يكفي أن الزوج الصالح يبذل جهدا ليل نهار ليؤمن حياة كريمة لزوجته وعائلته، ويجتهد بكل ما لديه من قوة ليوفر لهم مايطلبون ويسعدهم بذلك، فنراه يواجه شتى المصاعب والمتاعب حتى يكسب ولو شيئًا قليلًا يسد حاجاتهم خصوصا لو كان هذا الزوج غير موظف ولا يمتلك راتبًا شهريًا يستند عليه ومطمئن لوجوده، فهناك من يعمل كاسبًا يتقن حرفة ما يجني منها رزقه؛ بل هناك من "يشتغل شفتات" بعِدة أشغال مختلفة في اليوم الواحد ويواجه الكثير من المشاكل والضغط الروتيني في كل يوم حتى يتمكن من سد الرمق.
فنجده غارقًا بالتفكير وكيفية التدبير ولا وقت لديه يضيعه بأمور أخرى حتى بالنسبة له كأمور من حقه ممارستها؛ لكنه يحرم نفسه لأجل عائلته ليدخر قروشه البيضاء للأيام السوداء.
ورغم كل هذا الحاصل تجد هناك زوجة "ربما تكون غير متفهمة" تتذمر من هذا الوضع وتسخط عليه قائلة: (يا رجال شوف هاي العالم جاي تلبس وتطلع وتسافر ترفّه عن نفسها إلا احنا..).
فيُجيبها بقهر: ( يابنت الحلال حقكم عليه بس الحال مو مثل بعضه..).
هذا نوع؛ والنوع الآخر تجدها متفهمة ولكنها تعاني مثلًا من - جفاف عاطفي- فذاك الرجل المثابر ليس "بسوبر مان" وإنما تتبدى قواه آخر النهار ويأخذ منه التعب مأخذه، فعندما يعود لمنزله قد لا ينتبه لزوجته الفاتنة وتأنقها لاستقباله أكثر من شمّه لرائحة الأكل اللذيذ ورؤية الفراش الدافىء الجميل فيشعر بالراحة التامة بعد تناوله الطعام ولا يسمع سوى صوت الوسادة الناعمة وهي تناديه هَلُم اليّ ياتَعِب! وما إن يستلقي يغط في نوم عميق مبكر، ولا زالوا أطفاله مستيقظين!.
فيُخال لها بأنه لا يهتم لأمرها وربما أصبحت مملة بالنسبة له وتأخذها الظنون حيث متاهات لا مخرج منها، والواقع يتحدث عن غير ذلك ويشفق على هذا الحال!
يعلم جميعنا أن المرأة عاطفية أكثر من الرجل، فرغم كل ما تقوم به طوال النهار من أعمال المنزل وخارجه معًا وتعليم الأطفال وتوظيب كل شيء مرارًا وتكرارًا؛ وبعضهن قد يفوق تعبها تعب الرجل في عمله آلاف المرات؛ إلا انها تبقى نشطة بفعل قلبها الرقيق العطوف، عكس ذاك المسكين الذي ينشط فيه عقله أكثر من قلبه فيدركه التعب مسرعًا، وهو لا يتمتع بالصفات المذهلة المجتمعة بتلك المرأة الخارقة!
فيا عزيزتي الزوجة الكريمة الرائعة نعلم أنكِ على حق في كل ما تشتكيه؛ ولكن نسألك العفو والرأفة بحال زوجك المعطاء وأن تشمليه بعطفكِ وحنانك وتستوعبي ما هو فيه، كونه لا يستطيع أن يكون مثلكِ أبدًا ولن يصل لمستوى قدراتك الهائلة وانجازاتك الفذة مهما بذل من جهد حثيث..
راعي كل ذلك عزيزتي وانظري له بعين المودة والرحمة وعددي نعمك بوجوده قبل كل شيء؛ فما دمتم تعيشون في بيت لم يطرق بابه من يطلب ثمن السكن فيه، وما دمتم تلبسون ما ترغبون ولم تبردوا يومًا، وتأكلون وتشربون ما لذ وطاب لكم ولم تناموا جوعى، تنعمون بالستر والأمان والعافية بفضل الله وفي ظل هذا الأب الصالح الذي يعود إليكم كل يوم محافظًا على راحتكم، فكري بكل ذلك ثم احكمي عليه! ماذا ستجدين؟ لكِ الجواب (……………).
إذن فلتمدي جناحيكِ وتضمي عائلتك وتحافظي عليها، ولا تُعُجلي ب "الزعل" الذي يضيع عليكِ أوقاتك وأيامكِ هدرًا، لكِ أن تعاتبيه بلُطف وستجدينه خجلًا معتذرا، فلا تظلميه فوق ظلم الحياة له، وكوني لشريك حياتك وعزيز قلبك سندا وعونا فلن تجدي مثله راعٍ لآخر العمر يخاف عليكم من كل سوء ويبذل مهجته فداكم!.
كوني انتِ واخلقي حلًا وأوجدي وقتًا لكما؛ كما تفعلين مع كل مشكلة تواجهينها فلا بأس إن تنازلتِ قليلًا بعد لتكافئيه وتسعديه وبالتالي تسعدين نفسكِ وعائلتك، وأنتِ تعلمين جيدًا بأنكِ قادرة على تخطي كل العقبات وستنجحين حتمًا ولكِ فوق جزيل الشكر والامتنان؛ جميل الأجر والثواب. والله ولي التوفيق..
حنان حازم - نقلا عن bshra