إن هذه القضيّة منقولة في كتب المسلمين جميعاً، غير أنّ روايات العامة عبّرت بالنوم أي أنّها اعتبرتْ النبي صلى الله عليه وآله قد (نام) عن صلاة الصبح حاشاه!، وهذا معنى باطلٌ قطعاً؛ لمنافاته لكمال النبي صلى الله عليه وآله، بينما تحدّثتْ رواياتنا عن أنّ الله تعالى (أنام) نبيه صلى الله عليه وآله عن صلاة الصبح، ومعناها واضح لا يحتاج إلى بيان، وزبدته: أنّ حكمة الله تعالى قضتْ أن يجعل النوم غالباً عليه، وقاهراً عليه، فغلب عليه النوم كما قضى الله تعالى حتى فات وقت أداء صلاة الصبح.
هل هذه الروايات صحيحة الإسناد؟
والجواب نعم، فيها ما هو صحيح الإسناد، كرواية الكافي التي ذكرناها، ولكن صحّة إسناد الحديث شيء، صحّة الحديث شيء آخر، لذا هنا يرد سؤال آخر هو:
هل هذه الروايات مقبولة المضمون، وصحيحة المعنى؟ ولك أن تقول: هل تتنافى مع عصمة النبي وكماله أم أنّها لا تستلزم الخدش في جنابه الكريم ومقام عصمته العظيم؟
والبيان في مقامين: كبروي وصغروي
أ-أمّا كبرويّاً فقد اتفق العلماء على تنزيه النبي من كلّ ما يقتضي وقوع النقص فيه، وأجمعوا على ردّ كلّ ما يستلزم الطعن في جنابه الكريم صلى الله عليه وآله، فضلاً عن ذلك فإنّ هذا من الضروريات، فلا ينبغي إطالة الكلام فيه.
ب- لكنّهم اختلفوا في الصغرى أعلاه: أعني غلبة النوم بإرادة من الله تعالى على نحو القهر على قولين: فردّها قسم من الأعلام لما يراه فيها أنّها مما تستلزم النقص، وقبلها آخرون؛ لأنّهم لا يرون فيها محذوراً؛ لأنّ النقص إنما يلزم لو كان نوماً، وهو ليس بنوم، بل هو إنامة، قال الشيخ رضا الهمداني(ت1322هـ): يشكل دعوى امتناع غلبة النوم على الأنبياء عليهم السلام؛ إذ لا شاهد عليها من نقل أو عقل، عدا ما قد يقال: من أنّ نومهم عن الفريضة نقص يجب تنزيههم عنه؛ وهو غير مسلّم، خصوصاً إذا كان من قِبَل الله تعالى رحمةً على العباد، لئلا يعيّر بعضُهم بعضا كما في بعض الأخبار التصريح بذلك .(مصباح الفقيه،ج2،ص64).