أهل الخبرة
السؤال: هل يتساقط أهل الخبرة عندما يتعارضون في شهادتهم؟
الجواب: مع المعارضة يؤخذ بقول من كان منهما أكثر خبرةً بحدّ يوجب صرف الريبة الحاصلة من العلم بالمخالفة إلى قول غيره.
السؤال: هل يجب الرجوع إلى أهل الخبرة في تعيين الأعلم في التقليد؟
الجواب: يجب الرجوع في تعيين الأعلم إلى الثقة من أهل الخبرة والاستنباط المطّلع ــ ولو إجمالاً ــ على مستويات مَن هم في أطراف شبهة الأعلميّة في الأمور الدخيلة فيها، ولا يجوز الرجوع إلى من لا خبرة له بذلك.
السؤال: هل يعتبر في شهادة العدلين أن يكونا من أهل الخبرة؟
الجواب: نعم، يعتبر فيها أن يكونا من أهل الخبرة وأن لا تعارضها شهادة مثلها بالخلاف، ولا يبعد ثبوتهما بشهادة من يوثق به من أهل الخبرة وإن كان واحداً، ومع التعارض يؤخذ بقول من كان منهما أكثر خبرةً بحدٍّ يوجب صرف الريبة الحاصلة من العلم بالمخالفة إلى قول غيره.
السؤال: يقول لنا الفقهاء: (يجب عليكم تقليد المجتهد الأعلم) وحينما نطلب من رجال الدين تحديد المجتهد الأعلم لا نحصل على جواب واضح قاطع لنقلّد ونستريح، وحين نسألهم عن السبب يقولون لنا: (نحن لسنا من أهل الخبرة، لكنّا سألنا عدداً من أهل الخبرة فقالوا لنا: إنّ تحديد المجتهد الأعلم يحتاج إلى دراسة كتب الفقهاء المجتهدين حتّى نستطيع تحديد الأعلم من بينهم، وهذه عمليّة طويلة ومعقّدة وصعبة فاسألوا غيرنا).
فإذا كانت مسألة تحديد المجتهد الأعلم معقّدة في مراكز الدراسة الدينية فكيف في الدول البعيدة عنها، كما في الدول الغربية وأمريكا؟ وإذا كنّا بعد مكابدة نقنع الشاب والشابة بالالتزام الشرعي بالواجبات والابتعاد عن المحرّمات في بلدان كهذه حتّى نوصلهم إلى السؤال مَن يقلدون، فيسألون فإذا بهم لا يجدون جواباً، فهل من حلٍّ لهذه المشكلة؟
الجواب: إذا كان بعض أهل الخبرة بالأعلمية يمتنع عن تعيين الأعلم ــ لسبب أو لآخر ــ فإنّ فيهم من لا يمتنع عن ذلك، ويمكن التعرّف على هؤلاء عن طريق رجال الدين وغيرهم من الموثوق بهم وبدرايتهم ممّن لهم صلة بالحوزات العلمية وبالعلماء المنتشرين في سائر البلدان، فتشخيص المجتهد الأعلم وإن لم يخلُ عن بعض الصعوبات ولكن لا ينبغي أن يعدّ مشكلة معقّدة.
السؤال: كيف نعرف مَن هم أهل الخبرة لنسألهم عن المجتهد الأعلم؟ وكيف نصل إليهم لنسألهم ونحن بعيدون عن الحوزات العلمية وعن الشرق كلّه؟ فهل من حلٍّ يسهّل علينا الأمر فنعرف بواسطته من نقلّد؟
الجواب: أهل الخبرة بالأعلميّة هم المجتهدون ومن يدانيهم في العلم المطّلعون على مستويات من هم في أطراف شبهة الأعلميّة في أهمّ ما يلاحظ فيها، وهي أمور ثلاثة:
الأول: العلم بطرق إثبات صدور الرواية، والدخيل فيه: علم الرجال وعلم الحديث بما له من الشؤون كمعرفة الكتب، ومعرفة الرواية المدسوسة بالاطّلاع على دواعي الوضع، ومعرفة النُسَخ المختلفة وتمييز الأصحّ عن غيره والخلط الواقع أحياناً بين متن الحديث وكلام المصنّفين ونحو ذلك.
الثاني: فهم المراد من النصّ بتشخيص القوانين العامّة للمحاورة وخصوص طريقة الأئمة (عليهم السلام) في بيان الأحكام، ولعلم الأصول والعلوم الأدبيّة والاطّلاع على أقوال من عاصرهم من فقهاء العامّة دخالة ثابتة في ذلك.
الثالث: استقامة النظر في مرحلة تفريع الفروع على الأصول، وطريق الاطّلاع بعد البحث والمذاكرة معهم أو الرجوع إلى مؤلّفاتهم أو تقريرات محاضراتهم الفقهيّة والأصوليّة.
