تشبه الرجال بالنساء
زين سليم
خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان في أحسن تقويم وفي أكرم صورة، وجعل منه الزوجين الذكر والأنثى، ليُكمّل منهما الآخر، قال الله تعالى في القرآن الكريم: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وأنثى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ).
وقد اقتضت حِكْمة الله سبحانه وتعالى أن جعل لكلٍّ من الذكر والأنثى خصائص وصفات تميّزه عن غيره، ومن شأن تلك الصفات والخصائص تحقيق التكامل بينهما، فكان تكوين الرجل بما أمدّه الله تعالى به من القوّة البدنيّة مناسباً مع سعيه للعمل وطلبه للرزق، وكذلك الأمر بالنسبة للمرأة فكان تكوينها مناسباً لما سُتناط به من حمل وولادة ورعاية، ولكن في الآونة الأخيرة أصبح هناك إقبال من بعض الناس على إحداث تغييرات في خِلْقتهم وهيئتهم، ومنه تشبّه كلّ من الجنسين بالآخر.
معنى التشبّه
توجد العديد من المعاني اللغويّة والاصطلاحيّة للتشبّه، وفيما يأتي بيان ذلك:
معنى التشبّه لغةً: التشبّه في اللغة اسم، ويُقال: تشبّه بفلان، أي: تمثَّل به، أو اقتدى به، أو حاكاه، وتشبّه بالنّساء، أي: ماثلهنّ في حركاته وسلوكه، وتشبّه بالكرام، أي: صنع صنيعهم، والمشابهة تعني: التقاء شيئين أو أكثر في بعض الصّفات، وجاء أيضاً في معجم مقاييس اللغة أنّ الشين والباء والهاء أصل واحد يدلّ على تشابه الشيء وتشاكله في اللون والوصف، ويُقال: شِبْهٌ وَشَبَهٌ وَشَبِيهٌ.
معنى التشبّه اصطلاحاً: يُعرّف التشبّه في الاصطلاح بعدّة تعاريف، منها: أن يتكلّف الإنسان في مشابهة غيره، في كلّ أو بعض ما يتّصف به، محاولة الإنسان أن يكون شبهاً للمتشبَّه به في هيئته، وحُلّته، وصفته، وأن يكون متكلّفاً في ذلك وقاصداً له، أن يتكلّف الإنسان في مشابهة غيره، في القيام بعبادة، أو عادة، أو صفة، أو لِباس، أو فعل، أو سلوك نهى عنه الله سبحانه وتعالى، وهو التشبّه المنهي عنه.
حكم تشبه الرجال بالنساء وضوابطه
يعدّ تشبّه الرّجال بالنّساء، وتشبّه النّساء بالرّجال، من الأمور المُنكرة في الدين الإسلاميّ التي يُلعن صاحبها، وهي من كبائر الذّنوب التي تُهلك صاحبها، والدليل في ذلك أنّ في هذه الأفعال مناقضة ومخالفة للفطرة السليمة التي فطرها الله -سبحانه وتعالى- لعباده، ولِمِا في التشبّه من المفاسد الدينيّة والدنيويّة، واستدلّوا بما ورد عن النبيّ -صلّى الله عليه وآلة وسلّم- من الحديث النبويّ، الإمام علي (عليه السلام) - وقد رأى رجلا به تأنيث في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآلة) -: اخرج من مسجد رسول الله يا من لعنه رسول الله، ثم قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآلة) يقول: لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال.
الإمام الصادق (عليه السلام) - عن آبائه (عليهم السلام) -: كان رسول الله (صلى الله عليه وآلة) يزجر الرجل أن يتشبه بالنساء، وينهى المرأة أن تتشبه بالرجال في لباسها.
علاج ظاهرة تشبّه الرجال بالنساء
من الأمور المهمّة التي يجب على الشخص وعلى الأسرة وعلى المجتمع اتّباعها لعلاج موضوع تشبّه الرّجال بالنّساء بشكلٍ خاصٍ، والتشبّه المنهي عنه بشكلٍ عامٍ، ما يأتي:
- إحسان تنشئة الأفراد والالتزام والمحافظة على الفوارق السلوكيّة بين كلا الجنسين.
- غرس روح الاعتزاز بالرجولة لدى الشّباب.
- ربط الشباب بنماذج تكون لهم قدوة، ومن خير القدوات النبي محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم، وأهل بيته (عليهم السلام) والعلماء.
- نشر الوعي الإسلاميّ في المجتمعات، وتصحيح الأفكار وإثارة التّوبة إلى الله -تعالى- في النّفوس.
- العمل على تعليم الشباب أحكام الدين الإسلاميّ.
- ربط الشباب والبيوت بالأئمة والعلماء الربانيين، من خلال وسائل الإعلام، أو وسائل التواصل المباشر.
- تجديد الأمل في نفوس الشّباب، وشحذ هممهم وتوجيههم إلى طريق الحقّ والصواب.
- الاهتمام بالجانب التربويّ في المدارس، وتشديد الرّقابة على المخالفات الأخلاقيّة.
- ملء فراغ الشباب بكلّ الأعمال النافعة والمفيدة.
- بيان المعنى الصحيح لمفهوم الحريّة، وأنّه لا يعني ولا بأي صورة الانفلات، أو مخالفة أحكام الدّين الإسلاميّ.
- تعليم الشّباب كيفيّة الاستفادة من الآخرين، وذلك بأخذ أحسن الأخلاق والأعمال عنهم.
- تصحيح الأفكار والعادات الاجتماعيّة الفاسدة.
- توفير العلاج والرعاية النفسيّة والاجتماعيّة لكلّ مَن يحتاج إلى ذلك.
- الرّقابة الواعية على المجتمعات ورصد الظواهر والانحرافات من قِبل المسؤولين.