حتى أصبحت ـ التهمة ـ مألوفة حتى بالنسبة لأطفال المدارس، الذين تعلموا في وقت مبكر جدًا عن الحروب الصليبية ومحاكم التفتيش والعديد من الجرائم الأخرى ضد الإنسانية، التي تُرتكب باسم الله.
سيكون لدينا ما نقوله عن تلك الأحداث الشائنة لاحقاً، ولكن النقطة الأولى التي يجب توضيحها هي:
إن الدين ليس سبب معظم الحروب التي وقعت. إنه ليس سبب معظم جرائم القتل التي حدثت. إنه ليس سبب معظم الدماء التي أريقت. إن طرح مثل هذا الشيء السخيف يعني إظهار جهل ـ يصل إلى حد البلاهة ـ بالتاريخ.
السبب الأول للحروب وإراقة الدماء على هذا الكوكب كان وسيظل دائمًا هو المكاسب الاقتصادية. حيث يرغب بلد أو مدينة أو بلدة في السيطرة على ثروة بلد أو مدينة أخرى ويحاول القيام بذلك بالقوة، ويترتب على ذلك صراع دموي عنيف، يموت بسببه عدد كبير من الناس. في العصور القديمة قد تكون الفائدة الاقتصادية ذهب أو فضة أو مجوهرات ثمينة أو أرض أو أدوات أو ماشية أو عبيد. أما في الأزمنة الحديثة، فعادة ما تأخذ المنفعة الاقتصادية شكل النفط أو التكنولوجيا أو الآلات أو الموارد للتصنيع. بغض النظر عن الغرض المحدد الذي سيتم اكتسابه، فإن الدافع الأساسي هو نفسه دائمًا - المال.
الى جانب الاقتصاد - وغالبًا ما يكون مرتبطًا به - كان السبب الأكثر شيوعًا للحروب وإراقة الدماء في العالم هو المكاسب الإقليمية. إذ تتوصل دولة أو مدينة أو بلدة معينة إلى استنتاج مفاده أنها بحاجة ماسة إلى المزيد من الأراضي - إما لأسباب اقتصادية (كالزراعة أو النفط)، أو لأنها تريد المزيد من "مساحة المعيشة" (مثل الغزو النازي للبلدان المجاورة لها)، أو إنشاء مناطق عازلة بينها وبين الأعداء (كما هو الحال في الشرق الأوسط أو أوكرانيا).
هذان هما السببان الرئيسيان للصراع العنيف في تاريخ البشرية - ولا شيء آخر. وهما ذاتا طبيعة دنيوية وليست دينية. علاوة على ذلك، كانت الأنواع الرئيسية من الحروب أهلية أو ثورية، حيث ينشأ الخلاف داخليا، أي داخل بلد معين حول كيفية حكم الأمة. فتلتهب المشاعر، وتتبعها الحروب والمجازر. أو ربما تثور شريحة من السكان ضد حكامها بغرض تغيير القيادة أو لتقرير المصير.
تمثل الحروب الأهلية والثورية عددًا كبيرًا من الصراعات الدموية التي حدثت على هذا الكوكب، وكلها تقريبًا تتعلق باكتساب السلطة السياسية. القليل منها فقط كان له علاقة بالدين أو الإيمان بالله. في الواقع، حتى عندما يكون الغرض المعلن للحرب إيديولوجيًا بطبيعته، يكون السبب الأساسي عادةً مدنيًا أو ثوريًا أو اقتصاديًا أو إقليميًا.
