ويمكن لبعض الأزواج اليوم، وبداعي الملل أو الفتور في علاقاتهم الزوجية، يلجأون إلى التحدث مع آخرين عبر برامج المحادثة ومواقع التواصل الاجتماعي من أجل مشاركة مشاكلهم، ولكن البعض قد يظن أنه ليس هناك ضرر من إقامة صداقة مع الجنس الآخر عبر تلك المواقع، خاصة إذا كان المتحدث الآخر يبدي اهتماماً قد افتقده، ولكنها تظل خيانة، وإن لم تكتمل أركانها جميعاً.
إن مفهوم الخيانة تغير باستخدام التكنولوجيا إلى التواصل مع شريك أخر الكترونياً وإرسال رسائل وصور جنسية وفيديوهات بينهما، وقد يأتمنك صديق أو أخ على بياناته السرية كمعلومات البريد الإلكتروني أو مواقع التواصل، ومن الأمانة عدم تفحص تلك الحسابات ومعرفة ما بداخلها من معلومات، وقد يظن بعض الأشخاص أن حصولهم عليها يعطيهم ذلك الحق، ولكن الأمانة تحتم عليهم الحفاظ على تلك الخصوصيات حتى من أنفسهم.
إذا الخيانة الإلكترونية لا تقل ضرراً عن الخيانة العادية، حيث تعد الخيانة الإلكترونية من أخطر سلبيات التقدم التكنولوجي الهائل وانفتاح العالم على مصراعيه، بسبب الإنترنت الذي أدى بدوره الى ظهور مشاكل كثيرة ذات مردودات خطيرة منها الخيانة الإلكترونية.
والخيانة بشتى أشكالها وأنواعها من أبشع ما قد يتعرض له المرء، ولا توجد هناك خيانة بيضاء أو خيانة سوداء، فالخيانة في مجملها سلوك غير سويٍّ من الشخص ينم عن عدم الأمانة والثقة، وفي هذه الأيام ظهر نوع جديد أُطلق عليه الخيانة الإلكترونية، والتي تتعدد أشكالها، ولكنها تظل خيانة، وتستحق العقاب، وهناك الكثيرون يمارسونها ويستظلون تحت مظلة أنها افتراضية وليست واقعية، ولكن في نهاية الأمر هذا مبرر لتصرفاتهم الخاطئة فقط.
أسباب الخيانة الزوجية:
تعود أسباب الخيانة الإلكترونية الى تعدد وسائل الاتصال والتواصل عبر الانترنت وظهور كثير من البرامج التي جعلت من التواصل بين الجميع أمرا سهلا وجائز توافره في أي زمان ومكان، ومن أهم أسباب الخيانة الإلكترونية هي:
· هجر الزوج أو الزوجة لفراش الزوجية فترة طويلة، ينتح عنها تعطش عاطفي وفجوة نفسية، مما يجعل أحد الشريكين أو كلاهما يبحث عن المتعة فى علاقة أخرى، علاوة على استمرار المشاكل والخلافات الزوجية، وتراكمها وعدم حلها بشكل جذري.
· عدم الشعور بالاستقرار النفسي، وكذلك فإن السرية و وسهولة إخفاء الأحاديث وغيرها من الهاتف، والراحة التي يشعر بها الخائن أو الخائنة، عند كشف تفاصيل حميمة مع شخص غريب وغير موجود على أرض الواقع.
· كما تعود أٍسباب الخيانة الالكترونية الى ضعف التواصل بين الزوجين وانعدامه بعد ان سيطرت مواقع التواصل الاجتماعي على اهتمام الزوجين وانخراط كل منهما في عالم منفصل عن الاخر، اضافة الى الاهمال الذي يقتل الود محدثا فجوة كبيرة بين الزوجين.
الدلائل على وجود الخيانة الالكترونية:
أصبحت الخيانة الزوجية في يومنا هذا سهلة جدا باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يدخل الشخص للشات من خلال فيسبوك، فيتعرف على امرأة افتراضية في البداية، ثم تتحول لحقيقية لاحقا، فمن كان مستعدا للخيانة الزوجية يذهب ويلتقي بمن تعرف عليها عبر فيسبوك وتبدأ العلاقة، أما الزوجة فربما لا تشك، ولكن قد تنكشف اللعبة، وتحدث الكارثة وتنتهي العلاقة الزوجية، وهذه السهولة لا تنطبق على الرجال فقط، بل يمكن للزوجة أيضا إيجاد عشيق لها عبر فيسبوك أو توتير فتدخل في المحادثة بغياب زوجها، ويقع الزواج في الهاوية.
