إنّ الله سبحانه لم يخلق الكون والكائنات دفعة واحدة، بل كان نظام خلقه لها على أساس خلق الشيء على سُننٍ ثم تطويره وفق تلك السُنن حتى يبلغ الغاية المنظورة.
كما في خلق الإنسان من نطفة ملقّحة ليكون جنيناً ثم ينمو حتى يكمل ويولد مكتملاً مجهّزا بالأدوات التي يحتاجها.
وكذا في خلق السموات والأرض، حيث ورد في القرآن الكريم أنّه سبحانه خلقها في ستة أيام، والمراد باليوم التعبير عن المرحلة الزمنية ـ كما ورد في استعمالات العرب ـ، وقد تكون طويلة جداً، كما في قوله تعالى: [وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ]؛ فيكون عدد الأيام إشارة إلى عدد المراحل التي ترسمها الحوادث الكونية العظيمة.
وقد يكون هذا النحو من الخلق ــ وهو خلق شيء يبدو غير ذي شأن وتنميته وفق سنن عبّئت فيه حتى يكون مثالاً رائعاً ـ أدلّ على القدرة على الإبداع، فقد يمارس المرء مباشرة عملاً وقد يصنع آلةً على نظام ينتج ذلك العمل وهذا أبلغ دلالةً على القدرة، ومن ثَمَّ نبّه في الآيات الشريفة على قدرة الخالق على إخراج شيء بديع ومتقن من شيء يسير كما قال تعالى:[ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ]."