على سبيل المثال، خاضت فرنسا وإنجلترا الحرب مرات لا حصر لها على مر القرون. لكن هل تعتقد حقًا ولو لوهلة أن السبب يرجع الى أن الإنجليز بروتستانت والفرنسيون كاثوليك؟ وبالمثل، على الرغم من كثرة الحديث أثناء الثورة الأمريكية حول النضال من أجل القضية النبيلة المتمثلة في "الحقوق غير القابلة للتنازل"، فهل هناك أي شك في أن السبب الرئيسي لثورة المستعمرين ضد بريطانيا العظمى هو الحصول على الحرية السياسية والاقتصادية؟
الحقيقة الأكيدة هي أنه من غير المعقول الادعاء بأن الدين قد تسبب في معظم الحروب في التاريخ، وهذا ما تؤكده النظرة الخاطفة للتاريخ الإنساني، فوفقاً لموسوعة فيليبس وأكسلرود المؤلفة من ثلاث مجلدات عن الحروب، والتي تؤرخ حوالي 1763 حرباً التي دارت بين 8000 قبل الميلاد و2000 ميلادية، يمكن تصنيف 123 حرباً فقط على أنها دينية في طبيعتها وهذا يمثل 6.98 في المائة من جميع الحروب التي وقعت على الإطلاق.
كيف يمكن للملحدين أن يشتكوا بشكل هستيري من أن المؤمنين قد تسببوا في الكثير من إراقة الدماء وهم يمثلون أقل من 7 في المائة من جميع حروب البشرية - في حين أن أكثر من 93 في المائة كانت بسبب عوامل أخرى؟!
ضع في اعتبارك أننا لم نتحدث حتى الآن عن عدد ضحايا الحرب.
إذا نظرت إلى قائمة بجميع النزاعات العنيفة التي حدثت في التاريخ - من حرب فيتنام إلى الحرب العالمية الثانية إلى الحرب الأهلية الصينية إلى الثورة المكسيكية إلى الحروب النابليونية إلى الفتوحات المغولية - سترى أن الغالبية العظمى من القتلى كانوا ضحايا الحكومات وليس الأديان. لقد صاغ رودولف رومل، (أستاذ العلوم السياسية الشهير الذي قضى حياته المهنية بأكملها في دراسة البيانات حول الحروب والعنف الجماعي)، مصطلح democide "الإبادة الجماعية" لوصف الظاهرة التاريخية الشاملة "القتل على يد الحكومة". وفقًا لرومل، في المائة عام الماضية وحدها:
تعرض ما يقرب من 170 مليون رجل وامرأة وطفل للرصاص والضرب والتعذيب والطعن والحرق والجوع والتجميد والسحق والعمل حتى الموت؛ وتم دفنهم أحياء، أو اغراقهم، أو شنقهم، أو قُصفهم، أو قُتلهم بأي طريقة أخرى من طرق لا تعد ولا تحصى اتبعتها الحكومات في قتل المواطنين والأجانب العزل والعاجزين، وهناك من يقدر عددهم بحوالي 360 مليون شخص.
يبدو الأمر كما لو أن جنسنا قد دمره الطاعون الأسود الحديث. وقد تم ذلك بالفعل ولكن هذه المرة كان المتسبب وباء السلطة، وليس الجراثيم.
إننا إذا ما صنفنا الحروب التي اندلعت في العالم منذ بزوغ فجر التاريخ وفقاً لأعداد الضحايا وخسائر الأرواح سنجد أن ثلاثة حروب من أكثر عشرة حروب دموية على الإطلاق حدثت في القرن العشرين: الحرب العالمية الأولى، والحرب العالمية الثانية، والحرب الصينية اليابانية الثانية. الحرب العالمية الثانية وحدها، التي حدثت بين عامي 1939 و1945، تفوقت على جميع الحروب الأخرى في أعداد القتلى، حيث قُتل ما يزيد عن سبعين مليون شخص.
