نريمان سنتينا:
هل سبق وأن سمعتم ابنتكم حين يسألها أخوها عن أمر ما تجيبه: "لا دخل لك"!
هل سبق وقلتم لولدكم الذكر حين يحاول أن يتدخل في أمر ما من شؤون أخته أو يستفسر عن أمر ما: "لا دخل لك!!"
هل سبق لك أيتها اﻷم أن منعت ابنتك من أمر لا يليق بها كفتاة فقالت لك: "وكيف أخي!"
هل سبق لابنتك أن راحت تتعامل مع شقيقها بندية! فترد له الجواب بعشرة أجوبة! وتستفزه حتى يهم بضربها أحيانا!
هل سمعتم ابنتكم تجيبكم أو تجيب أخاها حين تتم مراجعتها على خطأ فعلته: أنا حرة!
هل تجدون أن ابنتكم لا تجد ضيرا من القيام بأعمال يقوم بها الذكور وتتصرف مثلهم وتلعب بألعابهم وأحيانا تضرب أخاها أو أقرانها من الذكور أثناء اللعب!
هل تعانون من تمرد بناتكم عليكم!
إن كل ما تقدم من مظاهر سلوكية هو مؤشر غير صحي وغير سليم لما ستكون عليه فتياتنا في المستقبل!
ولكن لماذا أصبحت فتياتنا هكذا؟ هل هذا بسبب تربيتنا الخاطئة لهن؟؟ أم هذا عائد لما تشاهده بناتنا على شاشات التلفزة منذ نعومة أظفارهن؟
وهل هناك مسلسلات كرتونية تعزز التمرد والندية عند اﻷنثى وتعبث بفطرتها التي فطرها الله عليها؟!
ثانوية supergirls تحت المجهر!
ثانوية supergirls هو مسلسل كرتوني تم إطلاقه في الربع الثالث من عام 2015، وقامت بإنشائه شركة DC Comics وهي إحدى الشركات التابعة لشركة Time Warner وشركة Mattle وهي شركة أمريكية تم تأسيسها عام 1934، وهي تعد من أقدم وأنجح شركات القصص المصورة اﻷمريكية وتضم العديد من اﻷبطال الخارقين بما في ذلك سوبرمان وباتمان والمرأة المعجزة.
في هذا المسلسل تظهر مجموعة من الفتيات الخارقات وهن المرأة المعجزة وبات جيرل وسوبر جيرل وغيرهن، حيث يقمن بأعمال يقوم بها الذكور وخارقة لحل اﻷزمات والمشاكل التي يقعن فيها في الثانوية، فعلى سبيل المثال في إحدى الحلقات حصل تفجير في مبنى الثانوية فقامت المشرفة على المدرسة بتوزيع مهام إصلاح الخلل الحاصل على الفتيات الخارقات، فطلبت من الفتيات البحث عن الضرر الحاصل في البنى التحتية والمنظومة الكهربائية، وهذه أعمال يقوم بها الذكور وليست من اختصاص الإناث.
صحيح أن المرأة قادرة على تحدي كل الظروف الصعبة التي قد تمر بها في حياتها، ولكن حين نجعل تحدي المرأة لظروفها الصعبة هو أن تقوم بوظائف يقوم بها الرجال وأن نوهمها أنها تستطيع الاستغناء عن الرجل في حياتها وأنها ند له في كل شيء، وأن نجعل الاستثناءات التي تحصل في الحياة قاعدة عامة تسير عليها البشرية، فإن ذلك هو عين العبث بالفطرة الإنسانية والحياة.
إن المسلسل الكرتوني ثانوية supergirls هو نموذج متقدم لما وصل إليه الغزو الفكري والسلوكي لمجتمعاتنا، إن مثل هذا المسلسل يزرع في كل فتاة أنها مساوية للرجل في كل شيء وأن باستطاعتها الاستغناء عن الرجل وأنها تتمتع بالقوة الجسدية مثله، فتنشأ الفتاة منذ الصغر وهي تتوهم أنها مساوية للرجل في جميع خصائصه النفسية والجسدية والعقلية وأنها تضاهيه في كل شيء، فتصبح صاحبة نزعة ندية له سواء أكان أخاها أم زوجها أم الرجل عامة أيا كانت صفته بالنسبة لها.
ومع الدعوات المتكررة إلى تحرير المرأة وتحررها من الرجل والتي سوف تشاهدها على الشاشات عندما تكبر، ومع وجود رجال يتصفون بالذكورية لا الرجولة، فإنها ستنشأ فتاة تصارع الرجل وتتعامل معه بندية ﻷن تفكيرها قد امتلأ بكل الدعوات التي تسربت إلى عقلها خلسة لتتمرد على الرجل والحياة.
