يمكن إجابتهم بجوابٍ بسيط، أجاب به الإمام الباقر عليه السلام رجلاً نادى الإمام بـ: ابن الطبّاخة، فقال عليه السلام: ذاك حِرفتها.
بهذه البساطة ننهي الموضوع، لكن الإهانة الكبيرة هي أن أجد فتاة تتنازل وتتصارع من أجل إثبات قدرتها وعظمتها، فأرى خبراً لامرأة تتحدى هذه الجملة وتثبت أن مكانها ليس في المطبخ فتعمل في تشغيل الدي جي!، وأخرى في صالون حلاقة للرجال، وأخرى تهرب من بيتها لتعيش مشردة ثم تنتحر، أو أخريات ينتقمن من مفهوم البيت فتخرج منه أغلب الوقت وتستهزئ بتعاليم الأسرة.
كل البرهنات هذه لن تجعلهم يخسرون شيئاً، بل هي من تخسر فطرتها وأنوثتها.
تقول الصحفيّة البريطانيّة لوسي كيلاو في مقالٍ لها: «ذهبتُ لزيارة صديقة محامية كانت قد أنجبت طفلاً للتو وقررت البقاء في المنزل لرعايته، كانت وليمة الغداء تسير على ما يرام حتى قلت إني أحسدها لأنها لا تعمل. نظرت إلي بتعبير قريب من البغض، وردّت بجفاء، قائلة إن لديها وظيفة بالتأكيد. بمعنى أن رعاية طفلها وتقديم الطعام له كانت بالتأكيد وظيفة، وهي وظيفة أكثر جدارة بكثير من أي شيء يتعلق بقانون الشركات.»
مالضير أن تكوني أنتِ من يسد جوع زوجكِ وأطفالك، بدون الطعام سوف يهلك الجميع، حتى لو كان المطبخ والبيت ليس للطعام وحسب، فالذي تقدّميه في المطبخ لا يمكن تقديمه بأي مؤسسة وجامعة ومختبر وحتى فضاء، فالسماء ليست دافئة مثل البيوت، ولا يمكن صناعة الحب بأي مصنع وشركة، لا يهم ما اسم المكان الذي أنتِ فيه، المهم ماذا تصنعين فيه، مكانٌ مليء بالقدور والطناجر والتوابل والملاعق، مليء برائحة القلي والشواء، لكنه أُس البيت الذي هو مركز القيادة لسلوك الأفراد، ولوحة التحكّم بصلاح المجتمع، ومختبر صُنع الإنسان، بل الشريان الذي يغذي الأمم.
كانت فاطمة الزهراء تُدير الرحى، لكن الزمان ما زال يدور باسمها وخصالها وعظمتها وذريتها.