د. محمد رشيد العويد:
تضغط عليها أمها لتحدثها بالتفصيل عن حياتها الزوجية، وتأمرها أن تحكي لها كل ما تسمعه من زوجها من توجيه أو نقد أو غيرهما، فتستجيب المسكينة لأمر أمها فتنقل لها كل ما يكون بينها وبين زوجها.
فيكون ما يلي:
- تسمع الأم من ابنتها ما يثير فيها مشاعر النقمة من زوجها، فتحمل عليه، وربما تكرهه، ولعلها تواجهه بما عرفته، فينقم هو بدوره من والدة زوجته، فتسوء العلاقة بينهما، وينعكس هذا كله على الزوجين معاً.
- يغضب الرجل من زوجته التي نقلت لأمها ما جعلها تحمل عليه وتكرهه، فيلومها ويوبخها، وينتج عن هذا نزاع بين الزوجين وشجار، وربما ينال الرجل من أم زوجته التي لامته وزجرته فيتكلم عليها كلاماً تنقله الزوجة من جديد إلى أمها فتتعقد الأمور أكثر وتصبح الحياة بين الزوجين غير مستقرة وغير هانئة.
- قد تنقل أم الزوجة ما سمعته عن زوج ابنتها إلى أولادها وزوجها فيحملون على صهرهم بدورهم، ويضمرون له البغض، فتسوء علاقتهم به، فتزداد الحياة بين الزوجين الشابين توتراً وتأزماً وسوءاً.
- قد يندفع أحد إخوة الزوجة فيواجه زوجها بما عرفه فيرد عليه الزوج رافضاً تدخل أحد في حياته الزوجية، فتزداد العلاقة بين الزوج وأهل زوجته سوءاً.
- بسبب كل ما سبق يصبح الطريق أمام الشيطان ممهداً ليوقع بين الزوجين، ويُفسد عليهما حياتهما، ويقربهما من الطلاق الذي يفرق به بينهما، وهذا أعز غاياته وأعظم أمانيه.
لعل الدرس الذي نخرج به من هذا كله أن حفظ تفاصيل الحياة الزوجية بين طرفيها (الزوج والزوجة) وعدم البوح بها لأهل الزوج أو أهل الزوجة أو غيرهما.. أمر مهم لحماية أسرتهما الناشئة من الزعزعة ثم الانهيار.
وقد تقول الزوجة: ولكن إخفائي ما أعانيه في حياتي الزوجية وصبري على زوجي سيغريه بالتمادي فيما هو عليه من انحراف، أو بالاستمرار في إيذائي وإهانتي لأنه لا يجد من يردعه ويمنعه.
أقول لهذه الزوجة ما يلي:
- كلامك صحيح، وهذا التمادي في الانحراف، أو الاستمرار في إيذائك، قد يقوم بهما كثير من الأزواج، ولكن بعضهم قد يقدر لزوجته صبرها عليه وسترها له فيقلع عن انحرافه ويتوقف عن إيذائه.
في حال لم يقدّر الزوج صبر الزوجة وسكوتها وكتمانها ما يفعله من انحراف أو إيذاء فإني أنصحها بأن تفعل الآتي:
- الدعاء المتواصل الذي لا يأس معه، دعاء المضطر الذي وعد سبحانه بإجابته (أمَّن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء) الدعاء بأن يصلح الله لها زوجها، ويصلحها له، ويصلح ما بينهما، الدعاء بان يكفيه سبحانه بحلاله عن حرامه وبفضله عمن سواء، الدعاء بأن يجعله الله رحيماً بها، عطوفاً عليها، عاذراً لها، مقدراً حالها، متجاوزاً عنها.
- قولي له: إنك لا تريدين إخبار أحد من أهلك أو غيرهم بما يفعله، ثم تضيفين أنك قد تفقدين صبرك واحتمالك يوماً فتضطرين إلى إخبارهم بعد أن صبرت طويلاً في انتظار إقلاعه عما يفعله من ظلم أو إيذاء لك، واحرصي على أن تقولي له هذا في أسلوب الشفقة عليه والحرص على حياتكما الزوجية من أن تنهار إذا تدخل الآخرون فيها، كأن تقولي: أرجوك لا تجبرني على أن أشكو حالي إلى أحد من أهلك أو أهلي.
- ابحثي عن أسباب ما يقوم به وعالجيها، فقد تجدين من الأسباب ما يعود إليك، كأن تنتقدي زوجك كثيراً وتصرخي عليه، وتتهميه بالتقصير والإهمال وغيرهما، ودون أن تثني عليه في شيء، فيضيق بك، ويثور عليك، ولعله يضربك.
أو أنك تمتنعين عنه في الفراش، فتكتشفين بعد ذلك أنه على علاقة بامرأة أخرى، وصحيح أن امتناعك ليس مبرراً لما يفعله، لكنه يبقى سبباً عليك أن تنصرفي عنه فتحرصي على اعفاف زوجك حتى لا يندفع فيما يرتكبه من حرام.
- اجلسي أمام زوجك وأنت صامتة حزينة، فإذا سألك زوجك عن سر صمتك وحزنك فأخبريه أنك حزينة عليه وعلى ما يقوم به، وإذا استطعت أن تبكي وأنت تظهرين شفقتك عليه، وحبك له فافعلي واجعلي دموعك تسيل على خديك ... فهذا يؤثر في زوجك ويثير فيه مشاعر الحب والرحمة نحوك.
أخيراً أعود فأعيد توصيتي لك بأن تستري على زوجك فلا تشتكيه لغير الله تعالى وأنت تحاولين إصلاحه دون سأم أو يأس.
وكوني واثقة بأنك تؤجرين أجراً عظيماً على صبرك وما تبذلينه من جهد وعمل من أجل ذلك.