ومن هنا كانت كربلاء وعاشوراء الإمام الحسين (ع) هي الحدّ الفاصل بين الإسلام في صورته المزيّفة التي سُخِّرَ فيها الدّين من أجل الأنا والمصلحة الذاتيّة، وبين الإسلام الحقيقيّ الذي سَخّر الإنسانُ فيه كلَّ ما يملك من أجل الله عزّ وجلّ، فعاشوراءُ الإمام الحسين (ع) بكلّ تفاصيلها الدامية صورٌ حيّة لكلّ القيم التي جاء من أجلها الإسلام.
ولا نريد هنا استعراض تلك الصور المعبّرة عن حقيقة الدين، حتّى أصبحت واضحة للعيان من خلال كربلاء، وإنما نؤكّد على أنّ الإسلام الذي ولد من رحم السلطة حاول أن يُسَخِّرَ كلّ الدين من أجل الحاكم، فكانت عاشوراء إعادة الدين إلى مساره الطبيعيّ، وهو تسخير كلّ شيء وجعله يدور حول الله عزّ وجلّ، ولولا ذلك الحدّ الفاصل الذي رسمه الإمام الحسين (ع) بدمه في كربلاء لم يبقَ للدّين حقيقة، وبذلك أصبحت عاشوراء الحسين عليه السلام رمزاً للإسلام المحمديّ الأصيل، يقف عندها المؤمنون ليعيدوا انتماءهم لله عزّ وجلّ عبر الحسين (عليه السلام)، ومن هنا صدق مَن قال: إنّ الإسلام محمّدي الوجود، علويّ الصّمود، حسينيّ البقاء.
فتمسّكُ الشيعة بالحسين (ع) علامة إيمانيّة وحالة إيجابيّة، تحسب لهم لا عليهم؛ لأنّها تعبّر عن وضوح الرؤية وتكامل الفهم، فلو لَـم ينتمِ الشيعة للإمام الحسين (ع)، ولم يملؤوا الدنيا ضجيجاً ونواحاً بدماء الحسين، لكان في أصل إسلامهم إشكالٌ، فهل للإسلام حقيقة وجوهر غير التوحيد؟ وهل للتوحيد حقيقة دون رفض الطاغوت والكفر به؟ فأيّ رفض كرفض كربلاء؟ وأيّ تسليم كتسليم الحسين (ع) في عاشوراء؟ فحضور الحسين (ع) في أيّ دين هو دليل استقامةٍ على الصراط، ومن هنا كان اسم الحسين (ع) هو الشعار الذي يرفعه السائرين على نهج الصالحين والمفارقين لسبيل الظالمين.
*نقلا عن مركز الرصد العقائدي