التقليل من شأن الطرف الآخر.. عنف من نوعٍ آخر
أنتِ زوجة مهملة، أنتِ لا تستحقين أن تكوني أماً، أنتِ امرأةٌ لا جدوى منها.. أو على العكس أنتَ رجلٌ فاشل، أنتَ أسوأ شخصٍ قابلته في حياتي، كل أفكاركَ سطحية، أنتَ أبٌ غير مسؤول.. هذه العبارات المدمرة التي يستخدمها أحد الأطراف في العلاقة، أو ربما الطرفين.. عنفٌ من نوعٍ آخر.
تخيّلوا أن تعيشوا مع شخصٍ يتهمكم بشكلٍ يوميٍ بالفشل والاستهتار، ويبحث عن أي فرصة ليشير إلى أخطائكم متناسياً ومتجاهلاً كل الأمور الإيجابية التي تقومون بها. تخيّلوا أن تكونوا جالسين مع أصدقائكم وأفراد أسرته ويتحدث عن صفاتكم السلبية وأخطاء ارتكبتموها بمنتهى الاستهزاء، مستخفاً بكم وبمشاعركم، ضارباً بكبريائكم عرض الحائط. وتخيّلوا أن يرى هذا الشخص كل ما تقومون به غبياً وسطحياً، ويعتبر أن كل أحاديثكم تافهة. هناك المزيد.. تخيلوا أيضاً أن يستخف بقراراتكم أمام أطفالكم ويسمح لهم بما تمنعونه عنهم، أو العكس، فيكف أطفالكم عن احترام رأيكم والالتزام بقراراتكم ويتوقفون شيئاً فشيئاً عن الإصغاء إلى نصائحكم مقتنعين بأنكم فعلاً فاشلين في اتخاذ القرارات وإدارة الحياة الأسرية.
إنها نماذج متواجدة بكثرة. يسيطر فيها أحد الأطراف على مسار العلاقة والحياة الزوجية ويقلل من شأن الطرف الآخر حتى يرضخ لخططه وقراراته دون أي جدال.
قد يظن أنه فعلاً على حق، وأن الطرف الآخر غير قادر على النجاح في أي مهمة يوكلها إليه، لكن غالباً ما يكون ذلك ناتجاً عن غضب يحمله في داخله ويعبر عنه بطريقة مختلفة.
مهما كان السبب، إن استمر الأمر على هذا النحو لفترة طويلة فإن التقليل من شأن الآخر يدمر الطرف المستضعف والعلاقة من مختلف النواحي:
يفقد هذا الشخص ثقته بنفسه شيئاً فشيئاً.. ومع الوقت يبدأ بالاقتناع أنه غير قادر على التحكم بالأمور وبأنه لا يستحق الحب والاحترام.
تتحول العلاقة إلى علاقة مسيطر بشخص خاضع. وهذا النوع من العلاقات لا يمت للحب بصلة. قد يكون ضعفاً أو تعلقاً أو نوعاً من التبعية أو العبودية.. لكنه حتماً ليس حباً.
يخسر الطرف الخاضع قدراته الاجتماعية نتيجة انعدام ثقته بنفسه. فيفضل الانعزال وعدم التواجد في المناسبات العائلية والاجتماعية.
بعد فترة طويلة من الجدال اللا مجدي. يفضل الطرف المستضعف الصمت، ويخفت التواصل بين الطرفين. ومن المعروف أنه من أكثر الأمور التي تدمر العلاقة الزوجية عدم التفاهم وانعدام التواصل.
تصبح كل الحوارات بين الطرفين عبارة عن هجوم ودفاع. ويتخذ الطرف المستضعف وضعية دفاعية بشكل دائم مما يسبب له التوتر الدائم ويدمر الحياة الأسرية بشكلٍ كامل.
غالباً ما لا يستمر هذا النوع من العلاقات. وإن استمر فيتم ذلك على حساب الصحة الجسدية والنفسية للشخص الذي يتم التقليل من شأنه.
هذا النوع من الاضطهاد النفسي والعنف المعنوي يعاني منه الرجال كما النساء. إن كنتم تعيشون هذا النوع من العلاقات ضعوا حداً لها بأسرع ما يمكن. أو ضعوا حداً للطرف الآخر وألزموه باحترامكم إن أراد لعلاقتكم الاستمرار. لا يحق لأيٍ كان أن يستخف بكم ويقلل من احترامكم مهما كان السبب الذي يتخذه ذريعةً.
*التربية الذكية