انتشر استخدام الشبكة العنكبوتية في العقد الأخير بشكل غير مسبوق، حيث أنها قد غزت كل البيوت ووصلت الى كل أفراد الأسرة، الصغير منهم والكبير، وأصبح وجودها في البيت أمراً أساسيا وضرورة ملحة.
والإنترنت بحد ذاتها عالم كبير، تختلف فيه الثقافات والألسن، والأجناس والألوان والأديان، كما أنها تحوي الشر والسلبيات بنفس ما تحوي الخير والإيجابيات وبهذا يكون الإنترنت سيفا ذو حدين.
وإذا كان أبناؤنا وفلذات أكبادنا من أبرز مستخدمي الانترنت، سواء كان استخدامهم للعب أون لاين أو للتواصل أو للبحث والتعلم، فلا بد من حمايتهم من كل الأخطار التي قد تهددهم أثناء إبحارهم في بحر الشبكة العنكبوتية.
ما الأخطار التي قد يتعرض لها طفلي على الشبكة؟
أطفالنا ببراءتهم يظنون أن الإنترنت ليس أكثر من فيديو مضحك، أو صورة بالأبيض والأسود يطبعونها لتلوينها، أو قد تكون مصدرا لإجابة تساؤلاتهم الكثيرة والبريئة، لكنهم بالتأكيد لا يعلمون شيئا عن الفيروسات، أو الخصوصية الإلكترونية، أو منتحلي الشخصيات، وأيضا الذئاب البشرية الباحثة عن الوجوه الغضة.
إذا كيف أحمي أطفالي من هذه الأخطار؟
خطوات حماية أطفالك من الإنترنت
1- ابدأ بمناقشة موضوع الأمان الالكتروني في سن مبكرة، فأطفالك يبدؤون في سن مبكرة جدا باستخدام الشبكة العنكبوتية، ولأن الإنترنت عالم مواز لعالمنا الحقيقي بخيره وشره، فلا بد من توعيتهم بأن الأخطار قد تتواجد حتى في أبسط الأنشطة على الشبكة.
بعد ذلك يبدأ الأطفال بالغوص أكثر وأكثر في عالم الإنترنت، وقد يبدؤون بإنشاء الحسابات على بعض مواقع الألعاب وغيرها، وهنا من الضروري البدء بتوضيح فكرة الخصوصية وأيضا حماية كلمات السر، هذا بالإضافة إلى تحسيس أطفالك بأهمية “السمعة على الإنترنت” والتي تشمل جميع المعلومات الخاصة بأطفالك على هذه الشبكة، سواء عبر محركات البحث أو وسائل التواصل الاجتماعي.
2- “مالا تستطيع القيام به وجها لوجه لا تقم به على الإنترنت”، يجب أن يستوعب أطفالك هذه العبارة جيدا، فمجرد الشعور بالأمان بسبب بعد المسافة والتخفي خلف اسم مبهم، لا يمنح الطفل صلاحيات ليست متاحة له في العالم الحقيقي، وعلى سبيل المثال فليس من المألوف في عالمنا الحقيقي أن تتجه إلى شخص غريب لا تعرفه وتفتح معه حوارا ما، وعليه فعليك الحرص على أن لا يفعل طفلك ذلك على الشبكة.
3- اسألهم بشكل متكرر عن آخر ما قاموا بوضعه على صفحاتهم الشخصية، أو علق على صورة قاموا بمشاركتها، فهذا الأمر يذكرهم باستمرار بتحديد خصوصية صفحاتهم الشخصية ويحسهم بتواجدك الدائم معهم.
4- حذرهم بشكل مستمر من الغرباء الذين يقدمون هدايا مجانية على الشبكة، ولا تتوقع أن يتصرف أطفالك بشكل مختلف عن تصرفاتهم الحقيقية إذا كنت قد شرحت لهم مرارا وتكرارا عن أنواع الجرائم التي قد يرتكبها مجرمون دخلوا من خلال الشاشة أكثر من دخولهم من الشباك مثلا، لذلك احرص على تثقيفهم حول مخاطر الاستجابة لرسائل البريد الإلكتروني، والإعلانات، والمسابقات التي تقام عبر الإنترنت، وخصوصا عندما تكون من مصادر غير معروفة، ففي كثير من الأحيان يمكن أن تكون ملغمة بفيروسات أو برامج التجسس على أجهزة الكمبيوتر أو تستخدم لسرقة المعلومات الشخصية.
5- “بمجرد أن تكتب شيئا، فلن يُمحى أبداً”، عبارة مهمة ومعناها عميق، صحيح أن ما يكتب على صفحتك قد تمسحه فورا، لكنه يكون قد تم نسخه مرارا وتكرارا على محركات البحث وغيرها، لذلك احرص على أن توعي طفلك بهذا لكيلا يقوم بكتابة شيء يندم عليه كلما عاد وظهر له.
قد يشارك الأطفال دون قصد وبسذاجة معلومات حساسة أو صور خاصة على الإنترنت عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو غيرها من المواقع، ويمكن استخدام هذه المعلومات ضدهم، ويمكن أيضا التلاعب بالصور وتدمير سمعة طفلك على الانترنت، وهنا يأتي دورك لتنفيذ الخطوة الأولى وهي مناقشة موضوع الأمان الإلكتروني بانتظام وإشعار أطفالك بأهمية الخصوصية وخطورة تبادل الصور والأفكار على شبكة الإنترنت.
6- لا تكتف بتلقينهم القوانين، بل اقض معهم بعض الأوقات أثناء تصفحهم للشبكة، واجعلهم يعتادون وجودك حولهم أثناء استخدامهم لمختلف التطبيقات التي تستهويهم، فذلك يساعد كثيرا لتقوية خط التواصل والتفاهم بينك وبينهم.
7- كن صديقا لهم على الشبكة، اطلب من أطفالك أن يقوموا بإضافتك على مختلف شبكات التواصل إذا كانوا من مستخدميها، وراقب تصرفاتهم من بعيد، لا تعلق عليها كلها، فالأطفال في هذا السن لديهم اهتمامات تختلف عن اهتماماتك، بل نبهم على الخطير منها.
أطفالك عندما يكبرون ويصبحون في سن المراهقة، سيصعب عليهم تقبل نصائحك، بل قد ينزعجون منها، لذلك لا تثقل عليهم، وحاول طرح نصائحك وتوجيهاتك بصيغة غير مباشرة، أو قص عليهم قصة حدثت لصديق، واجعل العبرة مبطنه داخلها.
ماذا لو فكرت في منع طفلك من استخدام الإنترنت بشكل نهائي؟
إنك بذلك لن تحل المشكلة، كمن يقرر أن يقفل بيته للأبد خوفا من اللصوص، بل إنك تجعل المشكلة أكبر لأنهم لا بد أن يستخدموا الشبكة خارج البيت إذا منعوا من استخدامها داخله، لكنهم في هذه الحالة سيستخدمونها ويدمنونها دون أي ضوابط مما سيؤثر سلبا عليهم.
ختاما، فإذا كان للإنترنت هذا الحضور القوي في عصرنا الحالي، فلابد من حضورنا بشكل أعمق وأقوى في مستقبل أبنائنا، من أجل ذلك علينا أن نكون حريصين على تمكين أسس الحماية في نفوسهم، كي ينطلقوا نحو المستقبل محصنين من أي أخطار قد تصيبهم نتيجة لاستخدام الشبكة العنكبوتية.
كيف