شرب الكحول بإفراط أو العلاقات النسائية أو لعب القمار أو تعاطي المخدرات أو مشاهدة الأفلام الإباحية...إلخ، وعندما يواجه الطفل بنفسه نتائج ذلك أمام المجتمع.

9- بخل الأب: مأساة الأب البخيل من التجارب القاسية والتي غالباً ما تنتهي بعلاقة متوترة بين الأب وأبنائه بعد أن يصبحوا قادرين على القيام بأنفسهم، لأن البخل لن ينعكس فقط على الكماليات ورغبات الأبناء الثانوية، بل على صحتهم وتعليمهم وصورتهم الاجتماعية؛ اقرأ مقالنا عن مأساة الأب البخيل.

10- التمييز بين الأبناء وغياب العدل: عدم العدل بين الأبناء وتفضيل الأب أحد أبنائه على بقية الأبناء يخلق في داخلهم شعوراً سلبياً سينتهي إلى أن يكرهوا والدهم، بل أن الطفل المميز قد يكره والده أيضاً عندما يعي نتيجة التمييز في التربية على أخوته.

11- الهوس بالسيطرة: حرمان الأبناء من المساحة والحرية في استكشاف وتجربة وتطوير شخصياتهم الفردية في سنواتهم المبكرة، يعني وجود مشاكل كثيرة عند نضوجهم، لنقل أن ذلك له علاقة بتغيّر موازين القوى عندما ينضج الأبناء ويمتلكون قراراتهم، ولن يغفروا حرمانهم من المشاركة بصناعة مستقبلهم عندما كانوا يافعين.

تأثير كره الأب على حياة الأبناء

لا شك أن كره الأب من التجارب التي تنعكس بشكل كبير على مستقبل الأبناء وشخصيتهم وحتى على تربيتهم لأبنائهم في المستقبل، ويمكن أن نذكر أبرز آثار كره الأب على حياة الأبناء كالآتي:

1- تشير الدراسات إلى أن الرفاه النفسي للآباء أنفسهم يؤثر بشكلٍ كبير على نمو الأبناء وتطور شخصياتهم، فعندما يكون الأب قاسياً أو يمر بحالات مزاجية متقلبة؛ سينعكس ذلك بشكل مباشر على نمو الأطفال وتطورهم، فما بالك إذا وصل الأمر إلى كره الأب!

2- يفقد الأبناء الذين يكرهون آباءهم المثل الأعلى، حيث يكتسب الأبناء الذكور المثل لأعلى من الأب بشكل أساسي، وعندما تتولد مشاعر الكره لديهم تجاه الأب سيفقدون هذا المثل ويتخبطون بحثاً عن شخص آخر يتمثلون به.

3- كذلك الأمر بالنسبة للفتيات، حيث تفقد الفتاة جزءاً كبيراً من استقرارها النفسي بسبب مشاعر الكره التي قد تكنها لوالدها، ما قد ينعكس على نظرتها للرجال عموماً وعلى علاقتها الزوجية في المستقبل كما سنقرأ في تجارب مجتمع حِلّوها.

4- يعيش الطفل الذي يكره أباه صراعاً داخلياً من الغيرة والحسد تجاه أقرانه، ففي الكثير من المواقف يشعر بغيرة خانقة وحسد مؤلم، كما في الحالات التالية:

  • عندما يحضر الآباء الآخرون الأحداث الرياضية لمشاهدة أطفالهم يلعبون، ولا يحضر والده.
  • يقضي الآباء الآخرون وقتًا في الذهاب للصيد أو لعب الكرة مع أطفالهم.
  • يتكلم الآباء الآخرون ويضحكون مع أطفالهم.
  •  يخبر الآباء أطفالهم أنهم يحبونهم.
  •  يبدو أن الآباء الآخرين مثل الآباء "الحقيقيين".
  •  يقوم الآباء بمدح أبنائهم أمام الآخرين.
  •   عندما يمدح الأقران آباءهم.
  •   وعندما يلبي الآباء رغبات أبنائهم المادية والمعنوية، فيما لا يحصل الطفل من أبيه على شيء.

