ويتبين من هذه الدراسات ان أهم الأسباب التي تدفع المراهقين إلى الانتحار أو محاولة الانتحار هي:
1- أسباب ظرفية: يمكن ربطها بالأحداث التي يعيشها المراهق، انطلاقاً من الأحداث البسيطة إلى الأحداث الأشد خطورة، وهي تتعلق في أكثرها بنظام العلاقات القائمة بين المراهق وأهله من جهة، وعلاقاته بالآخرين من جهة ثانية.
ويمكن تحديد هذه الأحداث بالشكل التالي: المنع المفروض على المراهق في البقاء خارج المنزل لوقت متأخر، رفض الأهل تحقيق بعض من متطلباته، قصور الأهل المادي لشراء ما يرغب به، المشاحنات مع الرفاق، الفشل المدرسي، علاقة فاشلة مع الجنس الآخر، ادخاله في مدرسة داخلية، انهيار وضع الأسرة الاجتماعي/ الاقتصادي، فقدان شخص عزيز، وخصوصاً الأب أو أحد المقربين.
2- أسباب اجتماعية: يمكن تصنيفها بنوعين:
- أسباب عائلية:
- التفكك العائلي
- انعدام الأمن والعاطفة نتيجة عوامل مختلفة أهمها: تعاطي الأب أو الأُم الكحول – المشاحنات بين الزوجين – غياب أحد الوالدين – موت الوالدين أو أحدهم – مرض الأهل الطويل. ولقد استأثر الاهتمام في دراسة الأسباب العائلية بمشكلة غياب الأب انطلاقاً من فكرة ان سلطة الأب وعاطفة الأُم هما الركنان الأساسيان في توازن العلاقات الأسرية.
فالسلطة ليست قمعاً دائماً، بل هي أيضاً سند ودعم عاطفي، فالأب الذي لا يعرف إلا القساوة، ولا يستطيع تأكيد ذاته إلا من خلال الصراخ والعقاب الجسدي، لا يمكنه أن يفرض السلطة العادلة والثابتة، فينشأ الأبناء على فكرة السلطة القاسية والقمعية، وعندما يصلون إلى مرحلة المراهقة فانّهم يستجيبون بطريقة عدوانية مماثلة.
التحليل الفرويدي: اعتبر إن وظيفة الأب ذات أهمية كبيرة في مرحلة المراهقة، أوّلاً للخروج نهائياً من "الأوديب" ثمّ ثانياً من أجل تكامل الاستقلالية وإعادة تنظيم الواقع الذاتي، والخلل في الصور العائلية في مجموعها، في الوقت الذي يحصل فيه انبعاث جديد للشحنات السابقة، يمكن أن يكون له التأثير الكبير على مصير الميل الاندثاري القوي في هذه المرحلة.
2- أسباب اجتماعية: تظهر الدراسات على أن مستوى الأسرة الاجتماعي/ الاقتصادي والمستوى الثقافي ليس لهما تأثير كبير في دوافع الانتحار لدى المراهقين، فلقد تبين من هذه الدراسات أنّ المراهقين الذين ينتحرون أو يحاولون الانتحار ينتمون إلى جميع الطبقات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية بشكل متعادل، وكذلك عامل السكن الذي يؤثر فقط في حال شكّل انعكاساً لمآزم عاطفية. فالسبب الاجتماعي الأكثر تأثيراً يرجع إلى الفشل المدرسي الذي يعيشه المراهق كجرح نرجسي عميق، ومما يزيد في خطورة هذا العامل، موقف الأهل الذين يسقطون الآمال على أبنائهم ويأملون تحقيق ما لم يتمكنوا من تحقيقه من خلالهم، فيلجؤون إلى استعمال القمع والقوة للوصول إلى ما يبتغون.
مقتطف من كتاب المراهقة أزمة هوية أم أزمة حضارة: د. عبد اللطيف معاليقي