والمكلّف الباحث عن الأعلم إذا لم يمكنه التعرّف على أهل الخبرة بنفسه فيمكنه ــ بحسب الغالب ــ أن يتعرّف عليهم عن طريق من يعرفه من رجال الدين وغيرهم من الموثوق بهم وبدرايتهم كما تقدّم، والبُعد المكاني لا يشكّل عائقاً عن الاتّصال بهم في هذا العصر الذي تتوفّر فيه الكثير من وسائل الاتّصال السهلة والسريعة.
السؤال: تركن النفس أحياناً لمجتهدٍ ما، فهل يكفي هذا في تقليده فيما لو اختلف أهل الخبرة في تشخيص المجتهد الأعلم؟
الجواب: إذا اختلف أهل الخبرة في تحديد الأعلم يلزم الأخذ بقول من هو الأكثر خبرةً وكفايةً منهم، كما هو الحكم في سائر موارد وقوع الاختلاف بين آراء أهل الخبرة.
السؤال: إذا اختلف أهل الخبرة في تشخيص المجتهد الأعلم أو قالوا بإجزاء تقليد عددٍ منهم، فهل يحقّ للمكلّف أن يقلّد مجتهداً في فتوى ما ويقلّد مجتهداً آخر في فتوى أخرى حتّى يتّضح له المجتهد الأعلم فيقلّده؟
الجواب: لهذا السؤال فروض ثلاثة:
الفرض الأوّل: أن يُعلن بعض أهل الخبرة بإجزاء تقليد واحد أو جماعة، وهذا لا يترتب عليه أيّ أثر شرعي.
الفرض الثاني: أن يُعلنوا بتساوي رجلين أو أكثر في العلم والورع (بمعنى التثبّت في استنباط الأحكام)، فالمكلّف مخيّر حينئذٍ في تطبيق عمله على فتوى أيّ واحد منهم أو منهما في جميع المسائل، إلّا أنّ الأحوط وجوباً في بعض المسائل هو الجمع بين فتاواهم مع الإمكان، وذلك في مثل مسائل القصر والتمام.
الفرض الثالث: أن يُعلن بعض أهل الخبرة أعلميّة أحد ويُعلن بعض آخر أعلميّة آخر، ولهذا حالتان:
الحالة الأولى: أن يعلم المكلف بأنّ أحدهما أعلم ولكنّه لا يعرفه بالتحديد، وهذه حالة نادرة ولحكمه تفصيل في كتاب منهاج الصالحين مسألة ٩.
الحالة الثانية: أن لا يعلم المكلّف بأعلميّة أحدهما، ومعنى ذلك أنّه يحتمل تساويهما في العلم والورع، وفي ذلك يأتي حكم الفرض الثاني الذي مرّ ذكره.
السؤال: ما هو المناط في أهل الخبرة لتشخيص الاجتهاد أو الأعلميّة؟
الجواب: أهل الخبرة لتشخيص الاجتهاد هم المجتهدون أو من يدانيهم في العلم، وأمّا أهل الخبرة لتشخيص الأعلم فيشترط فيهم بالإضافة إلى ذلك الاطّلاعُ ــ ولو إجمالاً ــ على مستويات من هم في أطراف شبهة الأعلميّة في الجوانب الثلاثة المذكورة في تعليقة العروة رقم ١٨ الجزء الأوّل، ولا بدّ للمكلّف من إحراز كون الشاهد من أهل الخبرة ليتسنّى له الاعتماد على قوله.
السؤال: حجيّة التقليد لا بدّ أن تنتهي إلى الاجتهاد، فما الحكم في تقليد العوام الذين لا يلتفتون إلى ذلك فهم يقلّدون تقليداً للآباء أو العلماء؟
الجواب: أصل التقليد بمعني رجوع الجاهل إلى العالم أمر ارتكازي، وعليه جرت سيرة العقلاء في الرجوع إلى أهل الخبرة في جميع موارد الحاجة إليهم، فإن كان من رجع إليه العامي واجداً لجميع الشروط المذكورة في الرسائل العمليّة فهو يقطع بحجيّة فتاواه لا عن تقليد، وهذا المقدار يكفيه. نعم، ليس له تقليد الفاقد لبعض الشروط المحتملة دخالتها في الحجيّة إلّا إذا أفتى الواحد للجميع بعدم اعتبارها.
السؤال: ماذا نفعل لو اختلف أهل الخبرة في تعيين الفقيه الأعلم؟
الجواب: يؤخذ برأي الأقوى خبرةً بحيث يصرف الريب والشكّ إلى غيره.