أن يحذر المبلّغ في بيان أهمّيّة العقائد الحقّة ومسلّمات مذهب أهل البيت (صلوات الله عليهم) في شأن مقاماتهم الشريفة من أن يوهن أهمّيّة الطاعات ويهوّن المعاصي في أعين الناس، فإنّ أمر المؤمن لن يصلح إلّا بالخوف والرجاء، فلا بدّ من حفظ المؤمن للموازنة بينهما في نفسه وفي شأن الآخرين، ولا تأمين في الدين لأحد في ارتكاب شيء من المعاصي عدا اللمم، وهي ما يتّفق من المرء أحياناً من معصية غير كبيرة ثمّ ينتبه ويؤوب إلى الله تعالى، وعلى المبلّغ الفطن أن لا يؤمن الناس من عقاب الله تعالى على معصيته، ولا يؤيسهم من رجائه وعفوه وشفاعة أوليائه بإذنه سبحانه فيما إذا نصحوا له وآبوا إليه، وليذكروا ويذكّروا بمثل قوله سبحانه: [وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا] (الأنبياء: 90)، وقوله تعالى: [وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى] (النجم: 39 ـ 41)، وقوله عزّ وجلّ: [لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللَّـهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا] (النساء: 123)، وقد تقدّم من أحاديث أهل البيت (صلوات الله تعالى عليهم) ما يؤكّد ذلك.
المصدر: الحكمة الخامسة من وصايا المرجعيّة الدينيّة العليا للخطباء والمبلّغين