بيان أبو دية:
آثار غلاء المهور على المجتمع
العزوف عن الزواج
إنَّ العزوف عن الزواج من الأخطار التي تهدِّد المجتمع وتؤدي إلى انهيار سلامة المنظومة الأخلاقية، فإنّ الطريقة التي يعتمدها بعض الآباء في سياسة وضع المهور تتناسب طرديًا مع تفاقم مشكلات المجتمع على اختلافها وفي مقدِّمتها الطلاق.
حيثُ يؤدي غلاء المهور من قبل الآباء إلى ابتعاد الشباب عن الزواج من بناتهم، وبالتالي كلَّما زادت المهور زاد العزوف عن الزواج الذي يزيد من نسب العنوسة عند الرجال والنساء.
إنّ غلاء المهور هو السبب الرئيسي لتفضيل الشباب حياة العزوبية على الزواج، فالمبالغة في تكاليف وتحضيرات وترتيبات الزواج أصبح أمرًا شائعًا وقد يحاول البعض تبرير ذلك بسبب متطلبَّات العصر، وإنَّ هذه مسؤولية مجتمعية تقع على عاتق المجتمع والحكومة، فالأولى هو تيسير أمور الزواج وتمهيده للراغبين والقادرين عليه دون وضع تعقيدات وصعوبات.
تأخر سن الزواج
إنّ غلاء المهور من المشاكل التي يعاني منها المجتمع بشكل كبير، وهو الدافع وراء عنوسة الشباب والشابات، وهذا ما يؤدي إلى تأخر سن الزواج أيضًا، وهذا ما يدفع إلى الكثير من المشاكل تِباعًا، فالحمل والإنجاب هو عملية تقوم بها المرأة بشكل متكرر وقد تتأثر صحيًا إذا قامت بها في عمر متأخر جدًا، فقد تزيد مخاطر الحمل تباعًا عند ذلك.
الانحدار الأخلاقي
إنّ ظاهرة العزوف عن الزواج لكلا الجنسين أصبحت مشكلة واضحة يعاني منها المجتمع، وهذا يدفع أفراد المجتمع إلى ممارسة الرذيلة، وطرق الأبواب التي يحرم على المسلم أن يلجأ لها لتفريغ شهواته وعواطفه، وإن السبب الرئيسي وراء انتشار الانحلال والدعارة هو إغلاق وتعسير طرق الحلال، فالمعاكسات والغزل والسفر إلى بيئات محرمة من الأمور التي تفسد الفطرة الإنسانية وتزعزع الثوابت وتقود المسلم إلى الهلاك.
فقدان الاستقرار النفسي
لا شكّ في مشاعر الاستقرار والاطمئنان التي يحققها الاختيار الصحيح بالزواج، ومن أهم الدوافع التي تحرك الإنسان للزواج، هو رغبته بالاستقرار الذي لا يتحقق إلا من خلال الشريك الصحيح، وهذه من فوائد الزواج، فعدم توفير سُبل الزواج أو تيسيره مدعاة للقلق والحيرة الاضطراب، لأنَّ فقدان الاستقرار النفسي والراحة القلبية تُلجئ الإنسان لأمور تضر بصحته، فالاستقرار النفسي بالزواج حاجة في كل إنسان لشريك حياة ومشاعر غريزية في توثيق روابط أسرة.
فقدان الاستقرار الاجتماعي
من أقسى الأفكار التي قد يتعرض لها الشاب والفتاة عند تأخرهم في الزواج، الضغوط الاجتماعية التي تلاحق الفرد، وتُملي عليه صفات وألقاب كلَّما تأخر أو تقدم في العمر أكثر دون إيجاد شريك حياة، فهذا الضغط الاجتماعي يسبب حالة غضب من النفس، ويصبح الشخص بعيدًا عن مجتمعه ويميل إلى تجنُّب الحضور، وذلك هربًا من الفكرة وما قد يمليه عليه المجتمع.