رسوم متحركة ودعوات شاذة وأضف عليها تربية خاطئة، كلها قد أوصلت مجتمعاتنا لما هي عليه من الصراع بين الرجل والمرأة ومن حالات طلاق وتفكك أسري بات السائد في مجتمعاتنا.
فهل إلى سبيل لتغيير واقعنا المرير؟؟ وإصلاح ما فسد من تشوه للفطرة التي فطر الله عليها الذكر والانثى؟
اجعلوا الحياة مشاركة لتزهر جنان القيم!
جاءت ابنتك إليك أيتها اﻷم وقالت لك:" هل تسمحين لي يا والدتي بالخروج لزيارة صديقتي؟" فقلت لها: "نعم"، فارتدت ملابسها وأرادت الخروج، فسألها شقيقها: "إلى أين أنت ذاهبة؟" فأجابته:" لا دخل لك!!"، فهل تتركين أيتها اﻷم مثل هذه الإجابة تمر دون توجيه؟
والإجابة: دعي ابنتك تذهب، ولكن بعد عودتها عليك أن تجلسي معها جلسة ود وتفهمينها الكثير من الامور، أفهميها أن شقيقها له دور في حياتها وهو حمايتها ورعايتها كما والدها وأن عليها أن تشاركه أحزانها وأفراحها وأخبارها وأنه كان عليها أن تجيبه حين سألها أين تذهب بأنها ذاهبة إلى صديقتها لا أن تخرجه من حياتها بإجابتها:" لا دخل لك"، وأن تطلبي منها الاعتذار من شقيقها على إجابتها هذه.
أما شقيقها فعليك أيتها اﻷم تطييب خاطره ريثما تعود شقيقته وأن تفهميه أن دوره ليس التحكم بأخته بل عليه أن يشعرها أنه يسألها من باب الخوف عليها ومشاركتها شؤون الحياة، وأنه عليه دائما أن يتعهد أخته بالنصيحة وأن يناقشها الكثير من الامور وأن يستمع لها ويحترم رأيها وأن يعطيها مساحة من الحرية لاتخاذ قرارات متعلقة بشؤون حياتها وأن لا يفرض عليها رأيا أو يتحكم فيها كما يشاء، وأن تطلب منه أن يجلس مع شقيقته ويناقشها في تصرفها ويعبر لها عن مشاعر حبه لها وخوفه عليها.
إن الحياة داخل الاسرة قائمة على المشاركة في كل شيء، المشاركة في الاحزان والافراح، فإن كان أحد أفرادها حزينا يشاركه الجميع حزنه وإن كان فرحا كذلك، خاصة بين الاخ وأخته والاخت وأخيها، على الابن أن يبث شجونه لأخته وكذلك الاخت وأن يتناصحان ويتشاركان الحلول لكل المشاكل التي تعصف بهما، فيتعلم الولد أن الفتاة لها عقل قد يفوق عقله أحيانا في حل اﻷزمات، وتتعلم الفتاة أن في عقل أخيها ما لا يمكنها إدراكه أحيانا.
إن مثل كلمة: لا دخل لك!!! التي قد تقولها الفتاة في سن المراهقة قد تبدأ بقولها لأخيها منذ الطفولة المبكرة، لذلك على اﻷم أن تلاحظ ذلك وأن تبدأ بمعالجته بما يتناسب مع عمر الفتاة وعمر أخيها.
إن أسوأ ما يصيب مجتمعاتنا هو الفردية والانانية التي تنخر جسد الاسرة وبعدها المجتمع، مما جعل مجتمعاتنا مجتمعات تتصف بصفات مجتمعات آخر الزمان، حيث لا محبة ولا قيم ولا وحدة، وحيث الظلم السائد والفساد الذي عم حتى طم!
إن طريق العودة إلى الحياة القويمة يبدأ من البيت، حيث لا تترك اﻷم وحدها تقوم بأعباء المنزل ويتخلى الرجل عن القيام بالأعمال التي تتطلب رجلا، وإن طريق العودة يبدأ حين لا يتحكم الاب بابنته ويفرض عليها طاعة أخيها.
إن طريق الصلاح لحالنا هو المشاركة بين أفراد الاسرة وأن يقوم كل من الرجل والمرأة بدوره المنوط به والذي يتكامل مع الآخر ولا يلغيه، وكلمتي لكم في الختام هي:
إن التربية تحتاج إلى تفكر وهدوء لنعرف كيف نضع أبناءنا على الطريق الصحيح، فتعاهدوا التفكر في سلوكيات أبنائكم والحلول لتقويمها، فقد تصلون إلى أساليب وطرق في التربية تفوق كل ما يقدمه لكم أذكى المربين.