5- مشاعر كره الأب قد تتحكم بخيارات الأبناء المستقبلية، فالطفل بمجرد أن ينتقل إلى مرحلة المراهقة سيبدأ باتخاذ خيارات هدفها الأساسي التمرد على سلطة الأب، مثل ترك الدراسة أو ترك المنزل أو الاتجاه إلى سلوكيات انحرافيه.

6- كره الأب قد يرافق الأطفال طيلة حياتهم، ما قد يدفعهم للتعبير عنه صراحة في مرحلة الشباب والرشد، بل أن بعض الأبناء يتخلون تماماً عن رعاية آبائهم في الكبر كنوعٍ من الانتقام.

7- كما يؤثر كره الأب على طريقة تعامل الأبناء مع أبنائهم في المستقبل، لكن بشكل لا يمكن التنبؤ به، بعض الأبناء عندما يكبرون يحاولون تقديم صورة مختلفة عن الأب في تربيتهم لأبنائهم، والبعض الآخر يستنسخ التجربة ذاتها.

إصلاح العلاقة بين الأب والأبناء

إذا كنت تريد أن تكون أبًا أفضل لأطفالك؛ لا بد إذاً أن تبدأ بمعالجة الأسباب التي ولّدت الكره في قلوبهم، وإليك بعض النصائح لإصلاح العلاقة بين الآباء والأبناء:

1- ابدأ بفهم المشكلة: يجب أن تحاول فهم أسباب المشاعر السلبية التي يكنها أبناؤك لك، حاول أن تفهم ما يجعلهم يكنون مشاعر غير طبيعية تجاهك، وابدأ فوراً بعلاج الأسباب مهما كانت.

2- اقضي وقتًا ممتعًا مع أطفالك: أحد أكثر الأمور التي تحتاج إلى تحسين الوقت الذي تقضيه مع طفلك، والمهم هو نوعية الوقت الذي ستقضيه مع أبنائك، وننصح بالقيام بالأمور التالية:

  •  اقرأ كتابًا بصوت عالٍ.
  • العب معهم لعبتهم المفضلة.
  •  العب معهم في الهواء الطلق.
  •  شاركهم إنجاز المهمات المختلفة.
  •  شاركهم برامجهم المفضلة على التلفاز.
  •  اسألهم دائماً عمّا يرغبون بفعله معك.
  • فاجئهم دائماً بالترفيه واللعب والمزاح.

3- شاركهم تفاصيل حياتهم: إن إظهار الاهتمام بالأطفال يختلف جذرياً عن الرقابة الأبوية الصارمة، ومشاركة الأطفال حياتهم يختلف عن التحكّم بها، حيث يمكنك أن تشارك أطفالك تفاصيل حياتهم ليومية من خلال:

  • اسأل طفلك كيف كان يومه في المدرسة.
  •  اسأل طفلك عن كل أصدقائه وعلاقته معهم.
  •   أخبره عن طفولتك وتجاربك المختلفة.
  •  أعطه المجال للحديث عن مجريات يومه دون أن تلعب دور المحقق.
  •  خصص وقتاً للاستماع لما يريد طفلك قوله دون أسئلة.

4- عبر عن حبك لأطفالك بشكل مباشر: التعبير عن الحب أكثر ما يهم الأطفال، ويشمل ذلك التعبير اللفظي المباشر عن الحب، والتعبير غير اللفظي من خلال التصرفات والاهتمام والهدايا وما شابه، إضافة إلى أهمية التواصل باللمس فهو من لغات الحب عند الأطفال.

5- اطلب المساعدة: عليك ألا تتردد بطلب المساعدة ليس فقط لعلاج أطفالك من مشاعر الكره ومعرفة التقنيات الأنسب لاستبدالها بمشاعر الحب الطبيعية، بل أيضاً لتتمكن أنت كأب من التعامل مع مشاكلك السلوكية والنفسية التي تؤثر على أطفالك، مثل الغضب والعصبية الزائدة أو إدمان العمل أو غيرها.

حِلّوه

مواضيع مختارة