نعم، من الممكن أن ننجح في دعوة الناس إلى التمسك بالقرآن الكريم والتدبر في آياته على الرغم من انتشار وسائل الترفيه في عصرنا الحالي، فالقرآن الكريم هو كتاب إلهي يحتوي على الحقائق العظيمة والمعارف الأسمى التي تساعد الإنسان على فهم وجوده في هذه الحياة ودوره في الكون، وبالتالي مهما كان الإنسان منشغلاً بالدنيا لابد له من الرجوع إلى القرآن والاستنارة بآياته، ومن هنا يجب أن لا يستسلم الدعاة إلى الله أمام وسائل الترفيه التي تشغل الناس عن دينهم وقرآنهم، فلابد أن يأتي اليوم الذي يعرف الناس فيه أهمية القرآن في حياتهم.
فالواجب علينا الترويج المستمر لقيم الإيمان والتقوى والأخلاق، والتي تعتبر قيماً مهمة في تنمية الشخصية الإنسانية والمجتمعية، كما يجب تشجيع الأفراد على قراءة وتدبر القرآن الكريم من خلال النشرات الدعوية والدروس والمحاضرات والخطب في المساجد والمدارس والمجتمعات المحلية، وكذلك عن طريق القنوات الفضائية والإذاعة والإنترنت.
ومن المهم أن نحاول إيجاد طرق جديدة لجعل القرآن الكريم أكثر جاذبية للشباب والأجيال الجديدة، مثل استخدام الوسائط الرقمية والتكنولوجيا الحديثة لنشر المعرفة القرآنية وتعليم التدبر في الآيات.
كما يمكن استخدام التطبيقات الذكية والمنصات الرقمية الأخرى لتعليم القرآن الكريم وتشجيع التدبر في آياته. على سبيل المثال، يمكن إطلاق تطبيقات تفاعلية للتفسير والتدبر في الآيات، وإنشاء مواقع إلكترونية متخصصة تحتوي على محتوى تعليمي للقرآن الكريم بأساليب مبتكرة وجذابة.
وفي الجملة يمكن استخدام وسائل الإعلام المختلفة للترويج للتدبر في القرآن الكريم وجعله جزءً من حياة الأفراد، فمثلاً يمكن إنتاج برامج تلفزيونية وإذاعية تتحدث عن التدبر في القرآن الكريم وتفسير آياته، كما يمكن إنتاج مقاطع فيديو قصيرة على منصات التواصل الاجتماعي تتحدث عن آيات محددة وتشجع على التدبر فيها، كما يمكن الاستفادة من وسائل الإعلام الرقمية، مثل اليوتيوب والبودكاست، لإنتاج محتوى تعليمي للتدبر في القرآن الكريم ونشره على الإنترنت.
وفي المحصلة إن دعوة الناس للقرآن الكريم تتطلب جهودًا متعددة ومستمرة، كما أنها بحاجة دائمة إلى ابتكار وسائل وأدوات أكثر جاذبية وإثارة، وقد ذكرنا في إجابة سابقة أن الترفيه عن النفس وترويحها غريزة متأصلة في الإنسان لا يمكن كبتها ومصادرتها، وفي المقابل لا يترك لها الباب مفتوحاً على مصراعيه لتصبح الهم الاكبر للإنسان وشغله الشاغل، ولذلك كان الدين ضرورة لترويض الغرائز وتهذيبها حتى لا تكون عائقاً يحول بين الإنسان وبين الغايات التي خلق من أجلها، ومن هنا لا يعد الترفيه عن النفس من الخيارات الأصيلة في حياة الإنسان، كما لا يعد مساراً صالحاً يستنفذ الإنسان عمره من أجله، وإنما هو مجرد استثناء عارض يلجا إليه الإنسان ليستريح فيه أثناء مسيره الجاد.