وها نحن في شهر ذي القعدة المبارك نعيش مناسبات دينية، ومنها مناسبة تدعو الإنسان إلى السفر والذهاب إلى بلدة يرتاح الفؤاد إليها، وذلك عندما يضع رحله فيها، وهي بقعة في خراسان تنافس السماء علواً وازدهاراً، على أعتابها يتكدس الذهب، ويزدحم المسلمون من شرق الأرض وغربها لزيارتها، والصلاة عندها، والتطواف حول ذلك الضريح المقدّس.
وروي عن الإمام الرضا عليه السلام أنه قال: «إنّ في خراسان بقعة سيأتي عليها زمان تكون مختلف الملائكة لا تزال تهبط فيها فوج من الملائكة، وتصعد فوج، حتى ينفخ في الصور، فقالوا: يا بن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وما هي البقعة؟ قال: هي بأرض طوس، وإنّها والله روضة من رياض الجنّة من زارني فيها كان كما لو زار رسول الله صلى الله عليه وآله وكتب الله له بذلك ألف حجة مقبولة وألف عمرة مقبولة وكنت أنا وآبائي شفعاءه يوم القيامة».
وقال السيد ابن طاووس في كتابه الإقبال بالأعمال الحسنة: رأيت في بعض تصانيف أصحابنا العجم رضوان الله عليهم أنه يستحب أن يزار مولانا الرضا عليه السلام يوم الثالث والعشرين من ذي القعدة من قرب أو بعد ببعض زياراته المعروفة، أو بما يكون كالزيارة من الرواية بذلك انتهى.
أدب الزيارةوهناك في كتب المختصة بالأدعية والزيارة آداب مخصوصة يجب على الزائر مراعاتها؛ لكي تقع زيارته على أحسن وجه، وينال على الثواب الكامل المخصص لزيارته، وفي خلال كلام العلماء حول هذا الموضوع نجد هناك آداب اختصت بالمرأة الزائرة الكريمة حتى تنال ثواب الزيارة بأكملها بالتزامها بتعاليم الدينية الرصينة، كما أن هناك بعض النساء اللاتي لا يلتزمن بما جاء في آداب الزيارة، وهنا نشير إلى ما أورده الشيخ عباس القمي رحمه الله في كتابه القيّم مفاتيح الجنان بهذا الأمر:(من هذه الكلمة يعرف مبلغ القبح والشناعة في ما دأبت عليه النسوة في زماننا من أن يتبرجن للزيارة، فيبرزن بنفائس الثياب، فيزاحمن الأجانب من الرجال في الحرم الطاهر، ويضاغطنهم بأبدانهن مقتربات من الضرائح الطاهرة أو يجلسن في قبلة المصلين من الرجال ليقرأن الزيارة، فيلفتن الخواطر، ويصدُّن القائمين بالعبادة في تلك البقعة الشريفة من المصلين والمتضرعين والباكين عن عباداتهم، فيكنَّ بذلك من الصادات عن سبيل الله إلى غير ذلك من التبعات وأمثال هذه الزيارات ينبغي حقاً أن تعد من منكرات الشرع لا من العبادات، وتحصى من الموبقات لا القربات).
*زهراء الكواظمة