من وجهة نظر دينية إسلامية يجب الاعتقاد بجميع الأنبياء الذين جاء ذكرهم في القرآن الكريم، كما يجب التصديق بكل قصصهم على النحو الذي تم تفصيله في القرآن، وكل ذلك يعد جزء أصيلا من عقيدة المسلم بحيث لا يمكن أن يستقيم إسلامه من دون ذلك، وبذلك يعد القرآن الكريم بالنسبة للمسلم مصدراً موثوقاً لا يمكن التشكيك فيه.
ومن ناحية أخرى هناك بحوث تاريخية تعتمد على الآثار والحفريات للكشف عن تاريخ الإنسانية وحضاراتها القديمة، ويعد ذلك جهداً مطلوباً وعملاً مقدراً وله الكثير من المكاسب العلمية والمعرفية، إلا أن تلك البحوث والدراسات وإن كانت تعتمد على الآثار والنقوش القديمة إلا أنها أيضاً تعتمد وبشكل كبير على الرؤية التحليلية التي يقدمها الباحث لتلك الآثار، وبالتالي الرؤية الخاصة بالباحث هي التي تتحكم في كيفية جمع القرائن وكيفية توظيفها لخدمة نتائجه النهائية، ومن هنا كانت الاختلافات بين العلماء المختصين بالتاريخ القديم والحضارات الغابرة حالة طبيعية ومتوقعة؛ وذلك لوجود مساحة اجتهادية لكل باحث تاريخي، فالآثار والنقوش القديمة تمثل مواد أولية وموضوعات بحثية، والمؤرخ هو الذي يبني من هذه المواد الأولية رؤيته التاريخية، ومع ذلك تظل الرؤية التاريخية التي يقدمها الباحث محترمة طالما توفرت فيها الموضوعية العلمية وكانت منضبطة بالمناهج العلمية، وتقييم هذا الأمر يتم في الإطار العلمي والتخصصي وبحسب الشروط الاكاديمية، ولا يتم تقييمها من خلال مقارنتها بما جاء في القرآن الكريم من حقائق يثق الإنسان المسلم بتمام صدقيتها، فالتاريخ القديم والحفريات لا تؤسس لرؤية ثقافية أو دينية بديلة، فمهما بلغت من الدقة تظل احتمالية لا يمكن القطع بنتائجها.
وما قام به الباحث خزعل الماجدي هي مقارنة بين القصص التوراتية وبين النقوش المسمارية السومرية، حيث حاول البرهنة من خلال التشابه بينهما على أنها من أصول سومرية، وأن الأنبياء في قصص التوراة ليس إلا ملوك سومريين، ونحن لسنا من المختصين في دراسة التاريخ القديم ولا يمكننا تقديم رؤية نقدية لاستنتاجات خزعل الماجدي، كون الأمر يحتاج إلى دراسة المعطيات التي ارتكز عليها ومن ثم ملاحظة المنهجية التي اعتمدها في دراسة تلك المعطيات واخيراً محاكمة النتائج التي توصل لها، ومن المؤكد أن باب النقد مفتوح ومكفول أمام كل الباحثين المختصين ومن المؤكد أيضاً وجود من يخالفه في ما توصل إليه، وبالتالي القضية احتمالية واجتهادية لا يمكن ترتيب الأثر العقائدي والديني عليها، وكل ما يمكن أن نجزم به هو أن الأنبياء الذين جاء ذكرهم في القرآن الكريم هم في الحقيقة والواقع كما جاء ذكرهم في القرآن.