أيّها الإخوة والأخوات نشهد في هذه الأيّام في محافظة البصرة العزيزة وبعض المناطق الأخرى، احتجاجات شعبيّة تعبّر عن مطالب الكثير من المواطنين، الذين يعانون من النقص الحادّ في الخدمات العامّة كقلّة التجهيز للكهرباء بالرغم من ارتفاع درجات الحرارة، وعدم وجود القدر الكافي من المياه الصالحة للشرب، بل ولا لبقيّة الاستعمالات الضروريّة، فضلاً عن انتشار البطالة وقلّة فرص العمل والكسب اللائق وعدم كفاءة المؤسّسات الصحّية بالرغم من ارتفاع نسبة الإصابة بالأمراض الصعبة في المحافظة.
لا يسعنا إلّا التضامن مع أعزائنا المواطنين في مطالبهم الحقّة، مستشعرين معاناتهم الكبيرة ومقدّرين أوضاعهم المعيشيّة الصعبة وما حصل من التقصير الواضح من قبل المسؤولين سابقاً ولاحقاً في تحسين الأوضاع وتقديم الخدمات لهم بالرغم من وفرة الإمكانات الماليّة، حيث أنّهم لو أحسنوا توظيفها واستعانوا بأهل الخبرة والاختصاص في ذلك وأداروا مؤسّسات الدولة بصورةٍ مهنيّة بعيداً عن المحاصصات والمحسوبيّات ووقفوا في وجه الفساد من أيّ جهة أو حزب أو كتلة لما كانت الأوضاع مأساويّةً كما نشهدها اليوم.
إنّ محافظة البصرة الفيحاء هي الأولى في رفد البلد بالموارد الماليّة وهي الأولى في عدد الشهداء والجرحى الذين قدّمتهم في معركة الدّفاع ضدّ عصابات داعش الإرهابيّة، ولا تزال تمتلئ شوارعها وأزقّتها بصور آلاف الشهداء الذين بذلوا أرواحهم في سبيل إنقاذ العراق وحماية أهله ومقدّساته، فليس من الإنصاف بل ولا من المقبول أبداً أن تكون هذه المحافظة المعطاء من أكثر مناطق العراق بؤساً وحرماناً، يعاني الكثير من أهلها مشقّة العيش وقلّة الخدمات العامّة وانتشار الأمراض والأوبئة ولا يجد معظم الشباب فيها فرصاً للعمل بما يناسب إمكاناتهم ومؤهّلاتهم.
إنّ المسؤولين في الحكومتين المركزيّة والمحلّية مطالبون بالتعامل بجدّية وواقعيّة مع طلبات المواطنين والعمل على تحقيق ما يُمكن تحقيقه منها بصورةٍ عاجلة، ووضع برنامج واضح ومدروس لحلّ بقيّة المشاكل القائمة بوتيرة متصاعدة، ويتطلّب ذلك اتّباع سياسة حازمة وشديدة مع الفاسدين ومنع استحواذهم على موارد البلد بأساليبهم الملتوية، والاستعانة بالخبراء وأصحاب الكفاءات ومن لا يجاملون على حساب الحقيقة للوصول الى حلول جذريّة للأزمات الراهنة، بعيداً عن اختلاق الذرائع والمسوّغات لتحميل الآخرين مسؤوليّة ما جرى ويجري منذ سنوات طوال على أهل هذه المحافظة الكريمة من الأذى والمعاناة، فقد جرّب أهلها مختلف الكتل السياسيّة في محافظتهم ولم يجدوا تفاوتاً في أوضاعهم بل ازدادوا بؤساً وشقاءً.
يُرجى من المواطنين الكرام أن لا تبلغ بهم النقمة من سوء الأوضاع اتّباع أساليب غير سلميّة وحضاريّة في التعبير عن احتجاجاتهم وأن لا يسمحوا للبعض من غير المنضبطين أو ذوي الأغراض الخاصّة بالتعدّي على المؤسّسات أو الأموال العامّة أو الشركات العاملة بالتعاقد مع الحكومة العراقيّة، ولا سيّما أنّ كلّ ضررٍ يصيبها فإنّه سيُعوّض من أموال الشعب نفسه.