وكذلك روي أنه لا يسأل في قبره إلا هذان الصنفان خاصة.
فعلى ما جاء به الأثر من ذلك يكون الحكم ما ذكرناه.
وأما كيفية عذاب الكافر في قبره، ونعيم المؤمن فيه، فإن الأثر أيضا قد ورد بأن الله تعالى يجعل روح المؤمن في قالب مثل قالبه في الدنيا، في جنة من جنانه، ينعمه فيها إلى يوم الساعة، فإذا نفخ في الصور أنشأ جسده الذي بلي في التراب وتمزق، ثم أعاده إليه وحشره إلى الموقف، وأمر به إلى جنة الخلد، فلا يزال منعما ببقاء الله عز وجل.
غير أن جسده الذي يعاد فيه لا يكون على تركيبه في الدنيا، بل يعدل طباعه ويحسن صورته فلا يهرم مع تعديل الطباع، ولا يمسه نصب في الجنة ولا لغوب.
والكافر يجعل في قالب كقالبه في الدنيا، في محل عذاب يعاقب به، ونار يعذب بها حتى الساعة، ثم ينشأ جسده الذي فارقه في القبر، ويعاد إليه، ثم يعذب به في الآخرة عذاب الأبد، ويركب أيضا جسده تركيبا لا يفنى معه.
وقد قال الله عز وجل: (النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب).
وقال في قصة الشهداء: (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون) وهذا قد مضى فيما تقدم.
فدل على أن العذاب والثواب يكون قبل القيامة وبعدها، والخبر وأرد بأنه يكون مع فراق الروح الجسد في الدنيا.
والروح هاهنا عبارة عن انفعال الجوهر البسيط، وليس بعبارة عن الحياة التي يصح معها العلم والقدرة، لأن هذه الحياة عرض لا يبقى، ولا يصح عليه الإعادة.
فهذا ما عول عليه أهل النقل، وجاء به الخبر على ما بيناه.
المصدر: المسائل السروية