فقيه ’قرآني’ وآخر ’حوزوي’.. ما مدى واقعية هذا التقسيم الذي يروّج له بعض رجال الدين؟!
في الغالب مثل هذه العبارات تصدر كشعارات للمزايدات السياسية أو الاجتماعية أو الدينية، ولا يقصد منها تأسيس منهج معرفي يمكن تقييمه بطريقة منهجية، فهي أقرب للمصطلحات الشعبوية منها إلى المصطلحات العلمية، والادعاء بأن هناك فقهاً قرآنياً خالصاً بدون تدخل الروايات والأدلة الاجتهادية - مثل الأصول العملية والقواعد الفقهية - ادعاء لا يمكن البرهنة عليه، فالمعلوم بالضرورة كون القرآن الكريم لم يحتوي على الأحكام العبادية بشكل مفصل، ولذا لا يمكن أن يستغني الفقيه عن الروايات وبقية الأدلة الاجتهادية، وعليه من المستحيل علمياً ومنهجياً تأسيس فقه يشمل جميع الأحكام التكليفية اعتماداً على القرآن فقط، وفي مقابل ذلك لا يمكن اتهام فقهاء الحوزة بإهمال الاستفادة من القرآن في استنباط الأحكام الشرعية، لأن ذلك اتهام لا يمكن البرهنة عليه أيضاً، وإن تصورنا حدوث ذلك فإن البحث العلمي يقتضي بيان الأمثلة والنماذج التي خالف فيها فقهاء الحوزة الآيات القرآنية بدل اطلاق الشعارات ذات الطابع التعميمي.
ولا يمنع ذلك من ضرورة التذكير دائماً بضرورة تكثيف الاهتمام بالقرآن الكريم فمهما تعاظم الاهتمام به تظل الأمة مقصرة بشكل عام في حق القرآن الكريم، ومهما كانت فوائدنا من القرآن كبيرة تظل معارف القرآن لا حدود لها.