من المؤكد أن استقامة الإنسان على الصراط المستقيم عقائدياً وسلوكياً هي الطريق الوحيد لكسب رضا الله والفوز بجنته.
فالإنسان مسؤول عن كل أعماله إن خيرا فخير وإن شرا فشر، والله وحده هو العالم بحال عباده ولا يمكن تزكية مالم يأتي نص بخصوصه، ولذا عندما نصلي على جنازة المؤمن نحتسبه مؤمناً ولا نزكي على الله أحد، فنقول في حقه: (اللهم إن هذا المسجّى قدامنا عبدك وابن عبدك وابن أمتك نزل بك وأنت خير منزول به، اللهم إنك قبضت روحه إليك وقد احتاج إلى رحمتك وأنت غني عن عذابه، اللهم إنا لا نعلم منه إلا خيراً وأنت أعلم به منا، اللهم إن كان محسناً فزد في إحسانه وإن كان مسيئاً فتجاوز عن سيئاته واغفر لنا وله، اللهم احشره مع من يتولاه ويحبه وأبعده ممن يتبرأ منه ويبغضه، اللهم ألحقه بنبيك وعرّف بينه وبينه وارحمنا إذا توفيتنا يا إله العالمين، اللهم اكتبه عندك في أعلى عليين واخلف على عقبه في الغابرين واجعله من رفقاء محمد وآله الطاهرين وارحمه وإيانا برحمتك يا أرحم الراحمين)، فما نشهد به هو ظاهر عمله ولا يمكن الجزم بحقيقة أمره، وعليه لم نقف على روايات تؤكد أن بعض العلامات إذا حصلت للميت جزمنا بتزكية الله له.
وقد اشارت الروايات إلى بعض الأعمال التي إذا التزم بها الإنسان حفظ الله جسده في القبر مثل المداومة على غسل الجمعة، إلا أن ذلك قد يحصل للمؤمن الموالي لأهل البيت (عليهم السلام) وقد يحصل لغيرهم من المخالفين، وعليه فعدم تفسخ الجثمان في القبر ليس كافياً للجزم برضا الله دون النظر إلى عقيدته وتمام سيرته وعمله، فالأصل في كل ميت هو تحلل جثمانه سواء كان مؤمناً او غير ذلك، وعلى هذا لا يمكن الحكم على من تحلل جثمانه بأنه ليس مرضياً عند الله، كما لا يمكن الحكم على من لم يتحلل جثمانه بأنه من أهل الرضوان.
وهكذا الحال بالنسبة لمن يموت وهو في حال الصلاة، فلا يمكن الجزم بأن ذلك دليل على أنه من أهل الجنة، فالإنسان ليس مسؤولاً عن صلاته فحسب وإنما مسؤول عن جميع ما كلف به، ففي الرواية عن الأمام الصادق (عليه السلام) قال: (إن أول ما يسأل عنه العبد إذا وقف بين يدي الله جل جلاله عن الصلوات المفروضات وعن الزكاة المفروضة وعن الصيام المفروض وعن الحج المفروض وعن ولايتنا أهل البيت، فان أقر بولايتنا ثم مات عليها قبلت منه صلاته وصومه وزكاته وحجه، وإن لم يقر بولايتنا بين يدي الله جل جلاله لم يقبل الله عز وجل منه شيئا من أعماله)، ومما لا شك فيه أن هناك فضيلة لم تختم أعماله بالصلاة إلا أن ذلك يجب أن يكون مرهوناً بسلامة عقيدته وسلامة مسيرته في الحياة، فمثلاً هناك الكثير من القصص المنشورة في مواقع الانترنت لمن توفى وهو في صلاة التراويح، فهل يمكننا الحكم على صلاحهم ونحن نعلم بكونها بدعة؟ وفي مقابل هناك الكثير من العلماء والصالحين والمؤمنين الذين كانت أعمارهم كلها في عبادة الله وطاعته إلا أنهم لم يموتوا في حالة الصلاة، فهل يعد هذا دليلاً على عدم تزكية الله لهم؟