العدوان هو سلوك مقصود يستهدف إلحاق الضرر أو الأذى بالغير وقد ينتج عنه أذى يصيب إنساناً أو حيوانياً كما قد ينتج عنه تحطيم للأشياء أو الممتلكات ويكون الدافع وراء العدوان دافعاً ذاتياً، ويظهر العدوان لدى جميع الاطفال لكن بنسب مختلفة.
في العادة يتكون العدوان لدى الانسان سيّما الاطفال نتيجة لغياب النضج او عدم وصولهم الى الدرجة التي تجعلهم متمكنين من ادارة الضبط الداخلي لديهم بصورة سليمة لتحقيق التوافق المطلوب والموافق لقيم المجتمع، مما يجعلهم عاجزين عن تحقيق التكيف والمواءمة المطلوبة للعيش في المجتمع كما انهم يعجزون عن تعلم الدرجة الكافية من أنماط السلوك اللازمة لتحقيق مثل هذا التكيف والتوافق.
ويرى النفسيون السلوك العدواني في أغلب حالاته ينشأ لدى الطفل في مرحلة الطفولة المبكرة معللين ذلك بأنه دليل على الحيوية والنشاط لدى الطفل، فليس هناك مبرر للانزعاج عندما نشهد بعض أطفالنا ينزعون نحو السلوك العدواني لانهم يمتلكون نشاطاً عالياً ولابد من تفريغ هذا النشاط لكن بطرق اكثر سلمية وهدوء، إذ إن كبته يؤدي الى نتائج ارتدادية غير محمودة من شأنها تضعف النشاط العام للطفل وتجعل منه انساناً خاملا خانعاً وانهزامياً في الكثير من المواقف التي تواجهه على صعيد الأسرة او على صعيد العمل والدراسة.
ما هي مظاهر السلوك العدواني؟
عدة مظاهر يستدل عبرها على أن الطفل يحمل طابعاً عدوانياً أبرزها اتصافه بالإحباط والغضب إضافة الى الخوف المستمر من الكثير من الاستجابات مثل صوت الرعد او السيارات او غيرها، مبادرته دائما الى الاعتداء على الأقران انتقاماً أو بغرض الإزعاج باستخدام اليدين أو الأظافر أو الرأس، الاعتداء على ممتلكات الغير سواء كانت عامة او خاصة او اخفائها بقصد إزعاجهم وإثارتهم، ليس لديه مرونة في التعامل ورفض التصحيح في سلوكياته غير المستقيمة.
ويتصف سلوكه بالمشاكسة وعدم الامتثال للأوامر سواء في المدرسة او في المنزل، وهو سريع الغضب والانفعال بشكل مبالغ فيه ويصاحب ذلك توجيه ألفاظ نابية وشتائم لمن حوله حين يتمالكه الغضب، إحداث الفوضى في الصف عن طريق الضحك والكلام واللعب وعدم الانتباه، هذا المظاهر إن بدت على طفل فالحكم على عدوانيته صار في حكم المسلم به.
كيف ينشأ العدوان لدى الطفل؟
تدعم الأسر النزعة العدوانية في سلوك ابنائها عبر عدة عوامل ربما في أغلبها غير مقصودة ومن هذه العوامل أن يشعر الطفل منذ نعومة أظافره بأنه غير مثير للاهتمام سيما عندما يولد له أخ ثاني وينسحب بساط الاهتمام من تحت قدميه او يقل الاهتمام بالمقارنة في حال كونه وحيداً لديهم، فيمارس الطفل عدوان ضد أخيه وضدهم وربما ضد نفسه في محاولة منه لجذب الانتباه وإعادة الاهتمام المسلوب، كما المواجهات العنيفة التي تحصل بين الأبوين سواء كانت لفظية ام جسدية هي الأخرى ستحول الطفل الى شخص عدائي خلال المحاكاة أو التقليد للاستجابات العدوانية التي تصدر.
ويتعقد (بندورا) وهو عالم نفس كندي وصاحب نظرية التعلم الاجتماعي أن الآباء الذين يتسمون بالغلظة والقسوة مع آبائهم يتعلم أبناؤهم السلوك العدواني، ويقول ايضاً" أن الآباء الذين كانوا يشجعون أبناءهم على المشاجرة مع الآخرين وعلى الانتقام ممن يعتدي عليهم وعلى الحصول على مطالبهم بالقوة والعنف كانت درجة العدوانية لديهم أكبر من درجة العدوانية عند الآباء الذين لم يشجعوا أبناءهم على السلوك العدواني بأي شكل من الأشكال".
وقد يحصل العدوان لدى الطفل نتيجة لاضطراب سلوكي يتوجه به الشخص نحو ذاته ويهدف إلى إيذاء النفس بصور وأشكال مختلفة كتمزيقه لملابسه أو كتبه، ضرب الرأس بالحائط أو السرير، جرح الجسم بالأظافر، لطم الوجه أو شد شعره عض الأصابع، وحرق أجزاء من الجسم بالنار أو السجائر، وهذا أحد الأسباب التي يتولد عبرها العدوان لدى الطفل، كما مشاهدة الطفل لمشاهد العنف في التلفاز او عبر الانترنت سيشجع نمو العدوان في نفسه لا إراديا.
اما آليات الحد من العدوان تدريجياً وصولا الى إطفاءه فتتم عبر المساواة بين الأخوة في المنزل وعدم التفرقة في المعاملة حتى وإن كان أحدهم مولوداً جديداً فليس صحيحاً إشعار أحدهم أنه مقرب اكثر من الآخر والإغداق عليه بالمال والهدايا وحتى التقرب منه وتقبيله، ومن الأهمية بمكان تجنب الشجار العائلي أمام الأطفال والابتعاد عن العتب او اللوم وجعله سرياً بين الابوين، تجنيب الطفل مشاهدة كل ما يحتوي على العنف من أفلام ومسلسلات وحتى نشرات الأخبار لأنهم يقلدوه او يتأثرون به، تخصيص وقت فراغ للعب مع الأطفال والتحدث معهم حول مشاكلهم مع المدرسة أو الواجبات المدرسية، وإن اتبعنا كل هذه الأمور ولم تنفع لن يبقى أمامنا الى استخدام القوة في منع العدوان والحد منه في مراحله الاولى لأن تركه سيجعل منه ينمو وسنعجز عن مواجهته وتعديله ولات حين مناص.
عزيز ملا هذال