فضلا عن تغيير معاملة الطرف الخائن مع شريك حياته، توجد دلائل كثيرة تدل على ذلك ومنها اكتشاف الامر من خلال رسالة عبر الانترنت او اتصال او صورة تفضح وجود علاقة غير سليمة للطرف الذي اصبح فريسة للخيانة الالكترونية، والغريب انه مهما حاول الطرف الخائن اخفاء خيانته الا ان امره قد ينكشف نتيجة خطأ ما، فكثير من الخفايا تكتشفها الزوجات عبر رسائل محفوظة على وسائل التواصل الاجتماعي او الواتس اب وغيرها من طرق التواصل الحديثة.
كذلك الأمر بالنسبة للشباب غير المتزوجين الذين لم يعرفوا حتى اليوم استخدام هذه الوسائل، إذ إنها لاتزال وسيلة لمضيعة الوقت فقط، والغربة الاجتماعية عن المحيط، وعلى الرغم من فوائد هذه التقنية في المجال العملي، والاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، إلا أنها سلاح ذو حدين، سببت العديد من المشكلات الزوجية، وهددت الكيان بالطلاق، وسببت الكثير من المشاكل الاجتماعية للشباب، وأدت إلى عزلتهم عن المحيط.
فقد اتاحت مواقع التواصل الاجتماعي بصورة خاصة عالماً واسعاً من الأشخاص والتواصل معهم بحرية تامة وخصوصية مزيفة، والتي بدورها جعلت الخيانة أسهل من عدة نواحي:
· ليس هناك خوف من يراهما أحداً، فعلاقتهم تكمن على الانترنت
· تحد من الأمراض المنقولة جنسياً.
· ليس هناك قلقاً من إيجاد الوقت والمكان المناسب للخيانة.
· بالإمكان إخفاء الهواتف الذكية التي تساعد على الخيانة أو وضع كلمة سر عليها.
· قد لا تكون هذه الخيانات الالكترونية في بدايتها بالأمر الكبير، إلا أنها مع مرور الوقت، تصبح مثلها مثل الخيانة الطبيعية تمامً، فقد تتكون مشاعر حب ما بين الطرفين، مما يتسبب في هجر الشريك عاطفياً وإحداث فجوة عميقة فيما بينهما.
· ويشير بعض علماء النفس أن الخيانات الالكترونية من شأنها أن تكون الخطوة الأولى في طريق الخيانة المتعارفة، مسببة بذلك الأذى النفسي للشريك وحتى الطلاق في العديد من الأحيان.
وعليه فهناك قصص وحكايات كثيرة عن الخيانة الإلكترونية أكثر من أن تعد نتيجة غياب الرقابة، سواء كانت الأسرية أو المجتمعية، مع وجود الفراغ وغياب الوازع الديني وإدمان الجلوس أمام الحاسوب لفترات طويلة للتسلية، والنتيجة في النهاية خيانة زوجية، ولاشك في أنّ النجاح في الزواج لا يكون بمحض الصدفة أو على طبق من ذهب أو فضة، بل يتطلب بذل كثير من الجهد والصبر والحكمة والدراية، للتكيف مع الطرف الآخر وتقبل طباعه ودعمه ومشاركته في إطار تبادلي وبعيد عن الحسابات، وتضخيم الأخطاء، ومادام مضمون الزواج سليما سيعكس على الزوجين صحة وسلامة من كل المشكلات والأمراض، لارتباطه بالنضوج النفسي والانفعالي العاطفي.
لذلك لا يعتبر الرجل دائما هو المذنب في إدمانه على مواقع التواصل الاجتماعي، أحيانا المرأة قد تكون أحد أسباب ذلك، وان انشغال الزوجة الدائم بالجلوس لساعات طويلة أمام الحاسوب وهروبها من القيام بواجباتها ممكن ان يلجظه الزوج ويفتح مجالا للشك في زوجته.