فهل يحتاج الملحدون إلى التذكير بأن الحرب العالمية الثانية لا علاقة لها بالدين؟
لكن الأسوأ لم يذكر بعد. إن الأرقام الدموية التي ذكرناها تظهر فقط الحقيقة الواضحة وهي أنه عندما يتعلق الأمر بالحروب، فإن القضايا الدنيوية مثل الاقتصاد والسياسة تفوق بكثير القضايا الدينية. لكن ماذا لو تعمقنا أكثر؟ ماذا لو نظرنا إلى القادة الملحدين ودرسنا ما يحدث عندما يكونون في السلطة؟ ماذا لو نظرنا على وجه التحديد إلى الحروب والقتل الجماعي التي حدثت في عهد الأنظمة الملحدة؟
وهنا نكتشف سبب رضا الملحدين على جهلهم بالتاريخ. ونرى أحد الأسباب الرئيسية لكذبتهم الكبيرة حول علاقة الحروب بالدين. الحقيقة هي أن الفلسفات القائمة على الألحاد وقادته يتحملون اللوم على الغالبية العظمى من الوفيات الناجمة عن الحروب والقتل الجماعي في العالم. ما عليك سوى إلقاء نظرة على قائمة مختصرة لبعض الديكتاتوريات اللادينية سيئة السمعة في الماضي القريب:
جوزيف ستالين (الاتحاد السوفيتي): تسبب بمقتل 42,672,000 انسان
ماو تسي تونغ (الصين): تسبب بمقتل 37,828,000 انسان
أدولف هتلر (ألمانيا): تسبب بمقتل 20,946,000 انسان
شيانغ كاي شيك (الصين): تسبب بمقتل 10,214,000 انسان
فلاديمير لينين (الاتحاد السوفيتي): تسبب بمقتل 4,017,000 انسان
هيديكي توجو (اليابان): تسبب بمقتل 3,990,000 انسان
بول بوت (كمبوديا): تسبب بمقتل 2,397,000 انسان
يذكر ستيفان كورتوا في كتابه "الكتاب الأسود للشيوعية"، أن الحكومات الملحدة الشيوعية قتلت أكثر من مائة مليون شخص في القرن العشرين وحده. ويوافقه الملحد السابق ثيودور بيل الرأي قائلاً: "كانت هناك ثمانية وعشرون دولة في تاريخ العالم يمكننا التأكيد بأنها حُكِمَت من قبل أنظمة يقودها ملحدون... أكثر من نصفهم قاموا بأعمال إبادة جماعية من النوع الذي ارتكبه ستالين وماو. . . وبلغ إجمالي عدد القتلى خلال التسعين عامًا بين عامي 1917 و2007 ما يقرب من 148 مليون قتيل على أيدي اثنين وخمسين ملحداً دموياً".
دعونا نتفحص سيرة اثنين من هؤلاء الديكتاتوريين.
جوزيف ستالين، الذي صعد إلى السلطة في الاتحاد السوفيتي عام 1927 وظل أمينًا عامًا للحكومة الشيوعية حتى وفاته عام 1953، يتصدر قائمة القتلة على وجه البسيطة. كان ستالين بالطبع ملحدًا مُصَرّحاً بإلحاده. بصفته ديكتاتورًا، روج للإلحاد من خلال نظام التعليم، والدعاية المعادية للدين، وقوانين التمييز ضد الدين، وإنشاء "رابطة الملحدين العسكرية"، والأهم من ذلك، حملة اضطهاد بربرية ودموية ضد المؤمنين تابعها بلا هوادة لمدة خمسة وعشرين عامًا.
في ظل نظامه الملحد، تم قمع جميع الأديان في الاتحاد السوفييتي بعنف. قُتل الرهبان والشيوخ، واغتُصبت الراهبات، ودُنِست وحُرقت مئات الكنائس والمعابد والمساجد والأديرة.
لم يقتصر اضطهاد ستالين على المؤمنين، فقد قتل كل من كان يهدد سلطته. خلال فترة حكمه الديكتاتوري، فرض عهدًا من الإرهاب لا مثيل له في سجلات التاريخ - بإعدامات جماعية، وعمليات تطهير، ونفي إلى معسكرات العمل العقابية. كما قام بهندسة المجاعات بشكل منهجي على مساحات شاسعة من الأراضي في أوكرانيا لغرض محدد هو تدمير الناس هناك الذين سعوا إلى الاستقلال عن حكمه. ونتيجة لذلك، لقي ما يقرب من سبعة ملايين فلاح حتفهم في هذه المنطقة الزراعية، التي كانت تعرف في وقت من الأوقات باسم "سلة الخبز في أوروبا".
من الصعب تقدير العدد الإجمالي للقتلى في عهد ستالين، لكن تقديرات معظم المؤرخين تتراوح بين 40 و60 مليون شخص.
