ينجذب معظم الأطفال إلى الحيوانات بشكل فطري، وقد يشكل ردّ فعلهم وتعاملهم مع الحيوانات عنصراً مهماً في بناء شخصيتهم، فالطّفل الذي يبدأ بتعلّم المشي، عندما يصادف نملةً أو ضفدعاً في حديقة المنزل تجده يحاول الوصول إليه وضربها أو لمسها ففضوله يدفعه لمعرفة الأشياء المحيطة به واكتشافها، وهنا يأتي دور الوالدين لنهيه عن إيذاء الحيوان بغض النظر عن حجمه أو شكله، فالعطف على الحيوانات إن كان حيوانك الأليف أو الحيوانات الأخرى ورعايتهم من قبل طفلك في سن مبكرة؛ يغرز لديه محبة الآخرين والاعتناء بمن حوله.
معظمنا شاهد رد فعل طفل صغير عندما يرى حيواناً، فتسمعه يصرخ فرحاً لرؤية قطة تركض أو يرمي حجراً على كلب ينبح أو يحاول لمس أغنام تسير إلى جانب الطريق، فهل يمكن توقع تصرف هذا الطفل عندما يقترب من هذا الحيوان؟ الإجابة ببساطة، كلا.
يختلف هذا السلوك من طفل إلى آخر ولا يمكنك توقع تصرفه قبل رؤية ما سيفعله، لذا من المهم جداً تعليمه كيفية التصرف والتعامل مع الحيوانات بمختلف أنواعها، وهنا بعض النصائح التي يجب عليك تجربتها مع أطفالك لتعلمهم السلوك الصحيح والتعامل السوي مع الحيوانات: [1]
كن قدوة لطفلك: كن قدوةً لطفلك في كيفية التعامل مع محيطه، فالطفل يبدأ التعلّم من والديه أولاً، يراقب تصرفات الكبار من حوله، ويقلّد سلوكهم، لذا يجب أن تكون حذراً في التّصرّف أمامهم أثناء تعاملك مع الحيوانات، فهي أفضل طريقة لجعل الأطفال رحيمين وعطوفين مع الحيوانات، وكيفية مداعبتها واللعب معها.
وضع قواعد التعامل مع الحيوانات: ضع قواعد حازمة وخطوط حمراء لطفلك عند تعامله مع الحيوان، ثم اشرح له سبب أهميتها، ومن هذه القواعد والنصائح التي يجب تلقينها لطفلك هي:
لا تسحب أذني الحيوان أو ذيله.
لا تضرب أو تحاول دعس حيوان، قد يشعره بالخوف والذعر من الحيوان بسبب تصرفهم.
عدم الاقتراب من الحيوان عندما يهسهس أو يكون غاضباً.
طلب الأذن قل الاقتراب من حيوان أليف، ليس فقط من باب احترام الآخرين وأصول التعامل الاجتماعي، ولكن أيضاً لأن مالك الحيوان الأليف يعرف إن كان تعامل الطفل مع الحيوان آمناً لكليهما.
أشرف على طفلك أثناء احتكاكه مع الحيوانات بشكل مباشر: وذلك لتصحيح أي سلوك خاطئ قد يصدر عن الطفل أو يُشعر الحيوان بالتهديد واملي على الطفل كيفية التصرف بهدوء.
أظهر أفضل الطرق لمداعبة الحيوان الأليف: من أفضل السلوكيات التي قد تساعد الأطفال في تعاملهم مع الحيوانات هو كيفية الاقتراب من حيوان، فعليه أن يكون هادئاً ويتكلم بهدوء حتى لا يشعر الحيوان بالخطر. أو أن يمد الطفل يده ويداعب الحيوان على رأسه أو يلمس صدره، ولكن يجب أن يتم الأمر تحت مراقبة الوالدين أو شخص بالغ.
علّم طفلك متى عليه ألّا يقترب من الحيوانات: من أهم الأمور التي عليك تلقينها لأطفالك ألا يقتربوا من الحيوان في حالات معينة، على سبيل المثال عندما يكون الكلب غريباً متشرداً وتبدو عليه أمارات العداء.
تشجيع الطفل على السلوك الصحيح: حفّز طفلك بعبارات التشجيع وكلمات المديح عند إبداء السلوك اللطيف تجاه الحيوانات، مدح سلوك الأطفال عندما يبدون الصبر والعطف على الحيوانات سيعزز السلوك الإيجابي لديهم وسيمنحهم ثقة أكبر بأنفسهم.