البداية والنهاية للعلاقات الإلكترونية:
إن أغلب العلاقات تبدأ بالتعارف ثم الكلام المعسول والإعجاب، والوقوع في علاقة محرمة، إما بالكلام المتبادل عن الجنس أو مكالمة صوتية أو هاتفية أو عبر الفيديو، ويمكن أن يكون لتلك العلاقة أغراض دنيئة بحيث يحاول الشاب الإيقاع بضحيته من خلال تسجيل أحاديث ومكالمة وصور وفيديوهات، ثم يجبرها على ممارسة الجنس مقابل عدم إفشاء أسرارها، وكذلك فإن معارف السوء فإنه من السهل الدخول في تلك العلاقات، ولكن من الصعب الخروج منها بسلام حيث تخلف وراءها مشاكل اجتماعية، ونفسية التي تدمر الأسرة والمجتمع، والانفتاح على التواصل الاجتماعي دون انضباط وﻻ رقيب ساعد على انتشار الخيانة، علاوة على قله الوازع الديني منذ الصغر من خلال التربية الخاطئة .
دور الإعلام في الخيانة الالكترونية:
مبررات كثيرة وحجج لا تنتهي يلجأ إليها المتزوجون للخيانة الزوجية الإلكترونية عبر مواقع الدردشة، كأسرع طريق لعلاج المشاكل الزوجية التي تمر بهم، خاصة في ظل الظروف الحالية التي نمر بها، وما نجده في إعلامنا هو مجرد عرض لهذه الظاهرة وكأنها شيء عادي، دون محاولة لطرح هذه الظاهرة كمشكلة وإيجاد حلول لها، وهذا ما يتطلب الاهتمام من قبل القائمين على الإعلام بهذه النواحي، وأن يقدّموا برامج ومسلسلات وأفلاماً تتناول الظاهرة، خصوصاً أن مواقع التواصل الاجتماعي وبرغم انتشارها الكبير تُعتبر تجربة جديدة بالنسبة لشريحة واسعة من المجتمع، وقد يُساء استعمالها من قبل المستخدمين الحديثين لهذه الوسائل، وأغلبهم يكون من فئة المتزوجين، لذا لا بد من إعادة زرع قيم المحبة والوفاء والأخلاق التي تربينا عليها والتي بدأنا نفقدها هذه الأيام.
طرق العلاج والوقاية من الخيانة الالكترونية:
هنا لا يسعنا الا ان نذكر أن التقرب من الله عز وجل ومعرفه الحكمة الربانية من الرابط المقدس والحكمة من البعد واﻻنذار من العلاقات غير المقدسة بل المدنسة، والتفاهم والتجديد والقرب من الشريك والتودد له أسهل وأفضل من بدائل غير شرعية، وعلينا أن نعزز السلوكيات اﻻيجابية لتحل محل السلبية، وعدم تفتيش الزوج و وراء زوجها بل تفتش فى ذاتها وتتطور من نفسها وتنوع فى حياتها وأسلوبها، وأيضا مشاركة اﻻزواج بعض الاهتمامات معا، والحوار والإنصات والصداقة بينهما أفضل من أصدقاء الهواتف النقالة، واختيار اﻻوقات المناسب و للحديث فى امور تعزز الثقة والحب بينهما ، لأنه فى القرب حسنات وفى الهجر حسرات .
كما يمكن التغلب على الخيانة الالكترونية من خلال مجموعة من النصائح الهامة للزوجين وهي:
• التفكير في آثار الخيانة الالكترونية، واعادة تقييم دور شريك الحياة واهميته في العلاقة حتى يدرك كل طرف أهمية الإخلاص لشريك الحياة وكيف ستكون الحياة اذا ما تعرضت العلاقة للفشل وخصوصا اذا كان هناك اطفال.
• انعاش العلاقة بين الزوجين بالتغلب على الملل والروتين ومحاربته باحداث تغيرات ايجابية لها ان تخلق مناخا جيدا لتنمو مشاعر جديدة بين الزوجين.
• حرص طرفي العلاقة على الاهتمام والتواصل فيما بينهما لتعزيز أواصر المحبة والود بينهما.
• زيادة الوعي الديني والتفكير في اسباب منع الخيانة بكل انواعها والبعد عن أي امر شائك قد يكون مدخلا ميسرا لحدوث الخيانة الالكترونية.