الآن، دعونا نلقي نظرة على هتلر. ستسمع أحيانًا أن الملحدين يدعون بشكل مثير للسخرية أن هتلر كان يؤمن بالله، لكن هذه مجرد كذبة أخرى. هتلر كان مخترع الكذبة الكبيرة وسيد الدعاية السياسية. خلال صعوده المبكر إلى السلطة، كان يغازل المتدينين بنفس الطريقة التي كان يغازل بها أي شخص يعتقد أنه يمكن أن يساعده على تحقيق أهدافه. في الأساس، أراد هتلر استخدام الدين لتمكينه من الوصول إلى السلطة، وتقويضه لأسباب سياسية، ومن ثم القضاء عليه بعد ترسيخ الرايخ الثالث. وبالفعل، ما أن أصبح هتلر مستشارا لألمانيا، بدأ حملة اضطهاد وحشية على الدين والتدين، وسجن وقتل أعداد كبيرة من رجال الدين.
أي شخص يصر على الاعتقاد السخيف بأن هتلر كان مؤمناً ليس عليه سوى قراءة بعض محادثاته الخاصة، التي نشرت لأول مرة في عام 1953 من قبل كل من فارار وشتراوس ويونغ. فيما يلي بعض الاقتباسات المتنوعة للفوهرر:
• أقوى ضربة تلقتها البشرية كانت مجيء الدين.
• الاشتراكية الوطنية (النازية) والدين لا يمكن أن يتواجدا معًا.
• السبب في أن العالم قديما كان في غاية النقاء والضياء والهدوء تمثل في عدم معرفته بالسوطين الكبيرين الذين ادميا ظهر البشرية: داء الجدري والتدين.
• الدين من اختراع العقول المريضة.
• عصرنا سيشهد بالتأكيد نهاية مرض اسمه الدين.
كما تكشف وثائق نورمبرغ بوضوح كيف تبنى أدولف هتلر المبادئ الملحدة لزميله الألماني فريدريش نيتشه، الذي اقترح مفهوم الإنسان الأعلى (Übermensch)، وكان لهذا المفهوم إضافة إلى الرؤية الداروينية القاسية في السياسة الاجتماعية تأثير قوي على هتلر إذ دفعاه إلى الاعتقاد بأنه قادر على إنشاء عرق ألماني متسيد. ببساطة، كان يعتقد أنه يمكن تحسين أعداد كبيرة من السكان وراثيًا عن طريق استخدام "التربية الانتقائية"، والتي تتطلب القضاء على السلالات "الدونية" وسلالات الدم من أجل تنقية الجينات في ألمانيا. في نهاية المطاف أدى هذا الوهم إلى إبادة ما يقرب من عشرة ملايين من مختلف الديانات والأعراق التي اعتبرها النازيون أقل شأنا.
عندما تضيف هذا الرقم إلى مجموع الأرواح الأخرى التي أزهقت في الحرب العالمية الثانية، فإن الرقم الإجمالي يصل إلى أكثر من عشرين مليون شخص قتلوا كنتيجة مباشرة لهذا الوحش الملحد.
الدليل التاريخي واضح: ففي الكتالوج الطويل للفظائع البشرية، أنتج الإلحاد عددًا لا يُعلى عليه من الجثث والأرواح المزهقة. هذه ليست تكهنات ولا رأي منحاز. إنها حقيقة لا جدال فيها.
ولكن هناك سؤال أعمق وأكثر إثارة للقلق، وهو لماذا كان الملحدون مسؤولين عن هذا العدد الكبير من جرائم القتل في التاريخ؟ لماذا كلما أخذ نظام ملحد مقاليد السلطة، تصبح الحياة فجأة رخيصة إلى هذا الحد؟ بعد كل شيء، يدعي الملحدون أن فلسفتهم إنسانية لأنها تركز على الإنسانية وليس على "خرافة" الإيمان بالله كما يقولون. ولكن إذا كان هذا صحيحاً، فلماذا حاول الطغاة الملحدون تدمير الإنسانية بهذا الشكل المرعب؟
الجواب هو شيء لا يريد الملحدون سماعه. إنه شيء يرفضون الاعتراف به. ومع ذلك فهو في غاية البساطة بحيث يستطيع الطفل فهمه.
