الحيرة حالة طبيعية تصيب الانسان عندما لم يجد طريقا للتخلص من التحير والتذبذب الذي يصيبه فلا استشارة تريحه، ولا توكل وعزم يطمئنه، عندها يلتجئ للاستخارة.. فما هي الاستخارة؟ وهل هي مشروعة؟ وماهي مواردها؟ كل ذلك سنحاول الاجابة عنه من خلال هذه المقالة.
الاستخارة لغة
الاستخارة في اللغة، هي طلب الخيرة في الشيء، يقال: استخِرِ اللَّه يخر لك. والخيْرة- بسكون الياء- اسم من خار اللَّه لك، أي أعطاك ما هو خير لك، وأمّا بفتح الياء (الخيَرة) فهي الاسم من قولك: اختاره اللَّه تعالى. ( جمعا بين الصحاح والنهاية ولسان العرب).
الاستخارة في الاصطلاح
ذكر الفيض الكاشاني في الوافي وصاحب الحدائق وغيرهما اربعة معانٍ للاستخارة ولكن الشيخ صاحب الجواهر اقتصر على معنيين للاستخارة فقط وهما:
الاول: طلب الخيرة من الله تعالى
طلب الخيرة من اللَّه تعالى، أي أن يسأل العبد في دعائه أن يجعل اللَّه له الخير، ويوفّقه في الأمر الذي يريده، فهذا المعنى للاستخارة هو مجرد دعاء وطلب من الله تعالى.
الثاني: طلب تعرف ما فيه الخيرة
وهذا المعنى هو المعروف بين المتشرّعة، وهو وإن كان يشتمل على الدعاء والطلب من اللَّه تعالى إلّا أنّه يشتمل أيضاً على نوع من المواضعة بين المستخير وبين اللَّه سبحانه وتعالى، فإنّ المستخير يعلّق فعله على حصول ما جعله طريقاً و علامة على معرفة كون هذا الفعل الخاصّ ممّا رأى اللَّه سبحانه مصلحته وخيره فيه، فإن كان عدد السبحة فرداً- مثلًا- فيأتي بالعمل الذي استخار له؛ فإنّه قد جعل ذلك العدد طريقاً وكاشفاً عن أنّ الإتيان بذلك العمل يكون فيه خيره ومصلحته، كما أنّ العدد إن كان زوجاً- مثلًا- فلا يأتي به؛ لأنّه قد جعل ذلك العدد طريقاً وكاشفاً عن أنّ الإتيان بذلك العمل لا يكون فيه خيره ومصلحته، وهذا بخلاف الاستخارة بالمعنى الاول.
متى نستخير؟
أيضا يقول العلامة الطباطبائي صاحب أشهر تفاسير الشيعة "الميزان": وقد وردت عدّة أخبار من أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) في جواز الأخذ بالخيرة من السبحة وغيرها عند الحيرة، وحقيقته أن الانسان إذا أراد أن يقدم على أمر كان له أن يعرف وجه المصلحة فيه بما أغرز الله فيه من موهبة الفكر أو بالاستشارة ممن له صلاحية المعرفة بالصواب والخطأ، وإن لم يهده ذلك إلى معرفة وجه الصواب، وتردد متحيرا كان له أن يعين ما ينبغي أن يختاره بنوع من التوجه إلى ربه). .( الميزان - - ج ٦ - ص ١١٩).
مشروعية الاستخارة وموردها
المعروف بين علمائنا مشروعية الاستخارة بأحد المعنيين المتقدمين وعلى الاقل يمكن الاتيان بها برجاء المطلوبية وهذا ما يظهر من جواب لسؤال مقدم لمكتب سماحة المرجع الديني الاعلى حول الاستخارة جاء فيه:
السؤال: هل الاستخارة بالطريقة المتبعة عندنا الان، محبَّذة شرعاً أو واردة ؟ وهل هناك من ضير في تكرار الاستخارة مع التصدق لتوافق رغبة المستخير؟
الجواب: يؤتى بها رجاء، عند الحيرة، وعدم ترجُّح أحد الاحتمالات بعد التأمل والاستشارة، وتكرار الخيرة غير صحيح الاّ مع تبدل الموضوع، ومنه التصدق ببعض المال.
فقد اشار هذا الجواب الى مسألة مهمة ايضا في الاستخارة وهي هل يمكن تكرار الاستخارة على موضوع واحد او لابد من تبدل الموضوع؟
وكان الجواب: وتكرار الخيرة غير صحيح الاّ مع تبدل الموضوع، ومنه التصدق ببعض المال.
ومن اسباب تبدل موضوع الاستخارة هو التصدق او اذا تغيّرت بعض الظروف أو مضى زمان بحيث يحتمل تغّير المصالح والمفاسد.
وقد بين استفتاء آخر ان المشورة تتقدم على الاستخارة اذ لعله تكون المشورة سببا لزوال الحيرة والتردد عند الانسان ومع عدم زوال الحيرة بالمشورة ينتقل الى الاستخارة، جاء في نص الاستفتاء:
السؤال: ما هو رأيكم بالاستخارة؟
الجواب: المتيقن من مشروعية الاستخارة هو مورد التحّير بعد الاستشارة.
الاستخارة في امر الزواج
في المشاريع الكبيرة المصيرية، ومنها الزواج، هل تصح الاستخارة او لا؟
هناك استفتاء في هذا الخصوص موجود في الموقع الرسمي للمرجع الأعلى للشيعة السيد علي الحسيني السيستاني دام ظله:
السؤال: هل تنصحون بأخذ خيرة في أمر الزواج ؟
الجواب: بعد المشاورة وعدم رفع التحير لابأس به.
وصفوة القول: إن الاستخارة المتيقن من مشروعيتها هو عند حصول التحيّر مع تعذّر الاستشارة او حصول الاستشارة لكن لم تنتهِ الى نتيجة كل ذلك يُؤتى به بنية رجاء المطلوبية.