هناك روايات متعددة تثبت أن الإمام ليس له ظل أو فيئ، منها ما جاء عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) قال: عشر خصال من صفات الامام: العصمة، والنصوص، وأن يكون أعلم الناس وأتقاهم لله وأعلمهم بكتاب الله، وأن يكون صاحب الوصية الظاهرة، ويكون له المعجز والدليل، وتنام عينه ولا ينام قلبه، ولا يكون له فيئ، ويرى من خلفه كما يرى من بين يديه. (الخصال ص 428).
وفي رواية أخرى عن الرضا (عليه السلام) قال: للإمام علامات يكون أعلم الناس وأحكم الناس واتقى الناس وأشجع الناس وأعبد الناس وأسخى الناس، ويولد مختونا ويكون مطهرا، ويرى من خلفه كما يرى من بين يديه، ولا يكون له ظل، وإذا وقع على الارض من بطن امه وقع على راحتيه) (مسند الامام الرضا عليه السلام ج 1ص293).
وجاء في صفة الإمام المهدي (عليه السالم) عن الإمام الرضا (عليه السالم) أنه قال: (.. وهو صاحب الغيبة قبل خروجه. فإذا خرج أشرقت الأرض بنوره، ووضع ميزان العدل بين الناس فلا يظلم أحد أحدا. وهو الذي تطوى له الأرض ولا يكون له ظل) (بحار الأنوار، ج 52، ص 322).
ولا ينافي ذلك بشرية الرسول (صلى الله عليه وآله) والأئمة من أهل بيته (عليهم السلام)، ولا مانع من أن يكونوا بشر وفي نفس الوقت أجسامهم نورية ملكوتية، وهذا ما أكده أمير المؤمنين (عليه السلام) لطارق بن شهاب بقوله: (يا طارق الإمام كلمة الله، وحجة الله، ووجه الله، ونور الله، وحجاب الله، وآية الله، يختاره الله ويجعل فيه ما يشاء، ويوجب له بذلك الطاعة والولاية على جميع خلقه، فهو وليه في سماواته وأرضه، أخذ له بذلك العهد على جميع عباده، فمن تقدم عليه كفر بالله من فوق عرشه، فهو يفعل ما يشاء، وإذا شاء الله شاء.... إلى أن يقول: والامام يا طارق بشر ملكي، وجسد سماوي، وأمر إلهي، وروح قدسي، ومقام علي، ونور جلي، وسر خفي، فهو ملك الذات، إلهي الصفات، زائد الحسنات، عالم بالمغيبات، خصا من رب العالمين، ونصا من الصادق الأمين.) (بحار الانوار ج 25، ص 172)
ولم يخالف أهل السنة في ذلك، حيث ذكر بعض أصحاب السير والشمائل وبعض علماء الفقه في خصائص رسول الله بأنه لم يكن له ظل، ومنها ما جاء في فيض القدير للمناوي: (... ألا ترى إلى قول المطامح وغيرها أنه كان يبصر من خلفه لأنه كان يرى من كل جهة من حيث كان نوراً كله وهذا من عظم معجزاته، ولهذا كان لا ظل له لأن النور الذي أفيض عليه منع من حجب الظلمة وقد كان يدعو بسبعة عشر نوراً فبهذه الأنوار أبصر من كل جهة ولذلك تجلت له الجنة في الجدار لفقد الحجب ..) (فيض القدير للمناوي - حرف الهمزة - أتموا الركوع والسجود ج1 ص112).
وقال البهوتي الحنبلي في (كشاف القناع): لم يكن له صلى الله عليه وآله وسلم فيء؛ أي ظل في الشمس والقمر، لأنه نوراني، والظل نوع ظلمة) (كتاب فتاوى الشبكة الإسلامية، ص723).
وعن ابن عباس قال: (لم يكن لرسول الله ظل، ولم يقم مع شمس قط إلا غلب ضوؤه ضوءَ الشمس، ولم يقم مع سراج قط إلا غلب ضوؤه على ضوء السِّراج) (الوفا بتعريف فضائل المصطفى - أبواب صفات جسده - الباب التاسع والعشرون ج1 ص304)
وفي السيرة الحلبية: (وأنه إذا مشى في الشمس أو في القمر لا يكون ظل لأنه كان نوراً وأنه إذا وقع شيء من شعره في النار لا يحترق) (السيرة الحلبية للقسطلاني ج3 ص372)
وإذا ثبت ما تقدم يتضح أن عدم الظل من صفات الرسول والائمة من أهل البيت، وبذلك لابد أن تكون صفة دائمة غير محددة بوقت، وهي بلا شك دالة على امامتهم، ولا يمنع وجودها من جحود الجاحدين وإنكار المعاندين، فكم جاء الأنبياء بالبراهين والمعاجز الواضحة ومع ذلك قوبلوا الانكار والتكذيب.