علما بأني فتاة محترمة ونظيفة وأخاف الله ومتربية تربية طيبة ولكن لا أعرف لماذا أنا بالذات يتكرر معي هذا الموقف كل يوم تقريبا؟
قلت لها: أود أن أقول لك أمرا ولكني متردد، فقالت ولماذا التردد؟ قلت: لأنه يمس حياتك وحريتك الشخصية وربما يزعجك كلامي، قالت: أبدا تفضل فكلي آذان صاغية وأنا الذي جئتك وسألتك، فقلت: طيب إذن تحملي صراحتي معك.
إن كل ما ذكرتِه عن نفسك صحيح ولكن يوجد شيء ربما لم تلتفتِ إليه، قالت: وما هو؟ قلت (ملابسك) قالت باستغراب: ملابسي! ما بها فهي ملابس جيدة وجميلة وحجابي على رأسي، قلت لها: صدقت ولكن نظرة الشباب تختلف عن نظرة الفتيات، فقالت: ماذا تقصد؟ قلت لها: إن ملابسك ضيقة والشباب عندما ينظرون لفتاة تلبس ملابس ضيقة أو تصف بعض أجزاء جسدها فإنهم يتبعونها ويتحرشون بها لعلهم يفوزون بصداقتها أو بتكوين علاقة معها، قالت: وهل هذا هو السبب في كثرة التحرشات التي أتعرض لها؟ قلت لها: إذا أردت أن تتأكدي من تحليلي جربي أن تدخلي السوق بلباس ضيق وادخلي السوق مرة أخرى بلباس واسع فضفاض وارصدي نسبة التحرشات في كل مرة ستلاحظين أن التحرشات موجودة في الحالتين ولكن التحرش في تجربة الملابس الضيقة أكثر وذلك لأن اللباس يتكلم وينادي ويقول للشباب (تعالوا تحدثوا معي) قالت باستغراب: “معقولة إلى هذه الدرجة !!” قلت لها: نعم لأن الرجال مجبولون على الانجذاب للجمال الأنثوي، ولهذا قال تعالى (زين للناس حب الشهوات من النساء..) ولكن هذا الانجذاب يفترض أن يوظف للنسل من خلال الزواج لا للعب والترفيه والمضايقات وهذا ما نعيشه اليوم ولهذا فإن شكل اللباس وطريقته تساعد على الانجذاب.
ثم سكتّ برهة وقلت لها: وهل تعلمين أن اللباس يعتبر لغة للتواصل مع الآخرين فأنت تتعرفين على هذه المهن (كابتن الطائرة والطبيب والميكانيكي وعامل النظافة) من لباسهم دون أن يتكلموا، ولو تقدم لخطبتك شاب فإنك تستطيعين أن تحكمي على هويته وشخصيته من لباسه ، وكذلك الفتاة التي يتحرش بها الشباب فإن لباسها يخاطبهم ويناديهم، ولهذا يهدف إبليس إلى تعرية الفتيات ويجمل لهن الملابس الضيقة ليركز على مواطن الإغراء والفتنة وهذا ما فعله مع آدم وحواء كما قال تعالى (يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهما…) فالعري من أهداف الشيطان والعري هو رمز التمرد على الخالق (فأكلا منها فبدت لهما سوءاتهما) فقالت: إن كلامك غريب قلت لها ليس غريبا بل إن الفتاة الذكية لا تكون فريسة للأفكار الشيطانية فتعرض لحمها في سوق الشهوات بل تحتفظ بجمالها النفسي والجسدي وتسعى لاكتمال كمالها الروحي وشتان بين شباب يعيش بالقمة وشباب يعيش بالقمامة فكوني من أهل القمة لا القمامة.
قالت: ولكني لست عارية، قلت: هل تعلمين أن اللباس الضيق يغري الشباب أكثر من العري لأنه يجسد مواقع معينة في الجسم يتمنى الشاب لو يري المزيد منها فالإغراء نصفه في اللباس والنصف الآخر في الحركات والكلمات، قالت: كلامك يدعوني للتفكير في طريقة تغيير لباسي، قلت لها: دعيني أسألك سؤالا: عندما يأتيك طفل صغير يلبس ملابس ممزقة ومتسخة فماذا تقولين في نفسك؟ قالت: أقول إنه فقير محتاج، قلت: صحيح وماذا تفعلين؟ قالت: أعطيه مالا لأتصدق عليه، قلت: إذن أنت فهمت من ملابسه أنه فقير وبادرت بالصدقة وهو لم يتكلم، وهكذا الشباب معك يرون ملابسك الضيقة فيبادرون بالتحرش، فانتبهي للباسك وإن لباسك هذا مع احترامي لك ينادي الشباب ويقول لهم (تعالوا تعرفوا إلي) وأنت لا تشعرين ، ولهذا هم يتحرشون بك لأن لباسك يتكلم وأنت لا تعلمين، قالت: شكرا لك على التوضيح وفك اللغز الذي كنت أفكر فيه، وانتهي الحوار الخيالي بيني وبين هذه الفتاة بخلاصة: (إن اللباس يتكلم).
* جاسم المطوّع