على الرغم من كون وسائل التواصل الاجتماعي توفر منصة لتوطيد علاقاتنا بالأشخاص من حولنا، فإنها ساهمت في تفاقم بعض مشكلات العلاقات الزوجية حتى وصلت بهم إلى طرق مسدودة أو إلى الطلاق في نهاية المطاف.
كما تتزايد الأبحاث إلى إثبات أن الاستخدام المتزايد لوسائل التواصل الاجتماعي أدى إلى إشعال المشكلات الزوجية، وجلب الخيانة الزوجية، والصراعات، والغيرة.
ولا يقتصر الأمر على ما يفعله الشخص على وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن أيضًا مقدار الوقت الذي يقضيه عليها، إذ ثبت أن الإفراط في الوقت الذي يقضيه الأزواج على وسائل التواصل الاجتماعي يؤثر سلبًا على علاقتهم.
كيف أثرت وسائل التواصل سلبًا على الحياة الزوجية؟تزيد وسائل التواصل الاجتماعي من الانفتاح على العالم وتفتيت مصطلح الخصوصية والأمان، ومن ثم أثرت سلبًا على العلاقات الزوجية، فعلى سبيل المثال:
- زيادة الشكوك والغيرة: تمنح وسائل التواصل الاجتماعي وصولاً سهلاً لبعض الزوجات الغيورات للبحث عن معلومات حول تفاعلات أزواجهن، سواء أكانت الغيرة قائمة على شكوك لها أصل من الصحة أم لا أساس لها، وغالبًا ما تشعر الزوجات بعدم الارتياح بشأن علاقتهن مع أزواجهن بعد اكتشاف شيء ما على حساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، وقد يزيد هذا من المراقبة والغيرة والصراع في العلاقة.
لذا يعترف كثير من الأزواج والزوجات بإخفاء الرسائل والمشاركات عن أزواجهم، أو الدخول بأسماء مستعارة.
- دليل على الزمان والمكان: يمكن أن تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي أيضًا كدليل ضد الزوج لإظهار أنه كان في وقت أو مكان معين أو مع أشخاص معينين.
- عادات الإنفاق: يمكن أن تستغل بعض الزوجات مشاركة عادات الشراء على وسائل التواصل الاجتماعي ضد زوجها لإظهار دليل على إنفاقه خارج البيت أكثر من بيته. وهنا لا يمكن تحميل الخطأ للزوجة فقط، لأن كثيرًا من الأزواج بخلاء في بيوتهم، كرماء خارجه، وهذا الفعل من أشهر ما يشعل خلافات بين الزوجين.
- الغيرة عبر الإنترنت: مواقع الشبكات الاجتماعية تجعل من السهل على أي شخص مراقبة الزوجين وفتح باب المقارنة، والغيرة والحقد المتوغلة في نفوس الكثير من الناس. فكيف نأخذ بحكمهم على مشكلاتنا الزوجية؟ إن الافتقار إلى الخصوصية على مواقع الشبكات الاجتماعية يجعل من السهل على الآخرين الوصول إلى معلومات عن أي زوجين، ليس هذا فحسب، بل محاولة الإيقاع بينهما وإشعال نار الفتنة رغبة في التفريق بينهما.
ومن المؤسف أنه على الرغم من وجود كل هذه المخاطر حول العلاقة الزوجية من الوسائل الاجتماعية، فإن كثيرًا يلجأ لها لحل مشكلاتهم.
فهل مواقع التواصل الاجتماعي حقًا بيئة آمنة لحل المشكلات الزوجية؟لا ينأى بعض الأزواج عن إمساك هواتفهم المحمولة وكتابة مشكلاتهم الزوجية على الصفحات التي اختصت في هذا الأمر، وإننا لا ننكر وجود كثير من العقلاء والحكماء الذين يعطون نصائح ثمينة، ولكن في الوقت نفسه نجد سيلاً من التعليقات السلبية والمحفزة على إشعال الصراعات، فلو فكرنا في الأمر من عدة زوايا سنكتشف أن مواقع التواصل الاجتماعي لا تصلح أبدًا لعرض المشكلات الزوجية أو حلها، وذلك لما يلي:
- انعدام أمان: يجب التفكير في مدى الأمان الذي تقدمه هذه المجموعات الموجودة على وسائل التواصل الاجتماعي، وحتى السرية منها، فلا أمان ولا مانع من دخول أشخاص غير مسؤولين واختراقها، وخاصة إن كان أحد الزوجين يعرض اسمه وبياناته كاملة، فقد يستغل أحدهم هذه المعلومات ضده.
- عدم وضوح الصورة الكاملة: لا شك أن كثيرًا من الأزواج عندما يسردون مشكلاتهم قد يسردونها من جانب واحد فقط، أو جانب متحيز، ومن ثم يكون الحكم ظالمًا للطرف الآخر. لذا خذها قاعدة: جميع الخلافات الزوجية، لا بد أن يستمع فيها إلى الطرفين لمنح كل زوج منهم الفرصة الكاملة في التعبير عن نفسه، كما أن لكل مشكلة ظروفها وسماتها الخاصة التي تختلف عن مشكلات غيرهم من الأزواج.
- الفروق الطبقية والثقافية والاجتماعية: كل شخص ترعرع في بيئة مختلفة ولأب وأم وأصدقاء مختلفين، حتى المستوى التعليمي والثقافي مختلف، وأيضا مدى التزامهم الديني والأخلاقي، فقد يرى أحدهم مشكلتكم الصغيرة على أنها كبيرة، والعكس صحيح، فليس من الصواب أن تعتمد وجهات نظرهم دومًا حول مشكلة خاصة.
- تباين الآراء واختلافها: لا شك أنك قرأت يومًا التعليقات حول إحدى المشكلات الزوجية المطروحة على وسائل التواصل الاجتماعي، ومن المستحيل أن ترى توافقًا أو تقاربًا في جميع الآراء، وما يزيد الطين بلة أنك قد تميل إلى الحل الذي يهواه قلبك، وليس الحل الصواب، ومن ثم تقع فريسة الحيرة عند اختيار الحلول.
من الذي يمكننا مشورته في خلافاتنا الزوجية؟سيبقى الأفضل دائمًا لحل المشكلات الزوجية هو تسوية الأمور مع بعضكما دون أي يعرف بها أحد، فإن لم تستطيعا ولم تتوصلا إلى حل، فيمكن اللجوء والاقتصار على استشارة شخص حكيم ومتخصص وذي ثقة، فكثرة الخوض في المشكلات وحلولها لا تعني بالضرورة إمكانية حلها، فالأصل يكمن دائمًا في الدافع الشخصي للبحث عن حل، والسعي من الطرفين عن كيفية تحقيق ذلك.
ولا بد للأزواج أن يفهموا تأثير استخدام وسائل التواصل الاجتماعي على العلاقات والعمل، والحد من الوقت الذي يقضونه على وسائل التواصل الاجتماعي، والتأكد من أن وسائل التواصل الاجتماعي، لا تعد أبدًا المكان المناسب لمناقشة تفاصيل حياتهم الشخصية، وسرد أسرارهم الزوجية.
هند يوسف