الزواج من الجنسيات الأخرى
يدفع غلاء المهور إلى لجوء بعض الشباب للزواج من الأجنبيات وصاحبات الجنسيات الأخرى، وفي الكثير من الأحيان لا يحدث التوافق الفكري والاجتماعي الذي يعمل على تحسين أصل وجذور الأسرة المسلمة ذات القيم العليا، فاختيار الزوجة أو الزوج يجب أن يتخلله تفكير مدروس بما يتوافق مع ثوابت كل من الآخر بالإضافة إلى القبول العام لكلا الطرفين، فهذا يؤدي لضمان نسبة جيدة لنجاح الزواج، فاللجوء للزواج من جنسيات أخرى يزيد من مستوى العنوسة أيضًا.
الهجرة الخارجية
إنّ الصداق هو المبلغ الذي يقدمه الشاب للفتاة ولم يعد مقتصرًا على مبلغ معين تُقضى به الحاجات الأساسية، إنَّما عليه أن يكفي للقيام بالكثير من الترتيبات والتجهيزات الباهظة، التي تجعل من الزواج ثقيل وبذلك أصبح السبب الذي يدفع الكثير من الشباب للهجرة من أجل الحصول على هذا المال، أو حتى الهجرة عزوفًا عن الزواج وبحثًا عن الحرام.
تراكم الديون
إنّ ما يساعد البعض على الزواج في ظلِّ غلاء المهور هو الاستدانة من الآخرين من أجل إتمام تجهيزات الحفل والمهر، ويلجأ البعض لإقامة هذا الحفل بفنادق ما يؤدي إلى كثرة الديون والقروض على الغير، فتصبح الحياة عندئذٍ عسيرة ويصبح وجود المرأة ثقيلًا، بسبب عدم التيسير وتبسيط الأمور من البداية.
ظهور الفروقات الطبقية
من نتائج غلاء المهور في المجتمع، هو التباين الذي يظهر بين الطبقات الاجتماعية، فيصبح الزواج محصورًا للفئة التي تستطيع أن تدفع، وقد يفني بعض الشباب أعمارهم وزهرة شبابهم من أجل توفير مستلزمات الزواج.
الكبت والحرمان الجنسي
ومن أكثر الأمور سلبية في غلاء المهور والعزوف عن الزواج، هو الكبت الجنسي الذي يحدث للجنسين بسبب تأخر الزواج، وقد يلجأ البعض إلى تفريغ هذه الشهوات بطرق محرمة أو ممارسة العادة السرية وهذا ما يؤدي إلى الفساد والانحلال الأخلاقي، فيلجأ البعض للبديل الحرام بسبب عسر طريق الحلال.
ضياع الأمة
غلاء المهور من أهم الأسباب التي تؤدي إلى ضياع المجتمع وفساده وانتشار القيم السيئة، العزوف عن الزواج الذي يسببه غلاء المهور والذي يقف حائلًا بين استمرارية هذه الأمة بالتقدم ومواصلة التطور، وإنّ المغالاة في المهور سبيل لجعل الأمور الشاقة في الزواج كثيرة وقاسية وتمنع من جعله يسيرًا على الناس وممكنًا، وإن التعجيز الذي تفرضه بعض العوائل على الخاطب تجعله يبتعد عن منهج الشرع والتوجه إلى عادات المجتمع الهدامة.
فقد الدين والقيم المجتمعية السامية
يعدُّ المهر المرتفع سببًا لمنع البركة من الزواج والابتعاد عن فضائل الشرع، وإن مصلحة الأمة أن تخفف المهر على الراغبين في الزواج، حتى يتمكن الكثير من الشباب والشابات من تحقيق القيم الفاعلة في المجتمع وتطبيق سنة الرسول صلى الله عليه وآلة وسلم في الزواج، فارتفاع المهور يؤدي إلى شرخ كبير ينشأ بين تعاليم الإسلام وما يتوجه إليه المجتمع من الغفلة والضياع بسبب اتباع الشهوات وملذات النفس والأهواء وبالتالي الابتعاد عن الدين والأخلاق الرفيعة التي يدعو إليها.