الحل لهذا اللغز القاتل هو أنه من دون الله، لا يوجد قاض أخلاقي حاسم لأفعال أي شخص. ومن دون الله، لا توجد سلطة مطلقة، ولا يوم قيامة، ولا مساءلة أخلاقية. لقد قتلت الحكومات الملحدة من البشر أكثر مما قتل أي دين في التاريخ لأن الملحدين لا يؤمنون بالله الذي يقول أن القتل حرام وخطأ. لا يؤمنون بـ "بحكم شرعي" ضد القتل. لا يؤمنون بحكم شرعي ضد أي شيء، فكل شيء عندهم مباح.
بالتأكيد، قد يعتقد الملحدون أن بعض الجرائم تستحق الشجب، ولكن في نهاية المطاف، أسبابها إما عاطفية أو عملية في طبيعتها - وليست وجودية. وبعبارة أخرى، قد يعتقدون أنه من الخطأ ارتكاب جريمة معينة لأنها منفرة من الناحية النفسية، أو لأنهم يعتقدون أن المجتمع لا يمكن أن يعمل بشكل صحيح في بيئة من السلوك الإجرامي المتفشي - ولكن ليس لأن الجريمة خاطئة في حد ذاتها. ليس لأن الجريمة هي فعل مخالف لطبيعة الله ذاته – الذي هو الخير والحق والحياة. لذلك، إذا كان الديكتاتور الملحد يعتقد أنه لا يوجد اي مشكلة أخلاقية في ذبح عشرات الملايين من الناس - ولديه القدرة على القيام بذلك - لماذا لا يفعل ذلك؟ (المزيد حول هذه النقطة لاحقاً).
علاوة على ذلك، فالملحدون لا يؤمنون بالقيمة اللانهائية للإنسان، الأمر الذي ناقشناه بإيجاز في المقال السابق. يؤمن اتباع الديانات السماوية أن الله تعالى خلق البشر بأحسن صورة وتقويم، يعتقدون أن البشر لديهم أرواح خالدة، ويؤمنون بأن الله يحب كل واحد منا - وبالتالي فإن كل واحد منا يستحق أكثر من الكون المخلوق بأكمله.
الملحدون لا يوافقون على هذا الرأي. في الواقع، هم يعتقدون أنه غير معقول. لهذا السبب قاموا بإنشاء أنظمة أخلاقية قائمة على الفلسفات الوحشية مثل الداروينية الاجتماعية أو الآرية النازية - وليس على المبدأ الأساسي القائل بأن الحياة البشرية كلها مقدسة. هم فقط لا يحكمون بصحة هذا المبدأ.
ونظراً لعدم إيمانهم بقيمة الحياة الإنسانية وكرامتها، فإن القادة الملحدين أحرار في أن يفعلوا ما يريدون من أجل الاستيلاء على السلطة، والحفاظ على السيطرة، وإعادة هيكلة المجتمع وفقاً لأي رؤية طوباوية للمستقبل يمكن أن يتوهموها – ويشمل ذلك ارتكابهم أعمال إرهابية سادية بلا رحمة وبدم بارد، ومعاملة البشر على أنهم قمامة لا قيمة لها.
قد يبدو هذا حكماً قاسياً، لكنه ليس كذلك. لقد رأينا بالفعل كيف أن الملحدين في العصر الحديث مذنبون بالغطرسة والجهل والخداع المذهلين، خاصة عندما يتعلق الأمر بالتركة الملطخة بالدماء التي ورثوها. لكننا لم نر شيئاً بعد، إذ أننا لم نناقش ـ بعد ـ كيف حاولوا طمس حقيقة فلسفتهم الوحشية بخلقهم مناخ من الخوف والترهيب والتعصب.
*من كتاب: داخل العقل الملحد - أنطوني ديستيفانو - ترجمة شعبة البحوث والدراسات في العتبة الحسينية