كل ما تم ذكره يعبر عن وجهة نظر محددة وقد تكون مفرطة في تقييمها للمجتمعات الغربية والإسلامية، فالادعاء بأن تطور العالم الغربي يرجع إلى الليبرالية الغربية وحياد العقل الليبرالي لا يمكن قبوله على إطلاقه، فالتطور الغربي يعود إلى عوامل متعددة منها الاستكشاف والاكتشاف والتجارة والثورة الصناعية والتكنولوجيا وغيرها، ومن ثم تأتي النظم السياسية والاجتماعية كبيئة حاضنة لكل ذلك التطور.
أما أتهام المجتمعات الإسلامية بأنها اعتمدت على التراث وحده في فهم العالم والحياة والمجتمع، فهو لا يعدو أن يكون اتهام فيه الكثير من التحيز والتعميم، فمما لا شك فيه إن الكثير من المسلمين فهموا الإسلام على أنه دعوة إلى العلم والتعقل، وقد قدموا بالفعل الكثير من المساهمات العلمية والتجريبية التي كانت بمثابة الأرضية التي انطلق منها عصر النهضة الأوربية، إلا أن تسلط الحكومات الشمولية في طول التاريخ الإسلامي هي التي تسببت في تجميد العقل الإسلامي وتحجيره، وعليه مازالت الفرصة متاحة أمام المسلمين في بناء حضارة تعزز التقدم الغربي وتضيف عليه بعدها الروحي والأخلاقي، فالإسلام لا يرفض ما حققه الغرب من تقدم علمي وتكنلوجي وإنما يسعي لإضافة بعده الروحي والأخلاقي على ذلك التقدم، وبالتالي ليس هناك تنافر حتى ننتصر للغرب على حساب الإسلام أو ننتصر للإسلام على حساب الغرب وإنما هناك تكامل يجب أن نفكر في تحقيقه بشكل أكثر تفاؤل.