الابتعاد عن مصادر التوتر
الزوجان الكُفُوان هما الزوجان اللذان يدرسان الساحة الاجتماعية المحيطة بهما، ومن مصادر التوتر المعروفة: أهالي الزوجين، الرجل عندما يتزوج فهو لا ينسلخ عن بيئته، وكذلك المرأة لا تنسلخ عن بيئتها، فمن الطبيعي أن يكون هناك حنين للبيت الذي نشأ فيه كل واحد منهما، ولهذا أبوان، ولهذه أبوان، ومن هنا نلاحظ أنه من منافذ الشيطان هي هذه الحالة.
لابد من وجود تنسيق تام بين الزوجين في التعامل مع العائلتين، وخاصة مع تحكيم هذه الآية في القرآن الكريم: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}، إذا الرجل أحس بأن أهل الزوجة أقرب للتقوى، فمن المفروض أن يكون الميل القلبي إلى أهل الزوجة؛ نظرياً، واعتقادياً، ومذهبياً، أكثر من ميله إلى أهله؛ لأن هذا هو المقياس الشرعي في هذا المجال، ولا يعني ذلك أن يترك جانب المداراة والمجاملة وإظهار الود، فلو اكتشف الأبوان أن الزوج يميل إلى أهل زوجته أكثر، لتفوقهم في الإيمان، فقد يوجب ذلك شيئاً من العقوق.
هناك أحاسيس باطنية، وهناك تحركات في الخارج، فالأحاسيس الباطنية ينبغي أن تكون مطابقة لما أراده الله عز وجل، ومن هنا فإن الإنسان المؤمن يحب الآخرين بمقدار ما لهم من نصيب عند الله عز وجل، كما يقول دعبل الخزاعي (رحمه الله) في تائيته الخالدة:
أحب قصي الرحم من أجل حبكم *** وأهجر فيكم زوجتي وبناتي
إن البعض يشتكي من الساحة الاجتماعية، وأنه لا يمكنه تحمل المجتمع؛ لأن الناس بعيدون عن الله عز وجل، ولا يراقبون الله تعالى في قولهم.
والجواب: أنه ينبغي أن نعيش الواقعية، نحن نعيش مع أناس تغلب عليهم الغفلة، ويغلب عليهم الجهل، أنت لا تعيش في وسط متميز، بل تعيش في وسط فيه كل أنواع الثقافات، فمن الخطأ الفادح أن يتوقع الإنسان وسطاً مثالياً، حتى يكون هو أيضاً متجاوباً مع هذا الوسط!
فهذه الأوساط التي نعيشها في العمل أو في المدرسة أو في البيوت أو مع الأرحام…؛ أوساط غير مثالية، وخاصة في جانب النساء، حيث نلاحظ الكلام الكثير، والغيبة الكثيرة، والنميمة الكثيرة، فلا تتوقع مجتمعاً مثالياً، لتكون أنت مثالياً، وعليه، فإن المؤمن يدرس مع زوجته منافذ دخول الشيطان في العائلة، لئلا يقع في فخ الشيطان، ويقع في التناحر والعصبية.