علّمه كيفية التصرف الصحيح عندما يشعر بالخوف من الحيوان: فمثلاً لو شعر الطفل بالخوف من الحيوان ذكّره بأن يبقى هادئاً ويتوقف عن الحركة كي لا يشعر الحيوان بخوفه مما يهيج الحيوان وقد يهاجمه.
علّم طفلك كيفية تقديم المساعدة للحيوانات: هناك العديد من الطرق التي يمكننا من خلالها تدريب الأطفال لمساعدة الحيوانات مما يمنحهم الإحساس بالمسؤولية وأهمية عملهم، ومن هذه الطرق العطف على الحيوان وإطعامه وسقايته.
قم بالتسجيل بمراكز رعاية الحيوانات: وشارك طفلك في الحملات التطوعية والتبرعات للحيوانات.
احضر حيواناً أليفاً إلى المنزل: كالقطط والكلاب والسلاحف والطيور.. دع طفلك على احتكاك مباشر معه، لكي يميّز السلوك الصحيح من الخاطئ من خلال التجربة، وفي حال أراد الاحتفاظ به لا ترفض، بل شجعه على هذا القرار. في حال كان طفلك معرّضاً لخطر الإصابة بالحساسية استشر الطبيب.
دع الطفل يتولى مسؤولية العناية بالحيوانات: لكن تحت إشراف شخص بالغ كأن يقوم بتقديم الطعام والماء للحيوانات أو مشاركتهم اللعب والمشي بجوارهم ولكن بحب ومودة مما يساعد الطفل في كسب الثقة بنفسه في كيفية التعامل مع الحيوانات بدون خوف أو رهاب.
اجعلهم يتعلمون عن الحيوانات: من خلال الكتب والبرامج التلفزيونية والأفلام، كأن تسميهم بأسماء بسيطة وتكلم عن صفات ذلك الحيوان وما الذي يجعله فريداً ومتميزاً عن غيره، أضف المزيد من المعلومات عن هذا الحيوان مثل: موطنه وماذا يأكل وكيف تتم العناية به، ومع تقدم الطفل بالعمر احضر له قصصاً عن الحيوانات ليقرأها بنفسه.
القيام برحلات إلى حدائق الحيوانات: والمنتزهات والمحميات الطبيعية والمزارع، وهذه الرحلات ستكون مفيدة لجميع أفراد الأسرة.
قد تبدو مسألة الرفق بالحيوان نوعاً من الترف الاجتماعي بالنسبة للبعض، لكن ما يجب أن تعرفه أن تعليم الأطفال الرفق بالحيوان هو جزء أساسي من تربيتهم على احترام بيئتهم التي يعيشون فيها بكل عناصرها، بل أن السلوك العدواني الذي يبديه بعض الأطفال تجاه الحيوانات قد يكون مؤشراَ خطيراً على اضطرابات الشخصية وأبرزها اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع، ويمكن تلخيص أهمية تعلم الطفل الرفق بالحيوان:
احترام البيئة التي يعيش فيها الطفل: فالرفق بالحيوان هو من مظاهر التأقلم مع البيئة التي نحيا بها، وضبط أساليب التعامل مع هذه البيئة، كما أن الرفق بالحيوان ينّمي عند الطفل نزعة الحفاظ على عناصر البيئة الطبيعية المهددة أكثر من أي وقتٍ مضى.
عدم التعسّف باستخدام القوّة: تعذيب الحيوانات هو تعبير عن القوة التي يمتلكها الإنسان، وتربية الطفل على الرفق بالحيوانات يعني تربيته على ضبط استخدام القوة والتفوّق الفكري والبدني بشكل أخلاقي وإنساني، فليس كل من يملك سوطاً يجب أن يكون جلّاداً.
العطف والتعاطف: التعامل مع الحيوانات الأليفة من الأساليب الجيدة لتنمية التعاطف عند الطفل، كما أن بعض الأطفال الذين يمرّون بصدمات نفسية يحتاجون لوجود الحيوانات الأليفة في حياتهم كجزء من العلاج.
تنمية الشخصية: الطريقة التي يتعامل فيها الطفل مع الحيوانات ومع كل بيئته المحيطة لا تتجزأ عن نمو شخصيته ومفاهيمه ومنظومته الأخلاقية، والرفق بالحيوان تنطبق عليه القاعدة التربوي "لا يكفي أن تتجاهل ذكر السلوك السلبي ما دام الطفل لم يلجأ إليه، بل يجب أن تعزز السلوك الإيجابي وتعزز كره الطفل للسلوك السلبي".
تنمية المعرفة: عالم الحيوان هو عالم غني بالمعلومات المفيدة والشيّقة، لكن إن لم يكن الطفل قادراً على احترام الحيوانات والتعامل معها بلطف لن يتمكن من اكتشاف أسرار هذه العالم أو الاستفادة منها.
لا يزال معظمنا متمسكاً بتلك الحكايات التي كان يسمعها من جدته أو والديه قبل النوم، وكيف انعكس تأثير تلك القصص على شخصياتنا، فلا نزال نشعر بالغبطة والبهجة حين نروي تلك القصص لأطفالنا، وكيف أنها غرست فينا قيم ومبادئ كانت الأساس الذي ترتكز عليه أخلاقياتنا وتصرفاتنا، ولا سيما تجاه الحيوانات فلا يخفى على أي أحد حب الأطفال للحيوانات ورغبتهم العارمة في معرفتها عن قرب، وكيف تلمع أعينهم عند سماع اسم حيوان يعرفونه مسبقاً ومن أشهر تلك القصص التي تعلمنا الرفق بالحيوان والعطف عليه:
قصة الرجل الذي دخل الجنة في كلب: هذه القصة المستوحاة من السنة النبوية الشريفة، فقد قال رسول الله ﷺ :"إنّ الله غفر لرجل رأى كلباً كان يلهث من شدة العطش، فسقاه". فهنا يحثّنا الإسلام على أهمية الرفق بالحيوان وإطعامه وسقايته وتقديم الرعاية الطبية له عند الحاجة.
قصة الجمل الذي شكى حزنه للنبي ﷺ: يقال أن النبي الكريم كان يسير مع أصحابه في أحد الأيام، فإذا به يمر بجمل يئن من الحزن، فنادى الرسول ﷺ صاحب الجمل وأمره برعايته والرأفة به وقال له: "إنه شكي كثر العمل وقلة العلف فأحسنوا إليه". فهذا هو النبي ﷺ الرحيم الذي نقتدي به ونتبع نهجه وسنته الذي أرسل رحمة للعالمين جميعاً ليس للبشر فقط بل لجميع الكائنات الحية.
قصة المرأة التي دخلت النار بهرة: ومن الأحاديث التي تبين للأطفال أهمية الرفق بالحيوان ما روي عن النبي ﷺ أنه قال: "عُذّبت امرأة في هرّة ، سجنتها حتى ماتت ، فدخلت فيها النار ؛ لا هي أطعمتها ، ولا سقتها إذ حبستها ، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض". فكان تعذيب المرأة للقطة وحبس الماء والأكل عنها عملاً منكراً أوجب عليها أقصى العقوبة.
كنْ على دراية تامة كونك أباً أو أمّاً فأنت القدوة الأولى لطفلك ومثله الأعلى دوماً، لذا فمن أفضل الطرق التي يمكننا من خلالها تعليم الأطفال كيفية التعامل مع الحيوانات هي أن نظهر لهم سلوكيات العطف واللين تجاه الحيوانات.
فالطفل مراقب دقيق ويلاحظ السلوكيات بتفاصيلها الصغيرة ثم يحاول تقليدها، يتعلم بسرعة ونهم وغالباً ما يكتسب المعرفة من سلوك والديه صحيحاً كان أم خاطئاً.
لكي تكون قدوة حسنة لطفلك اجعله يراقب تصرفاتك مع الحيوانات، كأن تقدم المساعدة لحيوان جريح أو تطعم قطةً جائعة أو تسقيها. هذه الطريقة رائعة للأطفال لتنمية مهاراتهم العقلية ونمو ذكائهم العاطفي، فيتعلمون كيف يكونوا عطوفين ورؤوفين مع الحيوانات وكيفية الاقتراب منها وكيفية مداعبتها.
كما أنّ ديننا الإسلامي حثنا على معاملة الحيوان معاملة حسنة لما له من فوائد لا تعد ولا تحصى بدءاً من تحقيق التوازن في الطبيعة إلى الاستفادة من بعضها كوسيلة نقل أو استخدامه طعاماً.